فلنعود قليلا إلى الطفولة ..نتذكر تلك الحكايات البسيطة الجميلة التي طالما ما أمتعتنا ..ربما قرأناها كثيرا وشاهدناها في التلفاز كل يوم ..لكننا كنا لا نعرف من ألفها ,ومن كتبها,وأين مصدرها؟
حكايات يَعْسوب مجموعة من القصص تُنْسَب إلى عبد إغريقي يسمَّى يعسوب، عاش في حوالي عام 600 ق.م.
مثلها مثل كافة الحكايات المرويَّة على لسان الحيوان، فإن كُلاً من تلك الحكايات القصيرة تعلِّم ناحية أخلاقية، وتقدِّم نصيحة مفيدة.
وهذه الحكايات تذكرنا بالحكايات العربية في كتاب "كليلة ودمنة"
كما أن معظم الشخصيات في حكايات يعسوب حيوانات تتكلم وتتصرَّف كالبشر، وتوضِّح مساوئ وفضائل الطبيعة البشرية بطريقة مبسطة وفكِهَة.
وتنتهي كل حكاية خرافية بمَثَل يلخِّص مغزاها الأخلاقي.
من الأرجح أن تكون السلحفاة والأرنب الحكاية الأكثر شيوعًا من بين حكايات يعسوب..
وتحكي الحكاية عن سباق بين سلحفاة بطيئة وأرنب سريع. وفي منتصف السباق، كان الأرنب متقدمًا بمسافة طويلة، وواثقًا للغاية من الفوز، مما دفعه لأن يأخذ سِنَة من النوم. وكانت السلحفاة تتهادى في مشيها باطراد، متجاوزة الأرنب في نهاية المطاف. ويستيقظ الأرنب، ويَرَى منافسته تعبر خط النهاية.
تعلمنا هذه القصة بأن المثابرة قد تكون أعظم أهمية من السرعة.
توضح حكاية خرافية أخرى مفضلة، هي النملة والجندبُ، قيمة العمل الدؤوب والإعداد للمستقبل.
في هذه الحكاية الخرافية، يمرح الجندب طوال الصيف، بينما تقوم النملة بتخزين الطعام. وعند حلول الشتاء، يكون للنملة طعام وافر، بينما يتضور الجندب جوعًا.
زُوِّدت حكايات يعسوب بتعبيرات شهيرة كثيرة.
وعلى سبيل المثال، فإن العدو الذي يتظاهر بأنه صديق يسمَّى ذئبًا في ثياب حمل.
وقد نشأ هذا التعبير من قصة يتنكر فيها ذئب في جلد حمل، ثم يتحرك، دون أن يُكتشف وسط قطيع من الخراف، ويقتلها ليأكلها. ومن ناحية أخرى، فإن الراعي أيضًا يحسبه حملاً فيذبحه للعشاء.
لا أحد يعلَم كم من القصص المنسوبة إلى يعسوب قد ألفها هو فعلاً؛ فبعض الحكايات نشأت من مصادر أكثر قِدَمًا؛ وقد يكون يعسوب مسؤولاً فقط عن روايتها، وإكسابها الشهرة.
لسنين عديدة، كانت حكايات يعسوب تُروَى بالتواتر من جيل لآخر.
وفي حوالي عام 300 ق.م، قام سياسي أثيني اسمه ديميتريوس فاليريوس بجمع حوالي المائتين منها في مجموعة أسماها تجميعات حكايات يعسوب.
وقد ترجم هذه المجموعة إلى اللاتينية بعد حوالي 300 سنة عبد إغريقي عتيق يسمى فيدروس. وفي نحو عام 230م، قام الكاتب الإغريقي فاليريوس بابريوس بضم حكايات يعسوب إلى بعض الحكايات الهندية، وترجمهما شعرًا إغريقيًا.
ومنذ ذلك الحين، أعاد كُتَّاب آخرون رواية الحكايات وزادوا من معانيها، إلا أن الحكايات لم تفقد مطلقًا بساطتها وجاذبيتها الأصليتين.