الروضة العباسية المطهرةالعباس ابي الضيم ساقي عطاشى كربلاء
الى الشمال من الروضة الحسينية في كربلاء وعلى بعد (240)م تقوم الروضة العباسية المطهرة التي اضم مرقد العباس بن امير المؤمنين الامام علي علية السلام . وهو اخ الحسين وحامل رايته يوم عاشوراء وشريكه في الشهادة .
لقد كتب العباس بدمه الزكي في واقعة الطف ملحمة البطولة للانسان واستشهد ضامئا فوق رمال الطف على شاطئ الفرات مفضلا الموت على الاستجابة لنداءات الامان والسلامة في حال التخلي عن معسكر الحسين (ع) .
لقد حاول ابو الفضل العباس بما اوتي من شجاعة وبسالة ان يجلب الماء من نهر العلقمي القريب من ميدان المعركة ليسقي العطاشى من النساء والاطفال وبالفعل تمكن لوحده من كشف الاعداء ونزل الى الماء وملا القربة ولم تطاوعه نفسه ان يشرب قطرة واحدة قبل ان يروي ظما الاخرين من اهل بيته .. ولكن الاعداء كمنوا له في الطريق واستطاعوا الانقضاض عليه من وراء اشجار النخيل وباسلوب غادر جبان تمكنوا من قطع يديه واراقة ماء القربة ومن ثم انهالوا عليه بالسيوف والرماح وقد لفظ الامام العباس انفاسه الاخيرة وهو يتوجع الما واسى لعدم تمكنه من ايصال الماء لاطفاء ظما الاطفال والنساء في الوقت المناسب.
لقد تولى تشيد وبناء الروضة العباسية كل من تولى تعمير الروضة الحسينية في الادوار المتعاقبة وفي العصور المتاخرة امر الشاه طهماسب بتزين القبة بالقاشاني الملون وبنى شباكا على صتدوق الضريح ونظم الرواق والصحن وبنى بهوا امام الباب الاول وذلك سنة 1032هـ\ 1622م 0 وفي عام 1155هـ \ 1742م اهدى نادر شاه الى الحرم الشريف تحفا نادرة وشريفة وفي سنة 1236هـ\ 1820م امر السلطان محمد شاه بن عباس مزارا بصنع شباك من الفضة للضريح .
اما سنة 1385هـ فقد شهدت قيام محمد حسين الصدر الاعظم الاصفهاني بتشيد بناء الروضة العباسية بهيئتها الحالية وتم صنع الضريح من الذهب الخالص والفضة وطعم بالميناء والاحجار الكريمة النادرة .. تبلغ مساحة الروضة العباسية بما فيها الصحن (4370) مترا مربعا وله ابواب تتوزعها من ثلاث جهات .. وعلى جانب الصحن تتوزع غرف هي في الواقع مراقد لعلماء الدين وكبار الشخصيات الاسلامية .
تقع الروضة المطهرة وسط الصحن حيث تعلو القبر الشريف قبة ذهبية ضخمة نقش في اسفلها ايات قرانية مطعمة بالميناء والذهب . وتنتصب على طرفي القبة مئذنتان ضخمتان يكسو الذهب الجزء الاعلى منهما وعلى باب القبلة ساعة اثرية كبيرة . كما زين الصحن بالفسيسفاء والقاشاني الكربلائي الموشى بزخارف نباتية رائعة .
وتعتبر العتبتان المقدستان للامام الحسين واخيه العباس في كربلاء مع كافة ملحقاتها من ابهى واجمل المشاهد في العالم الاسلامي .. وذلك لما تحويه من الذهب الخالص والفضة المطعمة بالميناء والمحلاة بالاحجار الكريمة النادرة والنقوش والزخارف والكتابات القرانية والبلاط القاشاني المعرق بالذهب .
ومن المعجزات الخالدة ان قبر العباس عليه السلام يقع تحت الضريح مباشرة بعدة امتار وهو مبني بالاجر والسمنت ويحيط به الماء من كل جانب كانه يطفو على بحيرة صغيرة .. والعجيب ان الماء الموجود هو ماء زلال صاف خال من الطعم واللون والرائحة رغم تقادم السنين على وجوده هناك .. وفي بعض الاحيان يستعمل هذا الماء للتبرك والاستشفاء وعلى الرغم من اندراس واندثار نهر العلقمي الذي استشهد بقربه الامام العباس عليه السلام وطمست معالمه فان الماء الذي يحيط بمرقده الشريف يابى الا ان يكون همزة الوصل بين الماضي والحاضر ويجدد ذكرى ابي الفضل العباس ساقي عطاشى كربلاء .
