جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى عليه وسلم، وأخو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علية السلام، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم الهاشمية، وكنيته أبو عبد الله. وهو ثالث أبناء أبيه بعد طالب وعقيل، وأكبر من علي بعشر سنوات. ولد في مكة المكرمة سنة 34 قبل الهجرة، وكان من السابقين الأولين في الإسلام. هاجر مع زوجته أسماء بنت عميس الخثعمية الهجرة الأولى إلى الحبشة.
ويلقب بالطيار وبأبي المساكين بسبب بره بالفقراء والمساكين، وبذي الهجرتين لأنه هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة،فكانا من أوائل المهاجرين إليها، وولد له فيها أبناؤه: عبد الله وعوف ومحمد.
كان أشد أقارب النبي صلى الله عليه وسلم شبها به, أحبَّ الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأقربهم إلى قلبه، وكان يشبهه عليه السلام وفيه يقول: أما أنت يا جعفر فأشبهت خَلْقي وخُلقي، وأنت من عترتي التي أنا منها...
وهو أول سفير في الإسلام، وأول من حمل رسالة إلى ملك الحبشة. وقد أسلم على يديه ملك الحبشة النجاشي وعدد من أهلها، وكان له في الحبشة موقف متميز دافع فيه عن الإسلام دفاعاً مؤثراً أمام النجاشي, عندما جاء عمرو بن العاص على رأس وفد من قريش يطلب إخراج المسلمين منها، فاقتنع النجاشي عند ذلك بالإسلام، ورفض طلب القرشيين، وأعلن إسلامه وحمى المسلمين في بلاده.
مكث جعفر في الحبشة أربعة عشر عاماً وهو أمير المهاجرين ومن أسلم من أهلها يعلمهم فضائل الدين الحنيف ويدعو إلى الإسلام. وفي السنة السابعة للهجرة عاد هو وأهله وجماعة من المسلمين على سفينتين إلى المدينة ـ وهم آخر من عاد من الحبشة ـ وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر فالتزمه عليه السلام وقبل ما بين عينيه واعتنقه، وقال: ((والله لا أدري بأيهم أنا أُسر ! أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر)). وأنزله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد، وأسهم له من غنائم خيبر.
وفي السنة الثامنة من الهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً إلى مؤتة ـ وهي قرية من قرى الشام، وتقع الآن في محافظة الكرك جنوب الأردن ـ وبعد تجهيز الجيش قال: عليكم زيد (بن حارثة)، فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب فابن رواحة (عبد الله بن رواحة)، وكان اختيار الرسول عليه السلام جعفراً أحد قادة الغزوة ، على أهميتها وخطورتها دليلاً على كفايته القيادية وشجاعته الفائقة، حيث إن هذه المعركة تعتبر المعركة التمهيدية الحقيقية لفتح بلاد الشام، وتأسيس أول ركن لدولة الإسلام خارج الجزيرة العربية، وبعد أن بدأت المعركة واستشهد زيد بن حارثة، تسلم القيادة واللواء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنها فأخذ اللواء بيمينه فحارب حتى قطعت يمينه، فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل، فسقط مضرجاً بدمائه دون أن يسقط اللواء على الأرض، حيث التقطه بعض الجنود. وفي جسمه نحو تسعين طعنة ورمية, فقيل إن الله تعالى عوضه عن يديه بجناحين في الجنة, ولذلك سمي جعفر الطيار أو جعفر ذو الجناحين.