هو أبو سالم ميثم بن يحيى التمار النهرواني العجمي (رحمه الله)، كان يبيع التمر بالكوفة فلُقب بالتمار، مولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وخاصته وحواريه، ومستودع أسراره ومغرس علومه. كان عنده علم المنايا والبلايا والتفسير وصلابة الإيمان واليقين، زاهد صوام قوام فصيح بليغ راعية الحق، وله شأن عند الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله).
كان شأن ميثم (رحمه الله) شأن سلمان (رحمه الله) مع النبي (صلى الله عليه وآله). كان سلمانُ مملوكاً في المدينة وكان ميثمُ مملوكاً في الكوفة، فاشتراه أميرُ المؤمنين (عليه السلام) وأعتقه وقرّبه وأدناه، حتى صار من أقرب الناس إليه، وما قتله ابنُ زياد إلاّ على هذه الصحبة وعلى الشهرة بالولاء.
وكان أميرُ المؤمنين (صلوات الله عليه) يحبّ ميثماً حبّاً جمّا، وكان (عليه السلام) يخرج من الجامع فيجلس إلى ميثم (رحمه الله) في دكانه يحدّثه وميثم بائع تمر.
أحضره ابنُ زياد وقال له: لتبرأن من علي (عليه السلام) وتتولّى خلافة عثمان أو لأقطعنّ يديك ورجليك وأصلبك! فأبى ميثمُ (رضوان الله تعالى عليه) ولم يذكر مولانا علي (عليه السلام) إلاّ بالعظمة والعلم، فأمر ابنُ الأَمة الفاجرة عبيدُ الله بن زياد بقطع يديه ورجليه وصلبه على الخشبة، فلمّا رُفع على الخشبة صاح بأعلى صوته: أيّها الناس، من أراد أن يسمع الحديث المكنون عنعليّ بن أبي طالب قبل أن أُقتل، والله لأخبرنكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة وما يكون من الفتن. وأقبل يحدّث الناس وهم مجتمعون حوله بفضائل علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)وبني هاشم والعجائب وبمخازي بني أمية وهو مصلوب على الخشبة، فقيل لابن زياد: لقد فضحكم هذا العبد، فقال: ألجموه، فأُلجم بعدما طُعن بالحربة، فكان أوّل خلق الله أُلجم في الإسلام وهو يحدّث، بعدما ابتدر منخراه وفمه دماً عبيطاً، فأمر اللعين ابنُ زياد بقطع لسانه ليقطع بيانه، فقطعوا لسانه فخضبت لحيته بالدماء، ثمّ طعنه لعينٌ في خاصرته فأجافه، فكبّر وفاضت روحه الزكية.
ثم اجتمع سبعةٌ من التمّارين فتواعدوا على دفنه ليلاً في المحلّ الذي هو قبر ميثم (رحمه الله) اليوم