بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء رجل الى الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام وقال: يا إمام لقد اشتريت دارا وارجو ان تكتب لي عقد شراءها بيدك،فنظر الإمام اليه بعين الحكمة فوجد الدنيا قد تربعت على عرش قلبه وملكت عليه أقطار نفسه فكتب قائلا يريد ان يُذِكّر بالدار الباقية. كتب بعدما حمد الله وأثنى عليه.
أما بعد:
فقد أشترى ميت من ميت دارا في بلد المذنبين وسكة الغافلين لها اربعة حدود, الحد الأول ينتهي الى الموت والثاني ينتهي الى القبر والثالث ينتهي الى الحساب والرابع ينتهي إما الى الجنة وإما الى النار. فبكى الرجل بكاءا مرا وعلم ان الإمام اراد ان يكشف الحجب الكثيفة عن قلبه الغافل فقال: يا امير المؤمنين أُشهد الله أني قد تصدقت بداري على أبناء السبيل فقال له الإمام الحكيم هذه القصيدة العصماء:
النفـس تبكـي على الدنيـا و قد علمـت ...... أن السـعادة فيـها ترك ما فيـها
لا دار للـمرء بعــد المـوت يسكنـها .......... الا التي كان قبل المـوت بانيـها
فان بنـاها بخـير طـاب مسـكـنه .............. و ان بنـاهـا بشــــر خـــاب بانيـها
أمــوالنـا لــذوي المـيراث نجــمعها ........... ودورنـا لخـــراب الــدهر نبنيها
أين المـــلوك التــي كانــت مســلطنــة ...... حتى ســقاها بكـأس المـوت ساقـيـها
فـــكم مـــدائن فــي الآفـــاق قد بنيت .....أمست خــرابا و أفنــى المــوت أهليـها
لاتــركـنن الـى الــدنيـا و مـــا فيــها ........فالـمــوت لاشـك يفـنيـنا و يفـنيـها
لكــــل نفــس و ان كــانــت علـى وجـل ........ مــن الـمـنـية آمـال تقـويـها
الــمرء يبـسطها و الــدهر يقبضـــها ...... والنفـس تنشرهــا و المـوت يطويـها
إن المـــكارم أخــلاق مطــهــرة ........ الديـــن أولـهــا و العــقــل ثانيـها
و العـــلم ثــالثــها و الحلم رابعها ....... والجود خامسها و الفــضل ساديـها
والبــر ســــابـعهـا و الشـكـر ثامنها ........ والصبرتاسعــهـا و الليــن باقيـها
والنــفــس تعـلــــم أنـي لا أصـادقــها ....... ولسـت أرشــد الا حين أعصيـها
واعمــل لـــــدار غد رضــــوان خازنها ....... والجار أحمــد و الرحمن ناشيـها
قصــورها ذهــب و المسك طيــنتـها ....... والزعفــران ربيـــع نابــت فيــها
أنــــهارها لبــن محض و من عـســـل ....... و الخمريجري رحيقــا في مجاريها
والـــطيـر تجــري على الأغصان عاكـــفة......تسبــح الله جهراً في مغــانيهـا
مـن يشـتري الدار في الفــردوس يعمرها.....بــركعة في ظــلام الليــل يحييهـــا
فقال
الرجل للامام علي عليه السلام : اكتب أنني وهبتها لله و رسوله.