بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف و عجل فرجهم يا كريم
أُصيب (عمرو بن العلاء) برجله، فاذطرّ الأطبّاء إلى قطعها، وقالوا له: إن أردتَ الشّفاء فلابدّ من البتر. فقال: القولُ ما قالت الأطبّاء!
وقبل إجراء العملية الجراحية، عرضوا عليه مُرقِّداً (أي مُخدِّراً) لكي لا يحسّ بألم القطع أو البتر.
فقال: ما أحبّ أن أغفلَ عن ذكر الله أبداً!!
فنزل الأطبّاءُ عند رغبته، فبتروها بدون تخدير.
وحينما نظر (عمرو) إلى رجله المقطوعة، قال وعينهُ نحوَ السّماء
:
"اللّهمّ إن كنتَ أخذتَ منِّي عضواً، فقد بَقِيَ لي أعضاء"!!
وما كاد ينتهي من مقالته حتى جاءه مَن يُخبرهُ أنّ ولدهُ سقطَ من أعلى الدارِ فمات!
فرفع بصره ثانيةً جهة السماء، وقال
:
"اللّهمّ إن كنتَ أخذتَ لي إبناً، فقد بَقِيَ لي أبناء، فلك الحمدُ على السراء والضّرّاء"!!

- الدروس المُستخلَصة:
1- الذي يذوق ويتذوّق حلاوةَ ذكر الله، يجدُ أنّ الحالات كلّها لا تُساوي شيئاً قبالها، لأنّها حلاوةٌ يتذوّقها لسانُ القلب، وتنتدّى بها أزاهيرُ المشاعر، فلا الحلاوةُ تنتهي.. ولا الندى يجفّ.
النظرة إلى (الباقي الموجود) دون (الضائع المفقود) نظرةٌ تفاؤليّةٌ.. يُعبِّر عنها البعض بالنظر إلى النصف الملآنِ من الكأس لا النِّصف الفارغ.. إنّها نظرةٌ إيمانيّة تربويّةً، فالمُعطي هو نفسه الآخِذ، فلماذا الإعتراضُ أو الإحتجاج، وكان بالإمكان أخذُ الكلِّ مرّةً واحدة.
3- المصيبةُ بالنسبة للصابر واحدةٌ، وبالنسبة للجازعُ إثنتان، فالمُصابُ يتحمّل ألم مصيبته أو إصابته فقط، أمّا الجازع فيُعاني الأمرّين: مرارة المصاب والمصيبة، ومرارة الجزع، فاختر ما شئت.