TODAY - 20 June, 2011
الرغبة في الهجرة وتحسين الأوضاع الاقتصادية تدفع لزيجات غير متكافئة
عراقيون مغتربون مسنون يتزوجون من صغيرات في الوطن
تزداد ظاهرة زواج فتيات عراقيات صغيرات من مغتربين مسنين
وسيم باسم من بغداد
تتزايد في العراق ظاهرة زواج مغتربين عراقيين مسنين من فتيات دون علم زوجاتهم وأولادهم في دول المهجر، يستغلون رغبة الصغيرات في السفر الى اوروبا او الولايات المتحدة والإقامة فيها وجهلهن بالقوانين الأجنبية التي تمنع تعدد الزوجات.
تكشف وقائع اجتماعية عن تزايد ظاهرة زواج فتيات عراقيات من مغتربين عراقيين، يزورون بلدهم للسياحة ومعاودة الأهل لكنهم يعقدون قرانهم على فتيات يصغرنهم كثيرا في السن، ومن دون علم زوجاتهم وأولادهم في دول المهجر.
وغالبا ما يقدم هؤلاء أنفسهم على أنهم أثرياء، وأن زواجهم الجديد يتم بعلم عائلاتهم في بلدان المهجر، كما ان البعض منهم يتحجج بأنهم أرامل أو ان زوجاتهم يعانين عللا مرضية، أو ما شاكل ذلك.
ويستغل هؤلاء الذين غالبا ما تكون أعمارهم في الخمسينات والستينات رغبة العراقيات في السفر الى أوروبا او الولايات المتحدة والإقامة فيها، كما يستغلون جهل الفتيات بالقوانين الأوروبية التي لا تسمح بالزواج المتعدد، ليقنعوا أهل الفتاة بزواج مثالي لا تشوبه شائبة . وفي الغالب وبعد ان يتم عقد قران الفتاة عن طريق شخص يسمى ( ملة ) وهو رجل دين أو (سيد)، يسافر العريس الى المهجر حيث أهله وعائلته بحجة إكمال الأوراق الرسمية، ليعود بعد شهرين او ثلاثة مقنعا الفتاة بأن بقاءها في العراق افضل، وانه سيشتري او يؤجر لها بيتا ويعاود زيارتها كل شهرين او ثلاثة.
أمثلة من الواقع
وتكشفت حالات في مدن العراق ان بعض هؤلاء يتزوجون من قاصرات او فتيات لا يناسبنهم عمرأ في غالب الأحيان.
(أبو احمد، 60 سنة ) المقيم في لندن منذ عشرين سنة قدم الى مدينته الحلة (100 كم جنوب بغداد) مدعيا انه صاحب شركتين كبيرتين في لندن ليتزوج من فتاة في الثالثة والعشرين .
وكان من شروط الزواج انتقال زوجته معه الى لندن حيث يعيش، لكنه وبعد إتمام الزواج قرر إبقاءها في مدينة الحلة، رافضا سفره معها .
ولم يكن أبو أحمد في حقيقته رجل أعمال، فقد اكتشف إخوة الفتاة بعد التحري انه يعيش على راتب الرعاية الاجتماعية في لندن وله خمسة أولاد . وكان أبو احمد أكد لهم جواز اصطحاب زوجته معه قانونيا الى لندن، لكن أخ الفتاة عرف بعد فترة ان ما قاله ابو احمد غير صحيح لان تعدد الزوجات ممنوع في المملكة المتحدة . ويزور أبو احمد زوجته الجديدة كل أربعة اشهر، ليوزع أوقاته بين لندن والعراق.
الزوجة الأولى لا تعلم
وبحسب الأخ الأكبر للفتاة فان زوجته السابقة لم تعلم بأمر الزواج لكنهم تعمدوا إيصال الخبر اليها، لتبدأ المشاكل التي انتهت برفض زوجته الجديدة لقاءه في زيارته الأخيرة الى العراق في 2011.
