قبل ان يصل الموصلي من الجانب الأيسر للمدينة متوجها الى بدايات الجسر العتيق ينصت لهمس خفي من الجسر يدعوه للترجل واكمال مسيرته سيرا على الأقدام نحو مركز المدينة بين جنبات الجسر الحديدي أو الجسر العتيق كما يحلو للموصلي ان يطلق على أقدم جسور المدينة.
الجسر الذي يستعد لارتداء لون جديد يكون الثالث في سيرته الشخصية بعد ان كان الرمادي اللون الأول الذي أضاء جنباته ليكمل بعد حقبة ثانية والية مشواره الحياتي مع اللون الأخضر ليكون لونا معاكسا لأحوال المدينة فبدا عليها الذبول وجفت عروقها فلم يكن الأخضر لونا مناسبا لأحد شواخصها الماثلة منذ أزمنة غابرة..أما لونه الأخير فهو الرصاصي وكأن به يقول هذه حال المدينة، فبين الأبيض الذي ترنو للحلول به وبين الداكن والخافت الذي مازال يبصم تاريخ المدينة ببصمته لايفارقها وهكذا تبدو الألوان تحكي ما يجول في ذاكرة المدينة وتتحدث بإسهاب عما جرى لها..الجسر العتيق الذي بدا كأنه شيخ جسور المدينة يتحدث عنه المؤرخ الموصلي عبدالجبار محمد جرجيس فيقول ان العمل بوشر فيه في اول شهر حزيران عام 1933 ليكمل في نيسان من العام التالي. ويستند الجسر على سبع دعائم فولاذية غائرة الى باطن ارض النهر عدة أمتار وقد بلغت كلفة انشائه في حينه60 ألف دينار عراقي.. الجسر العتيق غالبا ما حمل في ذاكرته كل ما دار في المدينة من أحداث وبدا نقطة دلالة يستعين بها الموصلي للحديث عن مكان أو حدث معين لذلك لا يغيب الجسر من أحاديث الموصليين