استيقظت نجمة تنفض عن عيونها آثار النوم و الدمع بعد ليل طويل
هل كان حلماً ؟؟ أم أنها حقيقة ؟؟ هل غادرنا أبي حقاً ؟ نظرت حولها فرأت أخاها الكبير .. السواد تحت عينيه واضح .. بلى .. لقد غادرنا أبي .. من دون حتى أن يقول لنا كلمة وداع..
نهضت مستجمعة قواها ... نظرت في أنحاء البيت ... لقد فقد نوره باختصار ... ماعاد أبي موجوداً .. لا حاجة لضفائري التي كان يحبها ... ولا ضرورة لأن أخشى علامتي المتدنية في التاريخ ولن يستدعيني لغرفته بعد اليوم ...
بين قنوات التلفاز جلست تحاول الترويح عن نفسها ... حين فاجأها إعلان .. لم يكن لأكلة مفضلة أو فيلم تحبه..كان الإعلان .. صاعقة وحدة .. يوم اليتيم العربي ... يالله ... لقد أصبحت منهم ...
وسط دهشتها ودموعها دخل أخوها .. انتبه للموضوع .. أغلق التلفاز وكان لا بد أخيراً من الحوار ... بذكاء و حذر .. طرح السؤال : من قال أن بابا مات ؟
التفتت نجمة إليه منتظرة الجواب ... نظر إليها بحنان ... نجمة ألا تذكرين أبي؟؟ ألا تذكرين يديه .. وحديثكما معاً ؟؟ أنت تذكرين وجهه و تفاصيل يومه .. أليس كذلك ؟؟
أومأت رأسها بالإيجاب .. أكمل الأخ : إذن هو لم يمت .. لقد انتقل إلى مكان آخر أروع وأجمل ... سنشتاق إليه .. نعم بالتأكيد... لكن تذكري هناك من لم يعرف أباه قط .. هناك من لا يملك الذكريات عنه .. نبي الله محمد كان يتيماً مثلنا .. ألا يكفيك هذا دواء و سلوى ؟؟
ابتسمت نجمة .. قال : أريد منك خدمة : أريد أن أشارك أطفالاً لا يملكون الذكريات بيومهم .. ليس بيومهم فقط بل في كثير من أيام السنة ..
بثقة رد الأخ : هذه النجمة التي أعرف .. استعدي فموعدنا غداً إذن
أمام صورة أبيها وقفت نجمة ... بابتسامة تخالطها الدموع ... أبي .. لك مني وعد أن يكون اليتامى أخوتي ليس في يوم اليتيم فحسب ... بل في كل الأيام ...