فجأة .. وجد نفسه يخرج من الظلمة إلى النور ... بدا الوضع غريباً ومزعجاً .. همهمة أصوات مرهقة .. يالله .. ماذا حل بي؟؟ ماهذا المكان ؟؟؟
أحس بنفسه ينتقل من مكان إلى مكان ... صرخ ... لكن من حوله لم يأبهوا بصراخه ... من هؤلاء ؟؟؟ ماذا فعلت بنفسي
ثم .. حصل شئ غريب ... هناك يد حملته بروح مختلفة ... سكت ... أحس بأنه يعرف هذه اليد ... أنصت أكثر .. أسمع شيئاً يذكرني بالمكان الذي كنت فيه ... هذه التي تحملني كانت معي في نفس المكان ... هذا الصوت .. كنت أسمعه .. وهذه اليد ... كانت تربت عليّ من بعيد..
صغيري ... تعال إلى أمك .. أمممم ماذا يعني أمي؟؟؟ لا يهم الآن ... المهم أن هذه المرأة أنا أعرفها منذ زمن طويل .. من قبل أن آتي لتلك الحياة .. وأنني أشعر أمامها بشعور غريب .. لا أدر ما هو بالضبط ..
كبرت ... وكنت كلما وقعت .. وجدت أمي ... كلما فرحت .. كلما حزنت .. في أي لحظة أشعر فيها بالضياع أو الحيرة .. كانت أمي هناك .. كمنارة شامخة في بحر الحياة .. دائماً كانت عيونها تدلني على الطريق ..
كنت أمازحها .. أقول لها أحبك فتجيبني أحبك أكثر .. وأقول لها أعلم كم تحبينني فتبتسم ابتسامتها الهادئة وتقول ليس بعد .. لا يمكن ... كل الكم الذي تعرفه .. لكنك ما زلت لا تعرف
تقدم العمر أكثر .. ربما اختلفنا بالرأي أحيانا... أغضب .. أشيح بوجهي عنها ... ثم أتذكر أن هذه المرأة هي من كانت وطني في غربتي حين قدمت للحياة فأتراجع و أنا أحاول أن أعرف معنى كلمة أمي ....
سافرت أمي ... اعتقدت في البداية أن الموضوع سيكون بسيطاً .. فسأنعم الآن بالحرية و الحركة دون قلقها الدائم ... لكن في اليوم الأول الذي خرجت فيه من البيت ... عرفت معنى كلمة أمي ..
عرفت أن معناها أن تكون نائماً وهناك قلب يدعو لك... عرفت أن معناها أن تخرج من البيت و أنت تشعر أنك محمي بدعاءها .. عرفت أن معناها أن تكون محاطاً بسوار منيع من الحب و الأمان
اليوم ... الآن .... فوراً ودون تأجيل ... امضوا أحبتي إلى أمهاتكم ... ليس بالضرورة أن تقولوا كل عام وأنت بخير ... ولكن ليكن لديكم إصرار كامل على أن تبدأ اليوم مذكرات الحب و الصداقة وأن ينتهي أي تصرف سئ .. مهما كان صغيراً .. ومهما كان ضئيل ..
اطبعوا على جبينها المتعب قبلة ... وتعهدوا بأن الأمور من اليوم و صاعداً ستكون بخير ..
أقر الله عيون أمهاتكم بكم .. و دمتم لهن ... وكل عام وهنّ بخير