بسم الله الرحمن الرحيم
الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمدوآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياكريم.

قال النبـيّ صلّى الله عليه وآله: والذى بعثنـي بالحقّ نبيّاً، إنّ الحسين بن علي في السماوات أعظم مما هو في الأرض، واسمه مكتوب عن يمين العرش: إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة


مدينة المعاجز، للبحراني: ج2، ص327 رقم 116


معجزاته صوات الله عليه

روي عن أبي خالد الكابلي عن يحيى بن أم الطويل قال:كنا عند الحسين سلام الله عليه إذ دخل عليه شاب يبكي، قال: له الحسين: ما يبكيك؟ قال: إن والدتي توفيت في هذه الساعة ولم توص ولها مال وكانت قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها شيئا حتى أعلمك خبرها، فقال: الحسين سلام الله عليه قوموا حتى نصير إلى هذه الحرة، فقمنا معه حتى انتهينا إلى باب البيت الذي توفيت فيه المرأة مسجاة.

فأشرف على البيت، ودعا الله ليحييها حتى توصي بما تحبُّ من وصيتها فأحياها الله وإذا المرأة جلست وهي تتشهد، ثم نظرت إلى الحسين سلام الله عليه فقالت: ادخل البيت يا مولاي ومرني بأمرك فدخل وجلس على مخدة ثم قال: لها وصي يرحمك الله فقالت: يا ابن رسول الله لي من المال كذا وكذا في مكان كذا وكذا فقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك والثلثان لابني هذا إن علمت أنه من مواليك وأوليائك وإن كان مخالفا فخذه إليك فلا حق في المخالفين في أموال المؤمنين ثم سألته أن يصلي عليها وأن يتولى أمرها ثم صارت المرأة ميتة كما كانت.

روي عن جابر الجعفي عن زين العابدين سلام الله عليه قال: أقبل أعرابي إلى المدينة ليختبر الحسين سلام الله عليه لما ذكر له من دلائله، فلما صار بقرب المدينة خضخض ودخل المدينة،‌ فدخل على الحسين، فقال له أبو عبد الله الحسين سلام الله عليه: أ ما تستحيي يا أعرابي أن تدخل إلى إمامك وأنت جنب؟ فقال: أنتم معاشر العرب إذا دخلتم خضخضتم؟ فقال الأعرابي: قد بلغت حاجتي مما جئت فيه، فخرج من عنده فاغتسل ورجع إليه فسأله عما كان في قلبه

بيان الخضخضة: الاستمناء، وهو استنزال المني في غير الفرج وأصل الخضخضة التحريك.

عن صفوان بن مهران قال: سمعت الصادق سلام الله عليه يقول: رجلان اختصما في زمن الحسين سلام الله عليه في امرأة وولدها، فقال هذا: لي وقال هذا: لي فمرَّ بهما الحسين سلام الله عليه فقال لهما: فيما تمرجان؟ قال أحدهما: إن الامرأة لي: وقال الآخر: إن الولد لي فقال للمدَّعي الأول: اقعد فقعد وكان الغلام رضيعا فقال: الحسين سلام الله عليه يا هذه اصدقي من قبل أن يهتك الله سترك، فقالت: هذا زوجي والولد له، ولا أعرف هذا.

فقال سلام الله عليه: يا غلام ما تقول هذه؟ انطق بإذن الله تعالى، فقال له: ما أنا لهذا ولا لهذا وما أبي إلاّ راعي لآل فلان فأمر سلام الله عليه برجمها قال: الامام الصادق سلام الله عليه: فلم يسمع أحد نطق ذلك الغلام بعدها.

عن حذيفة قال: سمعت الحسين بن علي سلام الله عليه يقول: والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية ويقدمهم عمر بن سعد وذلك في حياة النبي صلی الله عليه وآله فقلت له: أنبأك بهذا رسول الله؟ فقال: لا، فقال: فأتيت النبي فأخبرته فقال: علمي علمه وعلمه علمي لأنّا نعلم بالكائن قبل كينونته.

