كان اغلب اهل العراق شيعة لاميرالمؤمنين علي (ع) لذلك ولّى معاوية عليهم عبيدالله بن زياد وامره أن يلاحق شيعة علي (ع) خلف كل حجر ومدر ويبعث بهم الى معاوية ليقتلهم باشنع قتل.
امر يوماً أن ياتوه برشيد الهجري احد اصحاب اميرالمؤمنين (ع) المخلصين. فبقي رشيد الهجري بعد اصدار هذا الامر مختفياً.
وفي أحد الايام كان ابو اراكه جالسا مع جماعة في فسحة داره فدخل رشيد الهجري الى بيت ابي اراكه فخاف ابو اراكه وفزع وقام وتبعه الى داخل البيت وقال له:
ويحك! قتلتني وأيتمت ولدي واهلكتهم
فسأله رشيد: و ماذاك؟
فقال ابواراكه: لان شرطة عبيدالله يلاحقونك وقد دخلت داري فلربما رأوك وبّلغوا عنك.
فقال رشيد: لاتقلق! لم يرني أحد منهم
فتضجر ابواراكة من سماع هذا الجواب وقال: اتسخر مني؟
فالقى القبض على رشيد وشد يديه الى الخلف وحبسه في الغرفة ورجع الى اصحابه وقال :
انه خيل الي أن رجلاً شيخاً دخل الى داري آنفاً
فقالوا: نحن لم نر أحداً.
فاعاد ابواراكة سؤاله مرة ثانية فقالوا له:
لم نر احداً دخل الى بيتك.
فسكت ابو اراكة ولم يقل شيئاً.
لكنه بقي خائفاً أن يراه احد ويبلغ عنه.
و لكي يتأكد ذهب الى مجلس زياد ليرى ما اذا عرفوا أن رشيد في بيته ام لا؟ فان كانوا عرفوا ذلك يسلّمه لهم فدخل المجلس وسلم وجلس وانشغل بالكلام.
فبينما هم كذلك اذ جاء رشيد وهو راكب على بغلة ابي اراكة فما ان رآه ابو اراكة أنخطف لونه ويئس من الحياة وتجسم الموت أمام عينيه.
فنزل رشيد وسلم على زياد فقام لـه زياد احتراماً وتقديراً واحتضنهُ وارفق به وسأله عن كيفية قدومه؟ وعن حال من تركهم هناك؟ كيف قضيت السفر؟ ثم مسح برفق على محاسنه.
فجلس رشيد قليلاً ثم قام وذهب.
فسأل ابواراكة من زياد: اصلح الله الامير من هذا الشيخ؟
أجاب زياد: هذا اخ من اخواننا من اهل الشام وهو من اصحابنا قدم علينا زائراً.
فخرج ابو اراكة من مجلس زياد فلما رجع الى منزلـه وجد رشيد على نفس الحال التي تركه عليها يداه موثقتان وباب الغرفة مسدود عليه فقال لـه متعجباً:
أما اذا كان عندك من العلم كل ما ارى فاصنع ما بدالك وادخل علينا كيف شئت.