نبدأ حديثي معكم أحبتي بسؤال هل رأيتم سفينة مُبحرة في بحر متلاطم الامواج بلا رُبَان ؟
وهل رأيتم سرباً من الطيور بلا قائد ؟
وهل قرأتم عن جيش خاض حروباً بلا أمير ؟
وهل سمعتم بمؤسسة تُدار بلا مدير ؟
وهل علمتم بعوائل بلا كابتن ؟ .
أنا متأكد أن الإجابة على جميع ما طُرح من الاسئلة سابقة الذكر لا أبداً إلا السؤال الاخير نجد الإجابة نعم .
نعم هناك عوائل بلا كابتن يسودها اللا إحترام والفوضى وغياب المسؤولية وتسير بلا هدف الى الضياع والانحراف والشتات .
فعندما لم يكن في البيت من يسأل ويتفقَد ويحاور وينصح فكل هذا إشارة حمراء يجب التوقف عندها ولو واصلت المشوار ولن تقف سيكون هنالك ما لا يُحمد عُقباه .
فالعوائل التي غاب عنها دور الكابتن يسودها الخناق ولغة التطرف وإنعدام الحب وكلمات جارحة وصفعات مؤلمة وضعف الثقة وأزمة صدق وقلة إحترام وإتساع الفجوات وشقاق دائم وملفات مغلقة غامضة .
وعندما تموت المسؤولية وقوامة البيوت يصبح حالها كما قال الشاعر :
ما الناس إلا بالقلوب فإن يمت .. .. خفقانها فالناس كالأخشــــاب
وفي الحديث النبوي الشريف عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول :
" ألا كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسؤول عن رعيته " .
ويكفي الإنسان المقصر في التربية والقوامة خزياً وإثماً وبشاعة أن يُضيع الصق الناس به وهم عياله
ولقد جاء في الحديث النبوي الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول " .
فلما تكون العوائل بلا كابتن بلا رقيب بلا قوامة بلا قيادة فحتماً مصيرها الضياع والانحراف وملفات سوداء قاتمة تُسطر رحلتهم في الحياة .
ولن نقف عند هذا الحد بل هناك وقفة اُخرى يوم المعاد إذا للعبد حسرات تُذيب قلبه وآهات يرددها لسانه وزفرات يتمتم بها ودموع تصبب من عينه وخجل يكاد يذوب منه وهو يرى مصيره المؤلم فقد ضيع نفسه وأهله وأي خسارة أكبر من أن يُضيع الإنسان نفسه وأهله ،
قال الله تعالى : " قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخُسران المبين " . آية 15 _ الزمر
فالأب إمام في بيته وأمير في اسرته يسوسهم ويقومهم ويكدح من أجلهم ويحفظ شؤونهم فلا يُقصِر في المهمة العظمى الملقاة على كاهله ويقوم بدور القوامة التي تُعتبر سداً منيعاً للأُسرة من الضياع والشتات والتشرد والإنحراف .
وما المجتمع إلا عبارة عن فرد متكرر تتكون منه الاسرة ومنها يتكون المجتمع ، فكل السعادة تكون بإصلاح انفسنا وعوائنا ولا نبحث عنها في حائق الغرباء .
فهنيئاً لمن عرف قيمة المسؤولية والتربية والقوامة وعزائي لمن غابت عنه معانيها ........
منقول