يقع هذا المرقد الشريف على بعد 300م من الجهة الشرقية من حائر الامام الحسين (ع) وصاحب المرقد ابو الفضل اكبر اولاد أم البنين (ع) والرابع من أبناء الامام علي (ع) والملقب بالساقي وقمر بني هاشم وصاحب اللواء.
ويعود تأسيسه للثاني عشر من محرم عام 61هـ، حيث حفر بنو اسد قبور كل من الامام الحسين والشهداء الذين استشهدوا في واقعة الطف ودفنوا فيما يلي رجلي الامام الحسين، اما العباس (ع) فقد دفن في موضع قتله على المسناة بطريق الغاضرية وقبره عامر وظاهر. لقد لقي مرقد العباس من الرعاية والعناية ما يلقاه مرقد اخيه الحسين، ومن المرجح ان يكون المرحوم محمد حسين الصدر الاعظم الاصفهاني هو الذي قام بتشييد بناء الروضة العباسية الحالية، وذلك ستة 1246هـ.
وتولى توسعة واعمار مرقد العباس كل من تولى تشييد صرح الروضة الحسينية في الادوار المتعاقبة، من ملوك وامراء ومحسنين.
وفي سنة 271هـ وفي عهد السلطان عضو الدولة البويهي شيدت عمارة الروضة والقبة وبسنة 1032هـ امر الشاه طهماسب الصفوي تزيين قبة المرقد بالقاشاني وبنى شباكا على الصندوق ونظم الرواق والصحن وبنى البهو وجهزه بالفراش الثمين وبعده أمر الشاه صفي الصفوي باحكام منائر المشهد واحدث 4 منائر صغيرة في زوايا الصحن وبسنة 1155هـ اهدى نادر شاه للحرم تحفا كثيرة وزينه بالقوارير وبسنة 1227هـ امر السلطان القاجاري فتح علي شاه بتجديد بناء المرقد بعد نهب الوهابيين وعمرت القبة بالقاشاني وبعده امر محمد شاه بن عباس بصنع شباك فضي للضريح.
وبسنة 1355 هـ جدد السيد مرتضى سادن الروضة الباب الفضي في الايوان الذهبي للحضرة وكتب على المصراعين قصيدة للشيخ اليعقوبي وبسنة 1375 هـ تم تذهيب قبة المرقد الشريف.
وقد امر الامام السيد محسن الحكيم يومها بنصب شباك ذهبي على القبر صنع في اصفهان وجلب إلى العراق في احتفال كبير شهدته المدن العراقية المجاورة مع ايران.
وقد تعرض هذا المقام الشريف إلى اعتداء اثيم من قبل النظام البعثي ايام الانتفاضة الشعبانية المباركة وقصفت القبة المقدسة باسلحة النظام.
وتعتبر معالم الروضة العباسية ذات روعة وجمال خلاب اسوة بالروضة الحسينية ارضها مفروشة بالرخام، والجدران مكسوة بالمرايا وكذلك الرواق والاواوين الكبيرة والمنائر الشاهقة والقبة العالية والصندوق البديع على القبر وبشباكه الرائع المصنوع من الذهب والفضة الخالصين بشكل يليق وصاحب المقام الذي له مكانه خاصة في نفوس المسلمين ونقشت على القبة الذهبية العالية آيات قرآنية مطعمة بالذهب وبجوارها مئذنتان ضخمتان وساعة أثرية دقاقة وكبيرة.
وتضم جوانب الصحن غرف وأواوين دفن فيها علماء وسلاطين وشخصيات اسلامية وزين الصحن بالفسيفاء والقاشاني البديع وللصحن 8 ابواب هي باب الامام الحسن وباب الامام الحسين وصاحب الزمان وموسى بن جعفر وامير المؤمنين وعلي بن موسى الرضا والرسول المسماة بباب القبلة وباب الامام الجواد، ويبلغ ارتفاع القبة عن سطح الارض 39م وارتفاع المنارة 44م، ومساحة الصحن 9300م، اما مساحة الحرم المطهر تبلغ 1836م.
وفي سنة 236هـ امر المتوكل العباسي بهدم مرقد الحسين واخيه العباس وسقى موضع القبر بالماء حيث حار الماء حوله ومنع الزائرين للوفود إليه، وفي سنة 1047 هاجم العثمانيون كربلاء واحتمى اهلها داخل الحرم فجرت معركة كبيرة بالبنادق وتم سلب ما في المرقد من نفائس.