كتب زرارة بن أعين ، وعبد الله بن بكير ، ومحمد بن مسلم ، وأبو بصير وآخرون ، إلى الإمام الصادق (عليه السلام) يتبرّمون له من تصرفات المفضَّل بن عمرو الجعفي ، وذلك لما لاحظوا على المفضَّل من معاشرة بعض الأشخاص غير الملتزمين ، مثـل شاربي الخمر ، واللاعبين بالطيور ، وتمنَّـوا على الإمام (عليه السلام) أن يكتب إليه رسالة ينهاه عن أعماله غير اللائقة تلك .
فكتب الإمام (عليه السلام) الرسالة وختمها ثم سلَّمها إليهم ، وأوصاهم أن يسلِّموها إلى المفضَّل ، وفي الكوفة فضَّ المفضّل الرسالة وتلاهـا عليهم ، ففوجئوا بـأن الإمام (عليه السلام) لم يأت على ذكر طلبهم لا من قريب ولا من بعيد ، وإنما وجدوا الإمام (عليه السلام) فيها يأمر المفضّل بشراء أشياء تحتاج إلى مبالغ طائلة .
فقال لهم المفضل : علينا أن نتعاون في جمع المبلغ ، قالوا : إن ذلك يحتاج إلى الوقت .. وإلى العمل الحثيث ، ثم عزموا الخروج ، لكن المفضَّل استوقفهم ودعاهم لتناول طعام الغداء معه .
وعلى الأثر أرسل شخصاً في طلب عددٍ من الذين شكوا المفضَّل بسببهم ، وحينما حضروا عرض عليهم المفضَّل الأمر ، فاستأذنوا في الخروج ، وعادوا بعد قليل ومعهم عشرة آلاف درهم هي المبلغ المطلوب ، ثم سلموها للمفضَّل والحضور يشهدون .
وعند تناول الطعام توجه المفضَّل نحو أصحابه وهو يقول : أفكنتم تريدون أن أترك أشخاص كهؤلاء ، فأعجز عن أداء الأمور الضرورية .
عند ذلك تبين للقوم مغزى قصد الإمام (عليه السلام) من وراء كتابه ، وهو إعلامهم بأن القائد بحاجة إلى جميع أصناف الناس ، مادام دينه فـي مأمن من الخطر والزلل ، وإن معاشرة المفضَّل لأولئك كان من الصواب والحكمة ، وهو مؤيد في ذلك من الإمام (عليه السلام)