بالاسناد عن الصدوق عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما علم آدم عليه السلام بقتل هابيل جزع عليه جزعا شديدا فشكا ذلك إلى الله تعالى فأوحى الله تعالى إليه أني واهب لك ذكرا يكون خلفا من هابيل ، فولدته حواء فلما كان يوم السابع سماه آدم عليه السلام شيثا ، فأوحى الله تعالى إليه : يا آدم إنما هذا الغلام هبة مني إليك فسمه هبة الله ، فسماه آدم به ، فلما جاء وقت وفاة آدم عليه السلام وأحى الله تعالى إليه : أني متوفيك فأوص إلى خير ولدك وهو هبتي الذي وهبته لك فأوص إليه وسلم إليه ما علمتك من الاسماء فإني احب أن لا يخلو الارض من عالم يعلم علمي ويقضي بحكمي ، أجعله حجة لي على خلقي ، فجمع آدم عليه السلام ولده جميعا من الرجال والنساء ثم قال لهم : يا ولدي إن الله تعالى أوحى إلي أني متوفيك وأمرني أن اوصي إلى خير ولدي وإنه هبة الله وإن الله اختاره لي ولكم من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فإنه وصيي وخليفتي عليكم ، فقالوا جميعا : نسمع له و نطيع أمره ولا نخالفه ، قال : وأمر آدم عليه السلام بتابوت ثم جعل فيه علمه والاسماء والوصية ثم دفعه إلى هبة الله فقال له : انظر إذا أنامت يا هبة الله فاغسلني وكفني وصل علي وأدخلني حفرتي ، وإذا حضرت وفاتك وأحسست بذلك من نفسك فالتمس خير ولدك وأكثرهم لك صحبة وأفضلهم فأوص إليه بما أوصيت به إليك ، ولا تدع الارض بغير عالم منها أهل البيت يا بني إن الله تعالى أهبطني إلى الارض وجعلني خليفة فيها وحجة له على خلقه ، وجعلتك حجة الله في أرضه من بعدي ، فلا تخرجن من الدنيا حتى تجعل لله حجة على خلقه ووصيا من بعدك ، وسلم إليه التابوت وما فيه كما سلمت إليك ، وأعلمه أنه سيكون من ذريتي رجل نبي اسمه نوح يكون في نبوته الطوفان والغرق فأوص وصيك أن يحتفظ بالتابوت وبما فيه فإذا حضرته وفاته فمره أن يوصي إلى خير ولده وليضع كل وصي وصيته في التابوت وليوص بذلك بعضهم إلى بعض ، فمن أدرك منهم نبوة نوح فليركب معه وليحمل التابوت وما فيه إلى فلكه ولا يتخلف عنه واحد ، واحذر يا هبة الله وأنتم يا ولدي الملعون قابيل .
فلما كان اليوم الذي أخبره الله أنه متوفيه تهيأ آدم عليه السلام للموت وأذعن به فهبط .
ملك الموت فقال آدم : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أني عبدالله وخليفته في أرضه ابتدأني بإحسانه ، وأسجدلي ملائكته ، وعلمني الاسماء كلها ، ثم أسكنني جنته ولم يكن جعلها لي دار قرار ولا منزل استيطال ، وإنما خلقني لاسكن الارض للذي أراد من التقدير و التدبير ، وقد كان نزل جبرئيل عليه السلام بكفن آدم من الجنة والحنوط والمسحاة معه ، قال :
ونزل مع جبرئيل سبعون ألف ملك ليحضروا جنازة آدم ، فغسله هبة الله وجبرئيل وكفنه و حنطه ثم قال جبرئيل لهبة الله : تقدم فصل على أبيك وكبر عليه خمسا وسبعين تكبيرة ، فحفرت الملائكة ثم أدخلوه حفرته ، فقام هبة الله في ولد أبيه بطاعة الله تعالى ، فلما حضرته وفاته أوصى إلى ابنه قينان وسلم إليه التابوت ، فقام قينان في إخوته وولد أبيه بطاعة الله تعالى وتقدس ، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه يرد وسلم إليه التابوت وجميع ما فيه ، وتقدم إليه في نبوة نوح عليه السلام فلما حضرت وفاة يرد أوصى إلى ابنه اخنوخ وهو إدريس وسلم إليه التابوت وجميع ما فيه والوصية ، فقام الخنوخ به فلما قرب أجله أوحى الله تعالى إليه : إني رافعك إلى السماء فأوص إلى ابنك خر قاسيل ففعل ، فقام خر قاسيل بوصية اخنوخ ، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه نوح عليه السلام وسلم إليه التابوت ، فلم يزل التابوت عند نوح حتى على حمله معه في سفينته فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه سام وسلم إليه التابوت وجميع ما فيه .