في إحتجاجاته سلام الله عليه علی معاوية واوليائه لعنهم الله

عن موسى بن عقبة أنه قال: لقد قيل لمعاوية إن الناس قد رموا أبصارهم إلى الحسين سلام الله عليه فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب فإن فيه حصرا وفي لسانه كلالة، فقال لهم معاوية: قد ظننا ذلك بالحسن فلم يزل حتى عظم في أعين الناس وفضحنا، فلم يزالوا به حتى قال للحسين سلام الله عليه يا أبا عبدالله لو صعدت المنبر فخطبت. فصعد الحسين سلام الله عليه المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي صلی الله عليه وآله فسمع رجلا يقول: من هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين سلام الله عليه: نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله الأقربون وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين الذين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كل شي‏ء لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ والمعوَّل علينا في تفسيره ولا يبطئنا تأويله بل نتبع حقائقه.

فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة، قال الله عزوجل: «أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ والرَّسُولِ» وقال: «وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ولَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا».

وأحذرَّكم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فإِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: «لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وقال إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ» فتلقون للسيوف ضربا وللرماح وردا وللعمد حطما و(لسهام غرضا ثم لا يقبل من نفس إيمانها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً، قال معاوية: حسبك يا با أعبدالله فقد أبلغت.

قال عمرو بن العاص للحسين سلام الله عليه: ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟ فقال: سلام الله عليه:

بغاث الطير أكثرها فراخا وأم الصقر مقلات نزور

فقال: ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه إلى شواربكم؟ فقال سلام الله عليه: إن نساءكم نساء بخرة فإذا دنا أحدكم من امرأته نهكنة. في وجهه فشاب منه شاربه، فقال: ما بال لحائكم أوفر من لحائنا؟ فقال سلام الله عليه: «والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً». فقال معاوية: بحقي عليك إلاّ سكتَّ فإنه ابن علي بن أبي طالب فقال سلام الله عليه:

إن عادت العقرب عدنا لها وكانت النعل لها حاضرة

قد علم العقرب واستيقنت أن لا لها دنيا ولا آخرة . عن عبد الرحمن بن محمد العرزمي قال: استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة وأمره أن يفرض لشباب قريش ففرض لهم، فقال: علي بن الحسين سلام الله عليه فأتيته فقال: ما اسمك؟ فقلت: علي بن الحسين، فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: علي، فقال: علي وعلي؟ ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلا سمّاه علياً.

ثم فرض لي فرجعت إلى أبي سلام الله عليه فأخبرته، فقال: ويلي على ابن الزرقاء دبّاغة الأدم لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحدا منهم إلا عليا.

. روي أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية وهو عامله على المدينة:

أما بعد فإن عمرو بن عثمان ذكر أن رجالا من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي وذكر أنه لا يأمن وثوبه وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا والسلام.

فكتب إليه معاوية: أما بعد فقد بلغني وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين فإياك أن تعرض للحسين في شي‏ء واترك حسينا ما تركك فإنّا لا نريد أن نعرض له في شي‏ء ما وفى بيعتنا ولم ينازعنا سلطاننا فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته والسلام.

وكتب معاوية إلى الحسين بن علي سلام الله عليه: أما بعد فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها ولعمر الله إن من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء فإن كان الذي بلغني باطلا فإنك أنت أعزل الناس لذلك وعظ نفسك فاذكر وبعهد الله أوف فإنك متى ما تنكرني أنكرك ومتى ما تكدني أكدك فاتق شق عصا هذه الأمة وأن يردَّهم الله على يديك في فتنة فقد عرفت الناس وبلوتهم فانظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد ولا يستخفنك السفهاء والذين لا يعلمون. فلما وصل الكتاب إلى الحسين صلوات الله عليه كتب إليه: أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب وأنا بغيرها عندك جدير فإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله.

وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاءون بالنميم وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا وايم الله إني لخائف لله في ترك ذلك وما أظن الله راضيا بترك ذلك ولا عاذرا بدون الإعذار فيه إليك وفي أولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياء الشياطين.

