تاريخ صناعة العطور
منقول:مؤيد الناصر
لصناعة العطور تاريخ طويل فمنذ القدم يسعى الإنسان إلى تجميل حياته سواء بالروائح أو بالأشكال..
في العصور الحجرية
عرف الإنسان البدائي العطر من استنشاقه للورود فكان يقطع الورود ويحرقه لتعطى الروائح العطرة وكان ذلك غالبا مخصص للأغراض الدينية لا للزينة.
في الحضارة المصرية القديمة
صناعة العطور في مصر القديمة كان لمصر الدور الأكبر في تأسيس صناعة العطور وكانت توجد طريقتان لصناعته : الأولى وهى وضع الأزهار في لوحة كبيرة من ورق البردي له طرفان تمسك به سيداتان ويوضع الورود مع قليل من الماء في داخل اللوح ثم تدور كل سيدة الطرف الذى تمسك به عكس اتجاه السيدة الأخرى فيتم عصر الورود وكان يوضع تحتهما إناء كبيرة ليسع الكمية المعصورة ثم بعد ذلك تحفظ في أواني خزفية وفخارية وكان يصنع للملكات وزوجات الأمراء والكهنة للتزين به عند الاحتفالات وكان للطبقات الغنية لا لباقي الشعب، الطريقة الثانية وهى وضع الورود في إناء فخاري صغير وحرقه لأعطاء رائحة عطرة للجو وكان هذا النوع من العطور جزء من القرابين المقدمة للآلهة أو لتوديع المتوفي ولم يكن لأغراض الزينة.
في الحضارة البابلية والآشورية
يعتبر أول كيميائى صنع العطور في العالم هو الكيميائي (لافاوندا) الذى كان يعيش في بابل في الألفية الثانية قبل الميلاد، فقد ذكر اسمه في الكتابات المسمارية القديمة وذكرت أيضا إحدى طرقه لصناعة العطور ولكنها غير معلومة وهى في الأغلب مجموعة من الأعشاب الطبيعية والورود تعطى رائحة نفاذة، ولم يعرف الكثير عن صناعة العطور في الحضارة البابلية والأشورية ولا عن طرق استخدامه.
في الحضارة القبرصية القديمة
إناء عطور على هيئة رأس امرأة من قبرص يرجع تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلادتاريخيا، أول عطر وجد في العالم كان في جزيرة قبرص على يد علماء إيطاليين في مايو 2004 الذي يرجع تاريخه إلى 4000 سنة مضت، وأيضا اكتشفت إحدى البعثات ان قطعة أرض تبلغ حوالي 4000 متر مربع كانت مخصصة لصناعة العطور والتي غالبا اخذت طريقة صناعتها من الحضارة المصرية القديمة لتشابه طريقة الصناعة والأغراض المستخدمة والتي تناقلت فيما بعد إلى روما إبان الإمبراطورية الرومانية.
في الحضارة القبطية
عندما نشأت الحضارة القبطية ورثت الكثير من الحضارات المختلفة لذا نجد أن صناعة العطور تنوعت في العصر القبطي، وكانت أهم طريقة لصنع العطر هي مزج سائل شجرة المر مع قرفة عادية ثم وضع عصير القصب والقرفة الصينية، وكانت هذه الطريقة ممنوع استخدامها إلا للقساوسة أو للمرأة في بعض الحالات.
في الحضارة الإسلامية
مع أن الحضارة الأسلامية ورثت الكثير عن الحضارة الأغريقية إلا أن العرب هم أول من استخدم تاج الزهرة لاستخراج ماء الزهور منذ 1300 عام، ولم يستعمل العرب تاج الأزهار كعطرٍ فقط بل استعملوها كدواء أيضاً. ولعل أقدم أنواع العطور في العالم يدعي "عطر الورد" وقد كان رائجاً جداً لدي القبائل العربية، تعتبر الأزهار مثل الياسمين والبنفسج وزهر الليمون والورد وغيرها، من المصادر المهمة لاستخراج العطور عند العرب، ولكن جوهر العطر يستخرج من مصادر أخرى غير الأزهار، كالخشب ولاسيما خشب الأرز وخشب الصندل، ومن الأوراق مثل النعناع والغرنوق والخزامى، ومن جذور معينة مثل الزنجبيل والسوسن ،إن الطريقة العربية لصناعة العطور تكمن في استقطار تيجان الأزهار مع الماء، وتكون عبر وضع رقائق من الزجاج في إطارات خشبية حيث تغلف بدهن نقي وتغطي بتيجان الأزهار وتكدس الواحدة فوق الأخرى. ويجري تبديل التيجان بين حين والآخر إلى أن يمتص الدهن النقي الكمية المطلوبة من العطر، ولعل أفضل العلماء في صناعة العطور هو بن سينا الذى اكتشف طريقة استخراج العطر من الورود والتي سميت فيما بعد بألتقطير، وأيضا من أبرز العلماء العرب في صناعة العطور هو الكندي الذى ذكر في كتابه (كيمياء العطور) قائمة طويلة لعطور مختلفة وكان في اغلب طرقه يستخدم المسك والعنبر كجزء أساسي في أغلب العطور.
في الحضارة الأوروبية الحديثة
ورثت أوروبا أغلب طرقها من العرب وكان أكثر الناس اهتماما بعلم العطور هم الهونجاريين الذين أضافوا الكحول إلى صناعة العطور ،ويعتبر أول عطر يستخدم فيه مادة الكحول كمادة أساسية كان في عام 1370 وكان تكليفا من إليزابيث ملكة بولندا والذي أطلق عليه فيما بعد ماء الهونكاري نسبة للهونكاريين، ومن الملكات اللاتي اهتموا بصناعة العطور هي كاترين دي ميديشي ملكة فرنسا التي كلفت صانع العطور الخاص بها(رينى لن فلورينتن) بإدخال أنواع جديدة من العطور ولكن لم يعرف أى شيء عن طرقه وذلك لسرية مختبره، خلال عصور النهضة تمكنت فرنسا من السيادة في مجال صناعة العطور فقد كان يصنع في جنوب فرنسا أهم العطور ومستحضرات التجميل العالمية، وعرفت طائفة في فرنسا خلال القرن السابع عشر باسم (صناع العطور) والتي كان لها تأثير ضار في بعض الحالات حيث كانت تستخدم مواد سامة في صناعتها للعطور فعلى سبيل المثال توفيت إحدى الأميرات الفرنسيات بسبب استخدامها للعطور في تجميل بشرتها والتي أثرت على سمعة هذه الطائفة، واهتم ملوك فرنسا جميعا بالعطور فخلال القرن الثامن عشر كان الملك لويس الخامس عشر مهتم جدا بالعطور فقد كانت عربته الملكية تدهن كل صباح بالعطور وكان أثاثه يدهن يوميا بالعطور وكانت ملابسه تظل داخل إناء العطور لعدة أيام، ولم يهتم الملك لويس الخامس عشر بالعطور في حياته الخاصة فقط بل أمر بتحويل بعض المزارع إلى مزرعة للنباتات العطرية، النهضة التي أنشأها لويس الخامس عشر جعلت من باريس مركزا مهما في صناعة العطور وزراعة النباتات العطرية، ومن الملوك المهتمين بالعطور أيضا نابوليون بونبارت الذي عرف عنه بالاهتمام بالترف فقد اهتم أيضا بدهن العربة الملكية بالعطور ويقال أنه في وقت من الأوقات كان يستخدم 60 زجاجة من عطر الياسمين في الشهر وكان أحب العطور إليه هو عطر الجوزفين لاحتوائه على المسك العربى الأصيل، في إنجلترا لم تكن صناعة العطور شيء مهما إلا بعد مجئ هنرى الثامن الذى أدخل هذه الصناعة إلى إنجلترا وأيضا الملكة إليزابيث الأولى أهتمت كثيرا بصناعة العطور حيث يقال انها لم تكن تستطيع تحمل أي رائحة كريهة الأمر الذي سبب لها مرض في لسانها، وكانت السيدات تأتي إلى بيت الملكة إليزابيث للتنافس في أفضل العطور رائحة، وحدث التغيير الكبير عندما جاءت الكيمياء الحديثة فقد شهدت صناعة العطور تقدما عظيما بعد الثورة الصناعية الكبرى كما بدأ استخدام العطور بشكل شائع في كل طبقات الشعب بل وعندما كان سعر العطور يزيد تحدث مظاهرات في لندن، قبل وصول الكيمياء الحديثة إلى الأمريكتين كانت هناك وصفة شعبية تعتمد على مياه من نهر فلوريدا (لاعتقادهم في جمال رائحته) ثم يخلط مع قرنفل وقرفة صينية وأوراق الليمون ،وتطورت طريقة صناعة العطور لتصبح استخدام مذيباً نقياً يتم استخراجه من النفط. ثم يدور هذا المذيب علي تيجان الأزهار النضرة إلي أن يصبح مركزاً بالعطر، ويتم فصل المذيب بواسطة عملية التقطير. ويُنقى العطر بالكحول ويكمن حالياً تركيب العطور من مواد كيميائية بحيث تبدو وكأنها روائح طبيعية وأصبحت صناعة العطور لها شركات كبرى متخصصة في هذا المجال.
