بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركة
في كل عصر من العصور، وفي كل مجتمع من المجتمعات نجد أن هناك إنسان يتمتع بمواصفات ومؤهلات مميزة، تساهم في إنهاض المجتمع وانتشاله من الهوة إلى القمة.
ولو تتبعنا رسالات الأنبياء (ع) بدءاً من النبي آدم إلى خاتم الأنبياء النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لوجدناهم ممن يتميزون بهذه الميزة، وكم جاهدوا وضحوا ولاقوا المصاعب والمتاعب من قبل مجتمعاتهم، ولكنهم كانوا مصرين على هدفهم وهو تحقيق قيم التوحيد في ذلك المجتمع.
من هنا يمكن القول أن هناك (إنسان) استثنائي في كل مجتمع، (إنسان) مميز، (إنسان) يسعى جاهداً ومجاهداً للتغيير نحو الأفضل، ولأخذ المجتمع إلى قمة الرقي. وبعبارة أخرى إن في كل مجتمع ضميراً حياً، وقلباً نابضاً يدفع بالمجتمع إلى الأمام دائماً.
وهذا ما نجده جلياً في الإمام الحسين (عليه السلام)، فلقد كان ولا يزال الضمير الحي في هذه الأمة، وذلك من خلال ما قام به من تضحيات تقف الأفواه والأقلام عاجزة عن وصفها، وكما يقول آية الله السيد هادي المدرسي: (كل الذين يكتبون عن الحسين تواجههم مشكلة واحدة: كيف يمكن أن يحمل أحدنا المحيط في كفه، أو يضع الشمس في حضنه، أو يلخص التاريخ في كلمته) (1).
ولأن الإمام الحسين (عليه السلام) ضمير الأمة فإنه يبعث الهمة والتمرد والانتفاضة الذاتية في كل فرد يقرأ الإمام الحسين (عليه السلام) مشروعاً، ومنهجاً، وراية، وخرج من نطاق القراءة إلى نطاق العمل والالتزام بكل قيمة من قيم الحسين (عليه السلام).
ولأن الإمام الحسين (عليه السلام) ضمير الأمة فإنه يُعلم الناس كيف يرفضون المساومات، وكيف يتمسكون بالحق ويرفضون الباطل رفضاً قطعياً فهو القائل كلمته الخالدة لعبد الله بن عمر عندما أراد أن يثبطه عن عزمه: (أنا أبايع يزيد، وادخل في صلح؟!! وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) فيه وفي أبيه ما قال)؟!! (2)
إن الحسين (عليه السلام) هو مشروع النهضة للأمة، فـ (ما من أمة تقتدي بالحسين إلا وتنتصر به على أعدائها. وذلك بعض ما عوّض الله به الحسين جزاء ما قدمه في سبيل ربه). (3)
فعندما تجد الأمة نفسها في مواجهة من يريدون إخضاعها وإرغامها على البقاء في صفوف التخلف، فما عليها إلا أن تلجأ إلى هذا النهج المتقد، فهو السبيل للتحرر من التبعية والتخلف.
وهذا النهج ما تمسكت به أمة من الأمم إلا ونجحت في نهضتها، وما الانتصار الأخير الذي حققه (حزب الله) في صيف 2006 م إلا دليلاً واضحاً على سلامة هذا النهج، وإلا فكيف يمكن لفئة لا تملك من السلاح إلا القليل والذي لا يقارن بما يملكه العدو الإسرائيلي من ترسانة عسكرية وجيش عُبر عنه بالجيش الذي لا يُهزم!!
ولكن من تمسك بالنهج الحسيني قولاً وفعلاً بدّل هذه المقولة وقهر ذلك الجيش الأسطورة وعلمه درساً لن ينساه أبداً، وجعله يعاني من تلك الهزيمة إلى يومنا!!
وهذا ما يفعله الحسين بمن يقتدي به وبمن يرفع شعاراته وكلماته...
وما كلمة: (هيهات منا الذلة...) إلا تحد في وجه كل من يكره الرقي للمجتمعات الشيعية، وهي شعار يرفعه أهل العزة والكرامة، وهي شعار يرفعه أهل الضمائر اليقظة.
إذاً الحسين ضميرٌ حيٌ... وما خاب من تمسك به... وما ضيّع الحسين مواليه ومحبيه فهو يأخذ بأيدهم نحو الانتصارات، ويرشدهم نحو الصواب، ولهذا لابد من التمسك بنهجه إلى قيام يوم الدين.
بقلم: رضي منصور العسيف
المصدر: شبكة النبأ المعلوماتية-----------------------
الهوامش:
(1): المدرسي: السيد هادي، عن الحسين والعباس وزينب
(2): البحراني، عبد العظيم المهتدي، من أخلاق الإمام الحسين (ع)، ص 170، انتشارات الشريف الرضي.
(3): المدرسي: السيد هادي، عن الحسين والعباس وزينب