السلام عليكم ورحمة الله
تزوج مسلم ـ عليه السلام ـ رقية بنت أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فولدت له عبدالله وعليا، ومحمد من أم ولد ، وأما مسلم وعبد العزيز لم يعيّن ابن قتيبة أمهما ، وله بنت اسمها حميدة أمها أم كلثوم الصغرى بنت أمير المؤمنين وحيث لا يصح الجمع بن الاختين فلابد من فراق احداهما أو موتها ، وتزوج حميدة ابن عمها وابن خالتها عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ، وأمه زينب الصغرى بنت أميرالمؤمنين ، وكان شيخا جليلا محدثا فقيها عده الشيخ الطوسي من رجال الامام الصادق ـ عليه السلام ـ وجزم الترمذي بصدقه ووثاقته ، وخرّج حديثه في جامعه ، كما احتج به أحمد بن حنبل والبخاري وأبو داود وابن ماجة القزويني مات سنة 142 وولدت حميدة محمدا أعقب من خمسة القاسم وعقيل وعلي وطاهر وابراهيم.
فأولاد مسلم الذكور خمسة ؛ قتل منهم في واقعة الطف مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته يوم عاشوراء اثنان :
1 - محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وأمه أم ولد .
- 2 عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وأمه رقية بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
وبعد قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) فرّ غلامان صغيران لمسلم بن عقيل في الصحراء ، وبعد رحيل الأسارى والنساء عثر على الغلامين، فجيء بهما الى ابن زياد ، فدفعهما الى رجل ، وأوصاه بالتضييق عليهما حتى في الطعام والشراب ، فمكثا في الحبس سنة فقال أحدهما للآخر : لقد طال الحبس بنا ويوشك أن تفنى أعمارنا ، فاذا جاء الشيخ ، فأعلمه بمكاننا من رسول الله لعله يوسّع علينا.
ولما جاء الرجل سألاه هل تعرف محمد بن عبدالله ؟ قال : هو نبيي . ثم سألاه عن جعفر الطيار ، قال : إنه الذي أنبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة . فسألاه عن علي بن أبي طالب ، قال : إنه ابن عم رسول الله.
فقالا له : نحن من عترة رسول الله نبيك ، ومن أولاد مسلم بن عقيل وقد ضيّقت علينا حتى في الطعام والشراب.
فانكبّ الرجل عليهما يقبّلهما ، ويعتذر من التقصير معهما مع مالهما من المنزلة من رسول الله ، ثم قال لهما : اذا جنّ الليل أفتح لكما باب السجن ، وخذا أيّ طريق شئتما ، ولما أن جاء الليل أخرجهما وقال : سيرا في الليل ، واكمنا في النهار حتى يجعل الله لكما من أمره فرجا.
فهرب الغلامان ، ولما أن جن عليهما الليل انتهيا الى عجوز كانت واقفة على باب دارها تنتظر ختنا لها ، فوقفا عليها وعرفاها بأنهما غريبان من عترة رسول الله لا يهتديان الى الطريق واستضافاها سواد هذه الليلة.
فأدخلتهما البيت وقدّمت لهما الطعام والشراب فأكلام وشربا وباتا راجيين للسلامة ، واعتنق أحدهما الآخر وناما ، وفي تلك الليلة أقبل ختن العجوز وقد أجهده الطلب للغلامين وقص على العجوز هرب الغلامين من سجن ابن زياد ، وانه نادى عسكره من أتاه برأسيهما فله ألفا درهم.
فحذّرته العجوز من العذاب الأليم ، ومخاصمة جدهما محمد ، وأنه لافائدة في دنيا ولاآخرة معها ، فارتاب الرجل من هذا الوعظ ، وظن الغلامين عندها ، ولما ألح على أن تخبره بما عندها وهي كاتمة عليه أمرهما أخذ يفحص البيت عنهما فوجدهما نائمين ، فقال لهما : من أنتما ؟ قالا : إن صدقناك فلنا الأمان ؟ قال : نعم ، فأخذا عليه أمان الله وأمان رسوله ثم جعلا الله عليه شهيدا ووكيلا فأوقفاه على حالهما.
وعند الصباح أمر غلاما له أسود أن يأخذهما الى شاطئ الفرات ويذبحهما ويأتيه برأسيهما.
فلما أخذهما الغلام قالا له : يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله أتقتلنا ونحن عترة نبيك ، وقصّا عليه قصّتهما في السجن وما لاقياه من النصب حتى أضافتهما العجوز.
فرقّ الغلام لهما واعتذر منهما ورمى السيف وألقى نفسه في الفرات وعبر الى الجانب الآخر فصاح به مولاه : عصيتني ؟ فأجابه : أنا في طاعتك ما دمت لا تعصي الله فاذا عصيت الله فأنا بريء منك.
فلم يتّعظ الرجل ولا رقّت لهما بل دعا ابنه وقال له : إنما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك ، والدنيا محرص عليها فاضرب عنقي الغلامين لأحضى برأسيهما عند ابن زياد ، ولما وقف عليهما الولد قالا له : يا شاب أما تخاف على شبابك من نار جهنم ونحن عترة رسول الله محمد . فرقّ الولد لهما وفعل مثل العبد.
فقال الرجل : أنا أتولى ذبحكما ، فقالا له الغلامان : إن كنت تريد الال فانطلق الى السوق وبعنا ولا تكن ممن يخاصمك محمد في عترته ، فما ارعوى عن غيّة ، قالا له : انطلق بنا الى ابن زياد ليرى فينا رأيه ، فأبى . قالا : ألم ترع حرمة رسول الله في آله ، فأنكر قرابتهما من النبي ، فاستعطفاه لصغر سنهما فلم يرقّ قلبه.
فطلبا منه أن يصليا لربهما سبحانه فقال : صليا إن نفعتكما الصلاة ، وبعد أن فرغا رفعا أيديهما الى الله سبحانه وهما يقولان : يا حي يا حليم يا أحكم الحاكمين إحكم بيننا وبينه بالحق.
فقدّم الأكبر وذبحه فتمرّغ الأصغر بدمه وقال : هكذا ألقى رسول الله وأنا مخضّب بدم أخي ، ثم ضرب عنقه ورمى بجثتيهما في الفرات ، ووضع رأسيهما في جراب له وأتى بهما الى عبيد الله بن زياد وهو جالس على كرسي له وبيده قضيب خيزران ، فوضع الرأسين بين يديه ، فلما نظر إليهما ، قام ثم قعد ثلاثاً ، ثم قال :الويل لك ، أين ظفرت بهما ؟
قال : أضافتهما عجوز لنا ، قال : فما عرفت لهما حق الضيافة ؟ قال : لا ، قال : فأي شيء قالا لك ؟
قال : قالا لي : كيت وكيت ، وقص عليه ما دار بينهم .
فقال عبيد الله بن زياد : فإن أحكم الحاكمين قد حكم بينكم ، من للفاسق ؟
فانتدب له رجل من أهل الشام ، فقال : أنا له ، قال عبيد الله : انطلق به إلى الموقع الذي قتل فيه الغلامين ، فاضرب عنقه ، ولا تترك أن يختلط دمه بدمهما وعجل برأسه ،
ففعل الرجل ذلك وجاء برأسه فنصبه على قناة رمح
فجعل الصبيان يرمونه بالنبل والحجارة وهم يقولون :
هذا قاتل ذرية رسول الله ( صلى الله عليه وآله)
عظم الله اجوركم ايها الموالون.