الضريح وفتنة العمارة الهندسية

ببديع الزخرفة والهندسة يعلو الصرح الذي اعيد اعماره اكثر من ثماني مرات .وامام سخاء الزائرين وهباتهم ورعاية السلاطين وال
ملوك والرؤساء كان يتجدد باستمرار حتى بلغ الذزوة من الهيبة والجلال والجمال تقع الروضة الحسينية في منخفض من اودية كربلاء وتبلغ مساحتها الكلية (7125) متر مربعا . وتتوزع سعة الصحن الحسيني الباغة (95) م طولا و(75) م عرضا عشرة ابواب منها باب القبلة وباب قاضي الحاجات وباب الكرامة وباب السلطان وغيرها ويحيط بالمشهد المطهر (65) ايوانا زينت جدارها بالقاشاني الكربلائي المزخرف والملون . اعدت لطلاب العلوم الدينية . كما انها اتخذت مقابر لكبارالشخصيات والعلماء والمفكرين والملوك السابقين .
ان بناء الروضة شامخ ومتين ولها عدة ابواب تفضي الى الحرم المطهر . اشهرها باب القبلة ويعرف بباب لذهب الذي غشيت جدران ايوانه بالذهب وهناك رواق يحيط بالحرم شرقا وجنوبا يقوم على يمينه قبر الشهيد حبيب بن مظاهر الاسدي من شهداء معركة الطف وفي الواجهة الشمالية تقوم خزانة تحتوي الذخائر والتحف والهدايا من الجواهر والاحجار الكريمة والنفائس وغربي الخزانة تقوم المكتبة .
وللرواق المذكور سبعة ابواب تؤدي الى الصحن وثمانية تؤدي الى الحرم المقدس . يجثم الذهب الخالص بالمينا والاحجار النادرة على اعتاب وجوانب المزار الشريف . فهو يجلل العقود والابواب الضخمة صفائح ونقوشا نافرة وكتابات قرانية ويغشى الذهب القبة الضخمة والماذن بلاطا في صفوف متراصة رائعة التكوين ومهما عظمت قيمة الذهب ونفائس التحف والهدايا والاحجار النادرة الثمينة التي تحيط بمثوى الامام الحسين (ع) فانها لن ترقى الى مراتب العظمة والشهادة والخلود التي سطرها الامام بدمه الطاهر الزكي وتعلو القبة الحسينية فوق الضريح بارتفاع (27) مترا وفي عنق القبة (12) شباكا وترتفع على جانبي القبة مئذنتان شاهقتان ارتفاع كل منهما (44) مترا مكسوتان بالذهب الخالص . وهما ايتان في هندسة البناء ومهارة الصنعة .

اما داخل الروضة فان السقوف مزينة بكثافة المرايا الصغيرة باشكال هندسية جميلة تعكس الانوار المنبعثة من الثريات الكريستال الضخمة المتدلية في مواضع متعددة من الحرم المقدس ويكسو الرخام النفيس ارضية الحرم والجدران وهناك حزام من القاشاني الملون كتبت عليه ايات من الكتاب العزيز ايضا ويتوسط الحضرة الضريح الشريف وهو مغلف بصندوق رخام مطعم بالمينا والعاج وهو محاط ايضا بصندوق من الزجاج يحيط به شباك فضي مطعم بالذهب والمينا تعلو صفائح ذهبية كثيفة مزخرفة بابدع النقوش الاسلامية .

قصة العمارة

يذهب المؤرخون الى ان اول بناء لقبر الحسين بعد واقعة الطف سنة 61 هجرية قام به ( بنو اسد) ولكن البعض يقول بان (المختار بن ابي عبيد الثقفي ) هو الذي شيد الضريح واسس قرية صغيرة حوله وبقي المزار في العصر الاموي معمورا وكان له بابان شرقي وغربي .. وكانت العمارة الاولى قد استعلت فوق الرمال الملتهبة حتى سنة 193 ثم كانت العمارة الثانية في عهد المامون العباسي حيث اقيم بناء يتطاول بالارتفاع بوجه الريح حتى عام 232 هجرية غير ان المتوكل العباسي امر بتخريب ونبش قبر الحسين وهدم المنازل المجاورة ومنع الناس من زيارته وذلك عام 236 هجرية وللمرة الثالثة اجريت بعض التعميرات زمن المنتصر العباسي الذي اقام ميلا عاليا يرشد الزائرين عام 247 هـ وفي سنة 273/688 م تداعت البناية التي شيدها المنتصر فقام بتجديدها محمد بن زيد العلوي حاكم طبرستان وكذلك تم تجديد بناء الروضة العباسية وذلك باذن من المعتضد العباسي وبولغ في دقة البناء وادخلت عليه الصنعة وفي زمن عضد الدولة البويهي المتوفى سنة 372 هـ انجزت العمارة الخامسة للحائر حيث ازدهرت ذلك الوقت كربلاء دينيا واجتماعيا واقتصاديا وعمرت القبة وشيدت الاورقة وزين الضريح بالساج والديباج ثم تجدد البناء اوئل سنة 400 هـ في عهد سهلان وبسبب الحريق الذي تعرض له المشهد قام احمد الناصر الخليفة العباسي عام 620 هـ بادخال تجديدات واضافات هامة وقد زينت جدران الروضة باخشاب الساج والحرير والديباج مما زاد في جاذبية الزوار واهتمامهم وحرصهم على التوافد والزيارة .
اما التعمير الثامن فقد تم في عهد السلطان اويس الجلائري عام 767 هـ اذ شيد المسجد والحرم والبهو الامامي المعروف بايوان الذهب واتم ولداه حسين واحمد بناء الحائر الحسيني 0 لقد بذل الصفويون عناية فائقة واهتماما عظيما في اعمار المشهد الحسيني ففي سنة 914 هـ \ 1508 م امر اسماعيل الصفوي باكساء صندوق القبر بافخر انواع الحرير الموشى والمزركش بالذهب والفضة وفرش الروضة المطهرة بانواع البسط الحريرية وامر بصنع صندوق من الفسيسفاء المزين بالنقوش والزخارف اما السلطان العثماني مراد الرابع فقد امر سنة (1048هـ\ 1638م ) ببناء القبة وجصصها من الخارج . ثم توالت الترميمات بعد ذلك من قبل الصفويين والعثمانين وفي سنة (1287هـ\ 1870م) امر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري بتجديد المشهد وتبديل صفائحه الذهبية واكمل تذهيب القبة الحسينية ولم تتوقف اعمال الترميم والتحديث والاعمار للمشهد حتى بلغت اوج الكمال والبهاء والروعة الهندسية كما هي عليه في الوقت الحاضر .