بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وال محمد وعجل فرجهم يا كريم


قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع (1) روحه وظهور ملك الموت له.



وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته، وعظيم(2) ضيق صدره بما يخلفه من أمواله، ولما هو(3) عليه من [شدة] اضطراب أحواله في معامليه وعياله(4) [و] قد بقيت في نفسه حسراتها، واقتطع دون أمانيه فلم ينلها. فيقول(5) له ملك الموت: مالك تجرع(6) غصصك؟ فيقول: لاضطراب أحوالي، واقتطاعك لي دون [أموالي و] آمالي(7).
فيقول له ملك الموت: وهل يحزن(8) عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا؟ فيقول: لا.
فيقول ملك الموت: فانظر فوقك.
فينظر، فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الاماني، فيقول ملك الموت: تلك منازلك ونعمك وأموالك وأهلك وعيالك ومن كان من أهلك ههنا وذريتك صالحا، فهم(9) هناك معك أفترضى به(10) بدلا مما هناك(11)؟ فيقول: بلى والله.
ثم يقول: انظر.فينظر، فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليين فيقول [له]: أو تراهم؟ هؤلاء ساداتك وأئمتك، هم هناك جلاسك(12) واناسك [أ] فما ترضى بهم بدلا مما(13) تفارق ههنا؟ فيقول: بلى وربي.
فذلك ما قال الله عزوجل= 350) this.width = 350; return false;">إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا)(14) فما أمامكم من الاهوال فقد كفيتموها(ولا تحزنوا) على ما تخلفونه من الذراري والعيال [والاموال]، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم(وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) هذه منازلكم، وهؤلاء ساداتكم واناسكم وجلاسكم(15).(16) ثم قال الله عزوجل: " يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين " 118 - قال الإمام (عليه السلام): قال: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم أن بعثت موسى وهارون إلى أسلافكم بالنبوة، فهديناهم(17) إلى نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ووصية [علي] وإمامة عترته الطيبين.
وأخذنا عليكم(18) بذلك العهود والمواثيق التي إن وفيتم بها كنتم ملوكا في جنانه مستحقين(19) لكراماته ورضوانه.
(وأني فضلتكم على العالمين) هناك، أي فعلته بأسلافكم، فضلتهم دينا ودنيا:
أما تفضيلهم في الدين فلقبولهم نبوة محمد [وولاية علي](20) وآلهما الطيبين.
وأما [تفضيلهم] في الدنيا فبأن ظللت(21) عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى وسقيتهم من حجر ماء‌ا عذبا، وفلقت لهم البحر، فأنجيتهم وأغرقت أعداء‌هم فرعون وقومه، وفضلتهم بذلك [على] عالمي زمانهم الذين خالفوا طرائقهم، وحادوا عن سبيلهم ثم قال الله عزوجل [لهم]: فاذا كنت [قد] فعلت هذا بأسلافكم في ذلك الزمان لقبولهم ولايه محمد وآله، فبالحري(22) أن أزيدكم فضلا في هذا الزمان إذا أنتم وفيتم بما آخذ من العهد والميثاق عليكم.(23) .
119 - ثم قال الله عزوجل= 350) this.width = 350; return false;">واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) لا تدفع عنها عذابا قد استحقته(24) عند النزع.
(ولا يقبل منها شفاعة) يشفع(25) لها بتأخير الموت عنها.
(ولا يؤخذ منها عدل) لا يقبل [منها] فداء [ب‍] مكانه يمات(26) ويترك هو.
ـــــــــــــــــ
(1) " نزوع " أ، والبرهان.
(2) " عظم " ب، ط، والتأويل.
(3) " وعياله وماهو " التأويل، البحار: 24.
(4) " معاطبه وعقباته " البرهان.وفى " أ " معاملته بدل " معامليه ".
(5) " قال " أ، ب، س، ط.
(6) " تتجرع " التأويل والبحار: 24. جرع الماء: ابتلعه بمرة.
(7) " أمانى " ب، س، ط، والتأويل.
(8) " يجزع " التأويل، والبحار: 24، والبرهان.
(9) " فهو " أ.
(10) " بهم " أ.
(11) " ههنا " ب، ط، ق، د، والتأويل." هنالك " المحتضر.
(12) " جلساؤك " أ.
والجلاس: جمع الجليس.والاناس - جمع الانس - من تأنس به.
(13) " ممن " أ.
(14) فصلت: 30.
(15) " جلساؤكم " خ ل.
(16) عنه تأويل الايات: 2 / 537 ح 1، والمحتضر: 22، والبحار: 6 / 176 ضمن ح 2 وج 24 / 26 ح 4، وج 71 / 366 ذ ح 13(قطعة) والبرهان: 4 / 111 ح 12، ومدينة المعاجز: 187.
(17) " فهديناكم " أ." فهدينا " ب، ط.
(18) " عليهم " أ.والمقصود أوفوا بعهدى الذى أخذته عليكم بلسان أنبيائكم وأسلافكم لتؤمنن بمحمد.
(19) " المستحقين " أ، ب، س، ط، والبرهان.
(20) " ولاية محمد وعلى " أ، س، ص، ق، د، والبرهان." ولاية محمد " ب، ط.وما في المتن من البحار.
(21) " فضللت " أ.
(22) " فبالاحرى " البحار: 9.
الحرى: الخليق والجدير والمناسب.
والاحرى: الاولى.
(23) عنه البحار: 9 / 311 ضمن ح 10، وج 24 / 62 ح 47، وفيه: من العهود والمواثيق عليكم.
والبرهان: 1 / 95 صدر ح 4.
(24) " استحقه " أ، س، والبحار: 9.
(25) " من يشفع " التأويل.
(26) " يموت الفداء " التأويل.

المصدر: کتب>تفسير الامام الحسن العسكري (ع)