وتقول بعض الإحصاءات إن عدد المغتربين العراقيين بلغ ما يقارب الخمسة ملايين عراقي، من كلا الجنسين، وهؤلاء أكثرهم ممن تَسنى لهم الإقامة في الدول الأوروبية وأميركا واستراليا.
زواج رخيص وسهل
وشهد المجتمع العراقي بعد عام (2003) تزايدا في نسبة الهجرة إلى دول الجوار بسبب أحداث العنف والتهجير القسري، وانتشرت ظاهرة زواج العراقيات من الجنسيات الأخرى بين المهاجرين المقيمين في دول الجوار مثل سوريا والأردن ولبنان ومصر ودول الخليج، وبين المغتربين في أوروبا و أميركا واستراليا حيث وجد هؤلاء في الفتيات العراقيات مشروعا سهلا ورخيصا للزواج بسبب الحالة الاقتصادية المتردية لأغلب العائلات اللاجئة والمهاجرة من العراق .
وإذا كان زواج أبو احمد تقليديا فان البعض يتزوج بطريقة هي اقرب ما تكون إلى الزواج "العرفي"، من دون موافقات رسمية أصولية، معتمدا على اعتراف رجل دين بهذا الزوج .
تبريرات دينية واجتماعية
ولم تصقل سنوات الحياة الطويلة في الغرب، بعض الرجال من الزواج بفتيات صغيرات، بل ويضعون التبريرات الدينية والاجتماعية التي تجيز لهم فعل ذلك، محاولين عبثا ملاءمة أفكارهم حول مفهوم الزواج وتصرفاتهم تجاه الزوجة التي يعدونها ناقصة عقل و دين مع حياة غربية يعيشونها لا تسمح لهم بذلك ليبدأ التناقض في المفاهيم ويقود إلى زيجات فاشلة .
وبينما يؤكد حسن الجبوري المقيم في السويد، ان بعض العراقيين المتزوجين تزوجوا ثانية بفتيات صغيرات في السن يقمن في سوريا، فان البعض كما يؤكد الجبوري يقيم علاقات عاطفية مع نساء في المغرب ومصر .
ويستغل اغلب هؤلاء الرجال فتيات العائلات الفقيرة الصغيرات، رغم الفجوات العُمرية، حيث كان فارق المستوى المعاشي بين عراقيي الداخل والخارج كبيرا جدا الى درجة ان مائة دولار كانت تكفي لإعالة امرأة وطفلها في العام 2004 والأعوام التي سبقته .
لكن بعد هذه الأعوام فإن سبب استمرار الزيجات غير المتكافئة من عراقيي الخارج المتزوجين يعود الى الاضطراب الأمني والاجتماعي بالدرجة الأولى حيث تراجع العامل الاقتصادي، واصبحت رغبة الفتاة في الخروج من العراق والعيش في أوروبا حلما يراود الكثير من الفتيات حتى وان اضطرهن الأمر إلى ترك مدارسهن ووظائفهن وجامعاتهن .
زواج في الدانمارك
و أحلام ماجد تزوجت من قريب لها يعيش في الدانمارك متزوج سابقا وله أربعة أطفال . وبحسب أحلام التي تزور أهلها في العراق و التقتها ( إيلاف) فإنها أصيبت بالدهشة من الوضع المادي لزوجها في الدانمارك وهي التي كانت تعتقد انه غني جدا.
تقول أحلام: يعيش زوجي مع زوجته السابقة على راتب الرعاية الاجتماعية إضافة الى عمل آخر في مطعم وهو عمل غير جائز رسميا.
تضيف أحلام: وصلت الدانمارك بالتهريب لأنه لم يستطع استدعائي رسميا، والى الآن فان حالتي الاجتماعية وفق الدوائر الرسمية الدانمركية غير متزوجة وأتلقى أيضا راتب الرعاية الاجتماعية .
