بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.


روي عن الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه قوله: «إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي عليهما السلام، فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلى الجنة وبعث إلى النار»(1).
كلنا سنرحل عن هذه الدنيا وسنحاسَب على أعمالنا في ثلاث محطات، - أعاننا الله عليها - حيث نُقل في بعض الروايات أنّه عند الموت، يؤتى بروح الإنسان عند الله الرحمن الرحيم لتُسأل، وحسب الرواية فإنّ الجسد لا يرفع من مكانه ما لم يتمّ الانتهاء من الحساب. وهناك حساب ثانٍ قبيل يوم القيامة، وثالث في يوم القيامة. وتصرّح الرواية المذكورة بأنّ حساب البرزخ للمؤمن والكافر فرادى وجماعات هو من اختصاص سيد الشهداء سلام الله عليه فقط. إذن كلنا سنواجه الإمام الحسين سلام الله عليه وسنكون مسؤولين أمامه، وقد خصّه الله جلّ وعلا بخصوصية لم يخصّ جدّه أو أباه أو أمّه أو أخاه بها ـ مع أنّهم جميعاً يفوقونه في المنزلة ـ، هذه الخصوصية هي في حسابه للخلق قبل يوم القيامة.

ومن المناسب هنا أن نتطرّق لرواية أخرى هي:
سابقاً كان قبر الإمام الحسين سلام الله عليه في عرض الصحراء حيث لا أثر أو علامة تميّزه، ولم يكن باستطاعة أحد الاهتداء إليه وزيارته من غير دليل مرشد، ومن ناحية ثانية، كان الجواسيس منتشرين في تلك الناحية ومأمورين بالقبض على كل زائر يتّجه صوب القبر، لتسليمه إلى السلطات آنذاك. وقد أدخل هذا الأمر الرعب في قلوب الجميع، ولم يكن أحد ليجرؤ على الزيارة. يقول عبد الله بن بُكير أحد أقرب أصحاب الإمام الصادق سلام الله عليه الذي نقل عنه روايات كثيرة: قلت له (أي للإمام سلام الله عليه): إني أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح؟ فقال له الإمام سلام الله عليه: يابن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفا؟ أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه وكان محدّثه الحسين عليه السلام تحت العرش وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزع فإن فزع وقرته الملائكة وسكنت قلبه بالبشارة (2).

إن الكثير منا قد قرأ قوله تعالى: ﴿في يومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسينَ ألْفَ سَنَة﴾(3). في ذلك اليوم العصيب الذي ينشغل كلٌّ بنفسه ومصيره، هناك مكان آمن يرفل بالطمأنينة والسكينة ألا وهو ظلّ العرش حيث يقف الإمام الحسين سلام الله عليه، فأولئك الذين تحمّلوا المشاقّ والهوان في سبيله سلام الله عليه سيحظون بشرف التحدّث والأمن، أمّا الذين لم يسيروا في ذلك الطريق ولم يتحملوا الصعاب فيه فسيحرمون هذه النعمة العظيمة.

-----------------

(1) بحار الأنوار، ج 53، باب الرجعة، ص 43، ح 13.
(2)كامل‏الزيارات، ص 125، الباب 45 ثواب من زار الإمام الحسين سلام الله عليه.
(3) سورة المعارج، الآية 4.