مجددا ، أثبت ليونيل ميسي أمس محدودية الصفات التي تكفي له: أرقام خيالية ، و"هاتريك" وراء الآخر ، وألعاب أشبه بعالم الفيديو "بلاي ستيشن"، طرح معها الأرجنتيني سؤالا تاريخيا مثيرا في سباقه خارج حدود الزمن مع المدير الفني لمنتخب بلاده الأسطورة دييجو مارادونا.
وعلق حارس المنتخب الأسباني المعتزل سانتياجو كانيزاريس على أداء نجم برشلونة الذي قاد فريقه أمس نحو الفوز على ريال سرقسطة بملعبه 4/2 "عندما كانت الكرة تصل إلى (المهاجم السويدي زلاتان) إبراهيموفيتش ، كان الحارس يشعر بالراحة. أما عندما كانت تصل لميسي... الحقيقة أن ميسي الآن أصبح شيطانا".
وسجل ميسي ثلاثة أهداف "هاتريك" للمباراة الثانية على التوالي في الدوري الأسباني وقدم واحدة من مبارياته التي لن تنسى ، بفضل مهاراته الفردية الرائعة.
وسجل الأرجنتيني ثمانية أهداف من آخر تسعة أحرزها فريقه في الدوري الأسباني ، وأحرز عشرة أهداف من آخر 13 سجلها النادي الكتالوني في المباريات الرسمية ، بإضافة مباراة شتوتجارت الألماني في إياب دور الستة عشر لبطولة دوري أبطال أوروبا.
وأدت جمالية أهدافه وأهميته الكبيرة في مباريات برشلونة الأخيرة إلى مقارنة العديد من الصحف الأسبانية بينه وبين أفضل مستوى قدمه مارادونا عندما كان لاعبا.
وقال خوليو مالدونادو أشهر المعلقين بقناة "كانال بلوس" وأحد أكثر عشاق المدير الفني الحالي لمنتخب الأرجنتين: "لم أكن أعتقد أنني قد أقولها في حياتي ، لكنني بدأت أتساءل إذا ما كان ميسي أفضل من مارادونا".
وتكرر أمام سرقسطة ما حدث أمام ألميريا وبلنسية ، حيث سرق ميسي الأضواء وأنقذ فريقه من عروض متواضعة شهدت أخطاء دفاعية واضحة.
وفتح ميسي طريق الفوز أمام سرقسطة ، قبل أن يؤكده بلعبات متميزة.
أما جوان لابورتا رئيس نادي برشلونة فلم يعد يسأل نفسه هذا السؤال ، رغم أن ناديه تألق في صفوفه من قبل الجناح الهولندي يوهان كرويف ومارادونا نفسه "أعتقد أن ميسي هو أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم العالمية".
ودلل الهدف الأول للأرجنتيني أمس على التنوع الكبير في قدراته الهجومية. حيث تلقى ميسي كرة عرضية من بدرو وأعد جسده بطريقة مثالية لإطلاق ضربة رأس على عكس اتجاه الحارس روبرتو.
وتوج ميسي ، الذي يتصدر قائمة هدافي الدوري الأسباني برصيد 25 هدفا ، أفضل عرض له هذا العام في الشوط الثاني من اللقاء. فعندما كان برشلونة حائرا بين سلبية سرقسطة وعدم قدرته على دعم النتيجة ، ظهر المنقذ من جديد لإطفاء الشكوك.
وسرق ميسي كرة من نصف الملعب وبدأ تحفة ملحمية جسد بها الهدف الثاني. فالأرجنتيني لم يتلق الكرة من أحد ، بل قاتل للحصول عليها. وترك في طريقه الأوروجواني كارلوس ديوجو قبل أن يتلاعب مرتين بالإيطالي ماتيو كونتيني ، ثم يطلق تسديدة أرضية بيسراه بجوار القائم البعيد.
وغامر الظهير البرازيلي داني ألفيش الذي يتقاسم مع الأرجنتيني قيادة الجبهة اليمنى الهجومية بالقول "إنني لا تساورني أية شكوك في إمكانية مقارنته بمارادونا ، وليو لا يزال لديه الوقت لتقديم المزيد ، لأنه صغير السن. بالتأكيد سيكون أعظم من مارادونا".
أما الهدف الثالث فكان مثالا على سرعة اتخاذ القرار بتسديدة من خارج المنطقة ، وبعد أن اقترب سرقسطة بتسجيل هدفين ، جاء ميسي وأنهى الأمور بفاصل من المراوغة حصل به على ضربة جزاء ، ليتوج ليلته الخالدة في ملعب "لاروماريدا".
وبعد عرض مهاري جديد ، فتح الحائز على جائزة الكرة الذهبية بابا للتضامن مع الزملاء ولروح الفريق التي طالما ميزت برشلونة. فعلى الرغم من أنه اللاعب الموكل بضربات الجزاء ، ترك الأرجنتيني تسديد ضربة أمس لإبراهيموفيتش الذي قدم ليلة سيئة مهدرا العديد من الفرص السهلة.
وقال المدير الفني لسرقسطة خوسيه أوريليو جاي "لم يعد لدي صفات. لا أعرف إذا ما كان لاعبا من كوكب آخر أو ماذا ، لكنني عدت اليوم إلى مشاهدة مارادونا في أفضل صوره".
أما الصحف الصادرة اليوم في أسبانيا ، فابتعدت عن تلك المقارنة لتصب اهتمامها على ازدهار "عصر ميسي".
وقالت صحيفة "الموندو ديبورتيفو": "عندما يمر بعض الوقت ، سيتم تذكر كل ذلك على أنه عصر ميسي. وسيكون وقتها من المميز أن يقول المرء لقد عشت عصر ميسي. برشلونة لديه أفضل لاعبي العالم ، وجماهير برشلونة تستمتع بذلك".
ولم تخجل صحيفة "سبورت" من إغداق المزيد من المديح على نجم التانجو "إنه الأفضل في كرة القدم على مستوى العالم حاليا ، كائن أرقى يمنحه لعبه تألقا أكثر من الآخرين ، وهو الصانع الأول وراء أفضل برشلونة على مر التاريخ. قادر على الظهور في كل مكان وتقديم كل المهارات. كل ذلك وأكثر هو ميسي ، المبدع والمنقذ في برشلونة".
حتى صحافة مدريد لم يكن بمقدورها سوى الاعتراف بالمهارات الكبيرة لميسي ، حيث قالت صحيفة "أس": "إننا أمام لاعب خارق ، وعندما يكون لاعب من هذه النوعية في حالته فإنه قادر على الفوز بالمباريات وحده".
أما صحيفة "الباييس" فقالت "إن الذاكرة لا تستدعي مهاجما آخر يتمتع بهذه الرؤية المتميزة للملعب دون النظر إلى زملائه مثل ميسي ولا يوجد من هو قادر على اللعب بسرعته. إنه يعدو أسرع من الكرة ، ويمر من المنافسين دون أن يهتم إذا ما كانوا لاعبي وسط أو مدافعين ويسدد كرات كرصاصات القناصين المحترفين".
عاد ميسي للمس سماء كرة القدم بشخصيته وبمهاراته وبذكائه في اللعب. ويبدو أن لقاءه أول أمس السبت مع مارادونا بأحد فنادق برشلونة قد أتى بثماره في سرقسطة.
وعلى مسافة شهرين ونصف الشهر من كأس العالم ، يسير ميسي نحو أهم تجربة قد تثبت بحق إذا ما كان اللاعب الأفضل في التاريخ ، لكن الأهم من ذلك أن يثبت إذا ما كانت لديه الرغبة في أن يكون كذلك.