بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركة
انها فانية
فلماذا نجعل الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا؟
هذه هي الدنيا الفانية التي لا يستقيم معها إلا العمل الصالح ولا ينفع معها إلا طريق
الصلاح والفلاح إذا الدنيا دار ممر لا دار مقر، الكيس فيها من دان نفسه وعمل لما بعد الموت فعندما نأخذ
أحكام ديننا كيفما تماشتْ مع أهوائنا ونتناساها متى تعارضت مع أهوائنا لنصبح
على عكس ما أراد الله لنا،
قال الأمام علي (عليه السلام) :
الموت لا والدآ يبقي ولا ولدآ *** هذا السبيل الى ان لا ترى أحدآ
كان النبي ولم يُخلد لأمته *** لو خلد الله قومآ قبله خلُدا
للموت فينا سهام غير خاطئة *** من فاته اليوم سهم لم يفته غدا
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الملك(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{1} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ{2} الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ{3} ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ{4} وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ{5} وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{6}.
فلماذا جعلنا الدنيا أكبر همنا ولماذا أخذت منا كل شيء وقتنا صلاتنا أخلاقنا علاقاتنا مع أزواجنا وأبنائنا وأخذتنا من علاقاتنا الإجتماعية الأساسية هي دار ممر لا دار مقر فكيف جعلناها كل شيء ونسينا وتناسينا أن الرزق والرازق هو الله هل حجتنا أن الدنيا تحتاج للكد والتعب ؟ نعم ولكن كيف تكد وتتعب وما قسمه الله لك يأتيك ولو كنت مستلقياً على ظهرك بشرط العمل والجد لا ان نجعل كل يومنا كله للدنيا،، إنها إرادة الله عز وجل بأن جعل الرزق بيده سبحانه فكم من لاهث وراء الدنيا وكم من لاهث وراء زخرفها لن يأتيه إلا القليل منها وما قسمه الله له، ربما يقول البعض أن الدنيا تقتضي منا أن نواصل الليل بالنهار وإلا كما يقولون (بنموت من الجوع؟!) ونسينا أن هناك مثلا يردده آباؤنا واجدادنا منذ زمن طويل فحواه(ما في حدا بموت من الجوع) فكيف تمحورت المقولة عندنا لكد وتعب وجهد وإلا سنموت من الجوع. جاء في حكم وقصص الصين القديمة أن ملكاً أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال له : إمتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيراً على قدميك، فراح الرجل وشرع يطوي الأرض مسرعاً ومهرولاً في جنون .. سار مسافة طويلة فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل على المزيد .. سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفياً بما وصل إليه .. لكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير ليحصل على المزيد والمزيد .. ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبداً .. فقد ضل طريقه وضاع في الحياة، ويقال إنه وقع صريعاً من جراء الإنهاك الشديد .. لم يمتلك شيئاً ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة لأنه لم يعرف حد الكفاية او كما يقولون لم يقتنع بالموجود!فهو الطمع الذي لا يمكنناتركه!
تزود من الدنيا فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
وكم من عروس زينوها لزوجها
وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري
وكم من صغار يرتجى طول عمرهـم
وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
الخوف على الحياة وزخرفها وديمومتها هو الذي قتلنا وذبحنا وغير أجمل ما فيها وهو (حسن الخلق)، وجعلنا نستبدل كل شيء جميل بكل شيء قبيح الخوف على مستقبل الأبناء الخوف على مستقبل العمل الخوف ثم الخوف ثم الخوف من ضياع الدنيا وفوات كسبها جعلنا نتغير جعلنا نتقلب. فالذي يشتغل أربع ساعات وغيره خمس ساعات وغيره لا يعود إلى بيته إلا بعد منتصف الليل صلاته المفروضة كلها قضاء.. ليأتي آخر الشهر وقد جمع الألوف من الدنانير ثم تجده في غرفة الإنعاش يستجدي ضحكه هنا أو رشفة ماء كل منهم لن يموت حتى تقول الملائكة: لقد أكل آخر لقمة، وشرب آخر شربة، ستموت ونموت بعدما ما نستوفي ما كتبه الله لنا في هذه الدنيا أي إبذل السبب للرزق لكن لا تجعل الدنيا أكبر همك،،، فهي دنيا ممر لا دنيا مقر. إن وجدت الكافر والعاصي والمتكبر والمتغطرس والمتجبر ومن لا يعرف الله حق المعرفة يتقلب في شيء من النعيم في هذه الدنيا فلا تعجب إنما أعطاه الله شيئاً لا يساوي جناح بعوضة،
إذا ذكر عنده الموت، مات كل عضو فيه – يعني من التفكير والتأمل،
قال الإمام علي عليه السلام :
أحذروا عباد الله الموت وقربَه وأعدّوا لهُ عُدّتهُ
فإنهُ يأتي بأمرٍ عَظيم وخَطبٍ جَليل
بخيْر لا يَكُونُ معَه شرٌ أبَدا
أو شَرّ لا يكون مَعه خيرٌ أبدا
وسبحان الله القائل في كتابه (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }الأنبياء.
سنحاسب على إبتسامة ساخرة لفتة حائرة لقمة إقتطعتها من مال حرام، جزء من حق غيرك أخذته بغير حق لأنك تعتقد إنك مٌخلد ..
دعوة مظلوم، تكبرك على خلق الله، تبديلك لحقوق الناس بجرة قلم تعطي فلاناً وتحرم فلاناً حسب مصالحك وشخصيتك الأنانية كلها ستحاسب عليها.
وعندها لن ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
وأسأل الله سبحانه : أن يجعلنا وإياكم ممن أستعد وعمل لما بعد الموت بكل هداه سبحانه ، وخالصا لوجهه الكريم ، وأن يهب لنا كرامته ومرافقة الصديقين ، نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بحق صلى الله عليهم أجمعين ، فإنه أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين