ذكر المرحوم النهاوندي في كتاب ( راحة الروح ) أن أحد العلماء قال اني رأيت في المنام جماعة من الأموات فرحين وكان يمشي خلفهم رجل كبير السنّ وهو حزين . فسألته عن سبب حزنه .
قال : إن هؤلاء الفرحين يتصدق أهلهم بالخيرات , وأما أنا فلا أحد يتصدق لي .
قلت له : أليست لك ذرية تتصدق نيابة عنك ؟
قال : بلى لي ولد يعمل عند النهر في غسل الأقمشة .
يقول العالم لمّا جلست من النوم ذهبت إلى النهر فرأيت ولد المرحوم يغسل أقمشة على حجر وهو يقول (( ضيق , ضيق .. )) .
سألته : ماذا تعني بهذه الكلمة ؟
قال : إن رزقي ورزق عائلتي ضيق وقليل .
قلت له : تصدّق لأبيك المتوفى بشيء قليل .
قال : لا أملك من مال الدنيا شيئاً .
قلت : تصدق ولو بشيء بسيط جداً .
فغضب الشاب مني, فأخذ ثلاث غرف من الماء وسكبه على جانب النهر, وقال : هذه خيرات لأبي , وليس عندي أكثر منها ... في اللّيلة الثانية رأيت الرجل في منامي فرحاً مسروراً .
سألته : كيف حالك الآن ؟
قال : ان ذلك الماء القليل الذي سكبه ولدي تصدقاً لي قد نفعني و أزال حزني وجزعي , أرجو من الله أن يوسِّع عليه من رزقه الحلال .
قلت : ان ذلك الماء لم يكن شيئاً ثميناً , ولم قد اروى به عطشاناً , ليأتيك اجره وثوابه !
قال : انه لما سكب الماء , كانت سمكة صغيرة تلفظ أنفاسها الأخيرة على حافة النهر , فوصل إليها ذلك الماء القليل , وانقذها من الموت , لأنه اتصل ذلك الماء بماء النهر , فتسلّلت السمكة إلى النهر . ولأجل هذا الخير الذي صدر عن ولدي , أكرمني الله تعالى , وأنا أدعو الله تعالى أن يرزقه خيراً في في دنياه وآخرته .
يقول العالم : مرّت شهور قليلة , فوجدت ولده قد بلغ الثراء وصار أحد كبار الأغنياء .