يكان هناك رجل جالس على الشاطئ يرقب الموج الهادر، ويستمتع بأشعة الشمس الحارقة، وإذا به يلمح طفلاً يصارع الموج في يأس، وبسرعة ألقى بنفسه في أحضان اليم قاصدًا ذلك الطفل المسكين، أخذ في الاقتراب منه، ولسانه يلهج بالدعاء ألا تسبقه موجة عاتية تحصد هذا الجسد الهزيل.
وعندما وصل إلى الطفل، جاء ه من الخلف، وأمسك بتلابيبه، وجره معه إلى الشاطئ، وارتمى على الرمال في تعب، وصدره يعلو ويهبط في سرعة، وقد أحس بوخز في صدره جراء هذا السباق المفاجئ.
جرى الطفل بعيدًا غير مصدق نجاته، وبقى الرجل ساكنًا على الرمال، يحاول جمع شتات نفسه.
وما هي إلا لحظات إلا و لمح الرجل بطرف عينيه الطفل الذي أنقذه قادمًا، ومعه سيدة، لا شكَّ أنها أمه قد أتت لتشكره، وبالفعل توقفت السيدة، وسألته : أأنت الذي أنقذت طفلي من الغرق؟
فقال لها في تواضع : نعم سيدتي.
فقالت له : إذن أين الساعة التي كانت في معصمه؟!
لا داعي لوصف حالة الذهول والإحباط التي انتابت الرجل، ولا داعي كذلك بالتنبؤ بأنه لن يسدي معروفًا لأحد بعد اليوم.
*** لا تنتظر الشكر على خير فعلته ؛ فتصاب بخيبة أمل وإحباط.
الأفضل أن تطلب بعملك وجه الله، فإذا شكرك الناس ؛ فقد رفعوا عن أنفسهم إثم كتمانه، وإذا جحدوك، ولم يروا جميل صنعك ؛ فعند الله ما هو ير وأبقى، ولقد عرف لك الله حسن فعالك، فما يضيرك إن جحدك الناس.