والمشكلة المستقبلية التي تهدد أحلام هي في طفلها القادم، الذي يتوجب عليها ان تكذب لكي تسجله في الدوائر البلدية، كما يتوجب عليها ان تتنازل عن قيم اجتماعية ودينية تؤمن بها لكي تستمر مع زوجها من بينها ان زوجها صديق وليس زوجا وفق ما تتطلبه القوانين هناك .
وأحلام التي تشعر بالندم تجد نفسها مضطرة للاستمرار مع زوجها ولاسيما ان عائلتها تعيش في محيط قروي وعودتها يعني طلاقها وفي هذا خسارة معنوية كبيرة لها .
تقول أحلام: كان زواجي مبكرا و تركت دراستي للتفرغ إلى الحياة الأسرية الجديدة، لكن أحلامي تحطمت في الغربة، بين زواج ليس مثل كل الزيجات ومجتمع لا يرحم إذا رجعت إلى العراق من دون رجل.
ثري مغترب
وإحدى القصص المعروفة في بعض نواحي كربلاء (105 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية)، زواج فتاة تعيش في القرية من ثري مغترب (كما يصف نفسه ) مقابل مبلغ ثلاثة آلاف يورو هدية لأبيها . وعلى رغم ان الفتاة اقتنعت بزواجها من رجل يكبرها سنا الا انه لا يستطيع القدوم اليها غير مرة واحدة في السنة .
يقول كريم احمد الذي قضى فترة السبع سنوات في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق ان هذه المنطقة تحولت عبر سنوات الى "ترانزيت" للاتجار بالفتيات العراقيات .
ويضيف: شهدت زواج الكثير من المغتربين العراقيين في هولندا والسويد والمملكة المتحدة وفرنسا من فتيات صغيرات، وبعضهن انتقل الى دول المهجر والبعض الآخر بقي في سوريا الى الان .
ويضيف : ثمة فتيات صغيرات تزوجن من خليجيين، ومازلن يعشن في منطقة السيدة زينب حيث يؤجر لهن أزواجهن بيوتا أو شققا سكنية . ويتابع : يتناوب الأزواج الزيارة بين فترة وأخرى .
ادعاء
يقول الحاج كامل وهو مختار محلة في كربلاء ان سبب قبول البعض هذه الزيجات يعود الى الرغبة في تحسين المستوى الاقتصادي حيث يقنع المغترب الكبير في السن أهل الفتاة انه ثري ويستطيع المساهمة في تحسين وضعهم الاقتصادي، وفي غالب الأحيان يكون هذا مبالغا فيه .
ومن الأسباب الأخرى - بحسب الحاج كامل - هو الإسراع بتزويج الفتاة لتجنب الوقوع في مشاكل فترة المراهقة .
ويتحدث رسول كاظم المقيم في المملكة المتحدة عن زواجه من فتاة عراقية عام 2005، لكنها ظلت في سوريا طيلة هذه السنوات بعدما فشلت محاولاته في الحصول على إقامة لها أو تهريبها.
يرى رسول انه في تلك الفترة، يعتبر الزواج من عراقيات في سوريا والأردن مسألة إنسانية لانك تنقذ الفتاة من احتمال انجرافها الى الدعارة بسبب ضيق ذات اليد.
ويضيف : أكثر ما يقلق، وجود فتيات صغيرات يرغمن على العمل في الدعارة . وفي هذه الحالة فان الارتباط بهن يعد أمرا حسنا ولاسيما ان الدين الإسلامي يسمح بتعدد الزوجات . واستأجر رسول منذ ذلك الوقت شقة لزوجته في ضواحي دمشق .
وتشير تخمينات قام بها باحثون اجتماعيون ونشرتها وسائل الإعلام إلى أن آلاف الفتيات العراقيات القاصرات اختفين في السنوات الأخيرة، ويعتقد أن بعضهن تم تصديرهن لرجال كبار السن في دول مجاورة، ولاسيما ان المغتربين العراقيين دأبوا في السنوات الأخيرة على زيارة الدول التي تضم جاليات عراقية ومنها سوريا والأردن ومصر .