ألست القاتل حجرا أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يَخافُونَ في الله لَوْمَةَ لائِمٍ ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلَّظة والمواثيق المؤكّدة ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا بإحنة تجدها في نفسك.

أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلی الله عليه وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه بعد ما أمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافا بذلك العهد.

أولست المدعي زياد ابن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك وقد قال: رسول الله صلی الله عليه وآله: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فتركت سنة رسول الله تعمّدا وتبعت هواك بغير هدى من الله ثم سلّطته على العراقين: يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم ويسمل أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

أولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي صلوات الله عليه فكتبت إليه: أن اقتل كل من كان على دين علي فقتلهم ومثّل بهم بأمرك ودين علي سلام الله عليه والله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك وبه جلست مجلسك الذي جلست ولو لا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرِّحلتين.

وقلت فيما قلت: «انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد واتق شق عصا هذه الأمة وأن تردهم إلى فتنة» وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها ولا أعلم نظرا لنفسي ولديني ولأمة محمد صلی الله عليه وآله علينا أفضل من أن أجاهدك فإن فعلت فإنه قربة إلى الله وإن تركته فإني أستغفر الله لذنبي وأسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلت فيما قلت: «إني إن أنكرتك تنكرني وإن أكدك تكدني» فكدني ما بدا لك فإني أرجو أن لا يضرني كيدك فيَّ وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك لأنك قد ركبت جهلك وتحرّصت على نقض عهدك ولعمري ما وفيت بشرط ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقّنا فقتلتهم مخافة أمر لعلّك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فأبشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب واعلم أن لله تعالى كتابا لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وليس الله بناس لأخذك بالظنة وقتلك أولياءه على التهم ونفيك أولياءه من دورهم إلى دار الغربة وأخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك وبترت دينك وغششت رعيتك وأخزيت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقي لأجلهم والسلام.

فلما قرأ معاوية الكتاب قال: لقد كان في نفسه ضبّ ما أشعر به فقال يزيد: يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه وتذكّر فيه أباه بشّر فعله قال: ودخل عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له معاوية: أما رأيت ما كتب به الحسين؟ قال: وما هو؟ قال: فأقرئه الكتاب فقال: وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه وإنما قال ذلك في هوى معاوية فقال يزيد: كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي؟ فضحك معاوية فقال: أما يزيد فقد أشار عليّ بمثل رأيك، قال عبد الله: فقد أصاب يزيد، فقال معاوية: أخطأتما أرأيتما لو إني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل وما لا يعرف ومتى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل بصاحبه ولا يراه الناس شيئا وكذّبوه وما عسيت أن أعيب حسينا ووالله ما أرى للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده وأتهدده ثم رأيت أن لا أفعل ولا أمحكه.


من مكارم أخلاقه وفضائله

عن مسعدة قال: مرَّ الحسين بن علي سلام الله عليه بمساكين قد بسطوا كساء لهم وألقوا عليه كسرا فقالوا هلم يا ابن رسول الله فثنى وركه فأكل معهم ثم تلا «إن الله لا يحب المستكبرين» ثم قال: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم يا ابن رسول الله، فقاموا معه حتى أتوا منزله فقال: للجارية: أخرجي ما كنت تدخرين.

عمرو بن دينار قال: دخل الحسين سلام الله عليه على أسامة بن زيد وهو مريض وهو يقول: واغماه فقال له الحسين سلام الله عليه: وما غمك يا أخي؟ قال: دَيني وهو ستون ألف درهم فقال الحسين: هو عليَّ قال: إني أخشى أن أموت، فقال الحسين: لن تموت حتى أقضيها عنك قال: فقضاها قبل موته.

وكان سلام الله عليه يقول: شر خصال الملوك الجبن من الأعداء والقسوة على الضعفاء والبخل عند الإعطاء.

شعيب بن عبد الرحمن الخزاعي قال: وجد على ظهر الحسين بن علي يوم الطف أثر فسألوا زين العابدين سلام الله عليه عن ذلك فقال: هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين.

ومن زهده سلام الله عليه أنه قيل له ما أعظم خوفك من ربك؟ قال: لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا.

. و روي أن الحسين سلام الله عليه كان يقعد في المكان المظلم فيهتدی إليه ببياض جبينه ونحره.

وقال: أنس كنت عند الحسين سلام الله عليه فدخلت عليه جارية فحيّته بطاقة ريحان فقال لها: أنت حرة لوجه الله، فقلت: تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال: كذا أدبنا الله، قال: الله «وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها».


في الإخبار بشهادته

عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن أبي شعيب التغلبي عن يحيى بن يمان عن إمام لبني سليم عن أشياخ لهم قالوا: غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا:

أيرجو معشر قتلوا حسينا شفاعة جده يوم الحساب

قالوا: فسألنا منذ كم هذا في كنيستكم؟ قالوا: قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام.

عن أبي عبد الله سلام الله عليه قال: كان النبي صلی الله عليه وآله في بيت أم سلمة فقال لها: لا يدخل علي أحد فجاء الحسين سلام الله عليه وهو طفل فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي فدخلت أم سلمة على أثره فإذا الحسين على صدره وإذا النبي يبكي وإذا في يده شي‏ء يقلّبه.

فقال النبي: يا أم سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول وهذه التربة التي يقتل عليها فضعيه عندك فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي، فقالت أم سلمة: يا رسول الله سل الله أن يدفع ذلك عنه؟ قال: قد فعلت فأوحى الله عز وجل إلي أنَّ له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين وأنَّ له شيعة يشفعون فيشفّعون وأن المهدي من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين وشيعته هم والله الفائزون يوم القيامة.

. عن الفضل قال: سمعت الرضا سلام الله عليه يقول: لماّ أمر الله عزوجل إبراهيم سلام الله عليه أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم مَن أحبُّ خلقي إليك فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد فأوحى الله إليه: أفهو أحبُّ إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحبُّ إلي من نفسي قال: فولده أحبُّ إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال: يا إبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من أمة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش ويستوجبون بذلك سخطي فجزع إبراهيم لذلك وتوجّع قلبه وأقبل يبكي فأوحى الله عزوجل: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله

وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب وذلك قول الله عزوجل:«وفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ»

ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله سلام الله عليه

الله عزّوجلّ في كتابه: «واذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وكانَ رَسُولًا نَبِيًّا» لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله عزّوجلّ إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه فأتاه ملك فقال: إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت فقال: لي أسوة بما يصنع بالحسين سلام الله عليه.

ابن الوليد عن سعد عن اليقطيني عن صفوان عن الحسين بن أبي غندر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر سلام الله عليه قال: قال أمير المؤمنين: سلام الله عليه زارنا رسول الله صلی الله عليه وآله وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا فقدمنا منه فأكل ثم قام إلى زاوية البيت فصلى ركعات فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا فلم يسأله أحد منا إجلالا وإعظاما له.

فقام الحسين في حجره وقال له: يا أبة لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشي‏ء كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء غمّنا فما أبكاك؟ فقال: يا بني أتاني جبرئيل سلام الله عليه آنفا فأخبرني أنكم قتلى وأن مصارعكم شتّى فقال: يا أبة فما لمن يزور قبورنا على تشتتها؟ فقال: يا بني أولئك طوائف من أمتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة وحقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتى أخلّصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ويسكنهم الله الجنة.

و روي أن آدم لما هبط إلى الأرض لم ير حواء فصار يطوف الأرض في طلبها فمر بكربلاء فاغتم وضاق صدره من غير سبب وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين حتى سال الدم من رجله فرفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به؟ فإني طفت جميع الأرض وما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض.

فأوحى الله إليه: يا آدم ما حدث منك ذنب ولكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه فقال آدم: يا رب أيكون الحسين نبيا؟ قال: لا ولكنه سبط النبي محمد فقال: ومن القاتل له؟ قال: قاتله يزيد لعين أهل السماوات والأرض فقال: آدم فأي شي‏ء أصنع يا جبرئيل؟ فقال: العنه يا آدم فلعنه أربع مرات ومشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حواء هناك.