العطور:هي مستحضرات ذات روائح مميزة و تصنع من مواد طبيعيّة (نباتية أو حيوانية ) أو اصطناعية أو من مزيج يتألّف من كليهما. و يقوم العطّار بمزج هذه المواد بعضها ببعض بنسب مختلفة طبقاً لمواصفات المصنع ونوعية الزيت العطري .... لينتج العبير الفوّاح ، بحيث تذاب الزيوت العطرية في الكحول الإيثيلي النقي المخفف بالماء المقطر بنسب مختلفة حسب الصنف المنتج ..
وكلمة العطر ( perfume ) مُشتقة من الكلمة اللاتينية ( per fumum ) ومعناها ( ملأ المكان بالدخان ) ...ولقد عُرف فن العطور عند الرومان ، الصينيون ، الهندوس ، القدماء المصريين ، العرب ، اليونان ....
ويمكن تقسيم المواد العطرية ( perfumes ) من حيث مصادرها إلى مايأتي :
1– مواد طبيعية :
وهي التي توجد في المصادر الطبيعية النباتية والحيوانية وأهمها مجموعة الزيوت العطرية والأطياب الحيوانية ...وهذه المواد تتكون من مخلوط عدة مركبات ...
2 – مركبات صناعية :
وهي المواد العطرية التي تخلق بالطرق الكيميائية أو تحضر من المواد الطبيعية ..
3 - مواد مفصولة :
وهي التي يمكن الحصول عليها بفصلها من موارد طبيعية مثل الزيوت العطرية ..
يقسّم العطر الجاهز إلى أسماء حسب نسب تركيز المواد الأوّليّة به:
للمساء و السّهرة ……………… Parfum
وتكون نسبة الزيوت العطرية فيه 20 – 22 %
وهو أغنى بالرائحة ....
للنّهار و فصل الصّيف … Eau de Parfum
وتكون نسبة الزيوت العطرية فيه 15 - 20 %
للنّهار و المساء ……….. Eau de toilette
وتكون نسبة الزيوت العطرية فيه : 8 - 15%
للصّيف و الجوّ الحار .. Eau de Cologne
وتكون نسبة الزيوت العطرية فيه : 4%
الزيوت العطرية...
الزيوت العطرية والأطياب هي مركبات كيميائية عضوية عالية التركيز والمسئولة عن الرائحة المتميزة للنبات وأعضائها المختلفة ، كما أن هذه المكونات الطيارة لها القدرة على التبخر والتطاير تحت الظروف العادية.. وتتميز الزيوت العطرية بسهولة فصلها عن الأعضاء النباتية الحاملة لها بواسطة التقطير والاستخلاص المختلفة ، مما أطلق عليها اسم الزيوت الطيارة Volatile Oils أو الزيوت العطرية ( وذلك بسبب رائحتها العطرية الجميلة ) أو الزيوت الإيثرية Etherial Oil ( وذلك لأنها تذوب في محلول الإيثر ) أو الزيوت الأساسية Essential Oils لأن مكوناتها المختلفة لا تحمل في جزيئاتها مواد جليسرينية أو دهنية ، وليس لها قابلية التزنخ بتعريضها للضوء والهواء المباشرين ...و تنتشر الزيوت العطرية في أكثر من 2000 نبات ...
ومعظم الزيوت الطيارة عبارة عن مواد سائلة بعد تقطيرها أو استخلاصها بطرق الفصل المختلفة ، ونادراً ما تكون في صورة صلبة . والزيوت الطيارة قابلة للذوبان بشدة مع الإيثانول والكلوروفورم والإيثر ، ولاتذوب في الماء ، بل تطفو فوق سطحه لقلة كثافتها النوعية عن كثافة الماء ، عدا الزيت الطيار الناتج من القرنفل والقرفة الذي يرسب تحت سطح الماء لكبر كثافته عن الماء ...
وأهمية الزيوت الطيارة المستخلصة بواسطة طرق التقطير أو الاستخلاص المختلفة تكمن في استخدامها في صناعة الروائح العطرية والعطور ومستحضرات التجميل ومواد الزينة ، أو في الطعام والشراب لتضفي عليهما رائحة أو مذاقاً جذاباً أو لتخفي رائحة أو مذاقاً غير مرغوب ... فيستعمل زيت الشمر في المستحضرات الدوائية غير مقبولة الطعم ، ويستعمل الكومارين لإبراز طعم ورائحة الفانيلين وغيرها ..
الكاردينيا