بسم الله الرحمن الرحيم
((وَاعۡلَمُوا۟ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَىۡءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الۡقُرۡبَىٰ وَالۡيَتَامَىٰ وَالۡمَسَاكِينِ وَابۡنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمۡ آمَنتُمۡ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا يَوۡمَ الۡفُرۡقَانِ يَوۡمَ الۡتَقَى الۡجَمۡعَانِ وَاللّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ قَدِيرٌ))
سورة الأنفال رقم الآية 41
(وَاعْلَمُواْ) أيّها المسلمون (أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ) من أموال المشركين في الحرب . ويدخل في هذه الآية كلّ غنيمة من الأموال إذا كان كثيراً ومقداره من خمسين ديناراً فما أكثر من ذلك ، ويشمل كلّ ربح ليس فيه تعب ، مثلاً إذا اشتريت سلعة بمائتي دينار ثمّ بعتها بعد أيام بمائتين وخمسين ديناراً فقد ربحت فيها خمسين ديناراً فيجب عليك أن تخرج من هذه الخمسين عشرة دنانير وتنفقها ، أو وجدت آثاراً وبعتها بمائة دينار فيجب أن تخرج منها عشرين ديناراً ، أو وجدت منجماً لأحد المعادن وأخذت امتيازاً من الحكومة باستخراج المعدن منه أو استأجرته ثم استخرجت المعادن من المنجم وربحت بذلك أرباحاً كثيرة فيجب عليك أن تخرج خمس الأرباح وتنفقها ، أو كان لك معمل لبعض المصنوعات وربحت فيه أرباحاً كثيرة فيجب عليك أن تخرج خمس تلك الأرباح وتنفقها ، أو كانت لك أملاك كثيرة وتربح من إيجارها كثيراً فلك أن تخرج من النقود ما يكفيك معاش ثلاثة أشهر وما زاد من النقود تخرج خمسها وتنفقها ، وهكذا كلّ مال تحصل عليه بلا تعب ولا مشقّة فعليك تأدية خمسه .
ثمّ بيّن سبحانه لِمن يقسم هذا الخمس فقال (فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) يعني إذا كان الخمس الذي استخرجته من مالك ستّة دنانير فتقسمها ستّ حصص فحصّة منها لله ، فتنفق على الجوامع والمستشفيات الخيرية (وَلِلرَّسُولِ) وحصّة الرسول تنفق على الأئمّة والخطباء والوعّاظ الذين في الجوامع وعلى المدارس الدينية ومدرّسيهم (وَلِذِي الْقُرْبَى) يعني الفقراء من أقربائك تنفق عليهم حصّة من الخمس (وَالْيَتَامَى) يعني كلّ يتيم تعرفه مستحقّ لتلك الحصّة سواء كان من أقربائك أو من جيرانك أو غيرهم إن لم يوجد في جيرانك يتيم (وَالْمَسَاكِينِ) أي الفقراء المحتاجين الذين تعرفهم (وَابْنِ السَّبِيلِ) أي المسافر المنقطع ويدخل في ذلك الضيف لأنّه مسافر عن أهله ، فهذه ستّ حصص . ولا يصحّ أن تعطي الخمس كلّه لواحد من هؤلاء بل يجب أن توزّعه على الستّة الذين ذكرهم الله ولا يصحّ أيضاً أن تعطيها بيد رجل ليوزّعها هو فربّما يأخذها لنفسه ولا يوزّعها على الفقراء إلاّ إذا تأكّدت من أمانته ، وقوله (إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ) يعني إن كنتم مؤمنين بالله فيجب عليكم أداء الخمس من كلّ غنيمة تحصلون عليها (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) محمّد من الآيات والظفر يوم بدر (يَوْمَ الْفُرْقَانِ) يعني يوم أنزل فيه الفرقان ، وهي الآيات المتفرّقة (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) للقتال ، جمع المسلمين وجمع الكافرين (وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو قادر على نصركم إن أطعتم وقادر على خذلانكم إن عصيتم .
__________________________________________________ _____
من كتاب المتشابه من القرآن للمفسر محمد علي حسن الحلي