و روي أن نوحا لما ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا فلما مرّت بكربلاء أخذته الأرض وخاف نوح الغرق فدعا ربه وقال: إلهي طفت جميع الدنيا وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض فنزل جبرئيل وقال: يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمد خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فقال: ومن القاتل له يا جبرئيل؟ قال: قاتله لعين أهل سبع سماوات وسبع أرضين، فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتى بلغت الجودي واستقرت عليه.

. و روي أن إبراهيم سلام الله عليه مرّ في أرض كربلاء وهو راكب فرسا فعثرت به وسقط إبراهيم وشج رأسه وسال دمه فأخذ في الاستغفار وقال: إلهي أي شي‏ء حدث مني فنزل؟ إليه جبرئيل وقال: يا إبراهيم ما حدث منك ذنب ولكن هنا يقتل سبط خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فسال دمك موافقة لدمه قال: يا جبرئيل ومن يكون قاتله؟ قال: لعين أهل السماوات والأرضين والقلم جرى على اللوح بلعنه بغير إذن ربه فأوحى الله تعالى إلى القلم أنك استحققت الثناء بهذا.

اللعن فرفع إبراهيم سلام الله عليه يديه ولعن يزيد لعنا كثيرا وأمّن فرسه بلسان فصيح فقال: إبراهيم لفرسه: أي شي‏ء عرفت حتى تؤمّن على دعائي؟ فقال: يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت وسقطت عن ظهري عظمت خجلتي وكان سبب ذلك من يزيد لعنه الله تعالى.

و روي أن موسى كان ذات يوم سائرا ومعه يوشع بن نون فلما جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله وانقطع شراكه ودخل الخسك في رجليه وسال دمه فقال: إلهي أي شي‏ء حدث مني؟ فأوحى إليه: أن هنا يقتل الحسين وهنا يسفك دمه فسال دمك موافقة لدمه فقال: ربِّ ومن يكون الحسين؟ فقيل له: هو سبط محمد المصطفى وابن علي المرتضى، فقال: ومن يكون قاتله؟ فقيل: هو لعين السمك في البحار والوحوش في القفار والطير في الهواء، فرفع موسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمَّن يوشع بن نون على دعائه ومضى لشأنه.

. و روي أن عيسى كان سائحا في البراري ومعه الحواريون فمروا بكربلاء فرأوا أسدا كاسرا قد أخذ الطريق فتقدم عيسى إلى الأسد فقال له: لِمَ جلست في هذا الطريق؟ وقال: لا تدعنا نمرّ فيه؟ فقال الأسد بلسان فصيح: إني لم أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين سلام الله عليه فقال عيسى سلام الله عليه: ومن يكون الحسين؟ قال: هو سبط محمد النبي الأمي وابن علي الولي، قال: ومن قاتله؟ قال: قاتله لعين الوحوش والذباب والسباع أجمع خصوصا أيام عاشوراء فرفع عيسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمَّن الحواريون على دعائه فتنحى الأسد عن طريقهم ومضوا لشأنهم.

و روى صاحب الدر الثمين في تفسير قوله تعالى: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ» أنه رأى ساق العرش وأسماء النبي والأئمة سلام الله عليهم فلقنه جبرئيل قل: يا حميد بحق محمد يا عالي بحق علي يا فاطر بحق فاطمة يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الإحسان.

فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه وقال: يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرئيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، فقال: يا أخي وما هي؟ قال: يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر ولا معين ولو تراه يا آدم وهو يقول: وا عطشاه وا قلّة ناصراه حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان فلم يجبه أحد إلا بالسيوف وشرب الحتوف فيذبح ذبح الشاة من قفاه وينهب

رحله أعداؤه وتشهر رءوسهم هو وأنصاره في البلدان ومعهم النسوان كذلك سبق في علم الواحد المنان؛ فبكى آدم وجبرئيل بكاء الثكلى.