هــل علمتـمبفلسفـــةالألــوان ؟؟؟
المعروف أن ألوان الحد والفاصل هي ( الأبيض والأسود ) .. والجدل الفلسفي لوضع القياس الفاصل هو ذلك المعيار الحدي ( أبيض أم أسـود ) ..
اللون الأبيض يمثل أعلى درجات القيم التي تعني الوضوح حيث الشفافية المطلقة .. واللون الأسود يمثل أدنى درجات القيم التي تعني قمة القتام والإبهام ..
وأي لون بعد ذلك يدخل في مسميات الشك والريبة والتلاعب والتحايل ..
ولتقريب الفكرة للأذهان نتمثل بزجاج شفاف جداَ عند أعلى الدرجة ثم تقل تلك الشفافية كلما ابتعدنا من درجة عليا إلى درجة أدنى فأدنى ثم أدنى .. وكلما نزلنا في الدرجات تقل الشفافية وتزداد القتامية .. بمعنى أن الرؤية تفقد الصفاء رويدا رويداَ حتى إذا بلغنا الدرجة الأخيرة الأدنى وهي درجة الأسود نفقد الرؤية كلياَ فلا نرى عندها شيئاَ ..
وتعاملات الناس في جملتها تدور في ساحات الألوان المتوفرة بين الأبيض والأسود بقدر شفافيتها أو بقدر قتامها .. وهي ألوان تمثل الآلاف من درجات المزج والخلط .. فمتى ما تدنت درجة اللون إلى نقطة أدني من درجة الأبيض الذي يمثل الحد الأعلى في الوضوح يتدنى معيار التعامل بنقطة أدنى في ساحات الشك والظنون والريب والتلاعب .. أي بقدر ضئيل يمثل درجة .. وهكذا تتدنى درجات الألوان من أعلى الدرجة التي يمثله اللون الأبيض إلى الأدنى في درجات الألوان ثم الأدنى ثم الأدنى حتى تصل إلى الفاصل الأدنى الأخير الذي تمثله درجة اللون الأسود ..
وعندها تنعدم الشفافية بالكامل وتلفح الظلام .. وأية نقطة تعنى التدني في درجات الألوان من درجة الأبيض تدخل في مرحلة نفسية تسمى ( التشاؤم ) .. وأية نقطة تعني الترقي إلى الأعلى من درجة الأسود تدخل في مرحلة نفسية تسمى ( التفاؤل ) ..
فإذن نظرية التفاؤل والتشاؤم كالتالي : ( كلما ابتعدنا بالدرجات إلى الأدنى من درجة اللون الأبيض يسبب ذلك درجات من التشاؤم .. وكلما ابتعدنا بالدرجات إلى الأعلى من درجة اللون الأسود يسبب ذلك درجات من التفاؤل ) ..
فالإنسان يبدأ بالتشاؤم كلما تقل الرؤية والشفافية في درجات الألوان أمامه .. وكذلك يبدأ بالتفاؤل كلما تتضح وتتكشف الرؤية في درجات الألوان أمامه .. والمفارقة العجيبة تكون بعد ذلك في طبائع الناس فهناك في الناس من يتطرف ويحب التعامل بالمكشوف وبالشفافية المطلقة .. أي إنه يفضل درجة اللون الأبيض .. وهناك من يتطرف ويحب أن يتعامل في الأجواء الظلامية القاتمة .. أي إنه يفضل درجة اللون الأسود .. ثم هناك الغالبية العظمى من الناس الذين يتفاوتون في الطبائع بمقدار درجات الألوان بين الأبيض والأسود .
والمحصلة أن أفضل الناس تعاملاَ هو ذلك الذي يتطرف ويتعامل بدرجة اللون الأبيض ..
وأخطر الناس تعاملاَ هو ذلك المتطرف الذي يفضل التعامل بدرجة اللون الأسود ..
ثم بعد ذلك من أصعب القياسات والأحكام هو تحديد نوعية الناس الذين يتعاملون بتلك الألوان الأخرى المتفرقة في درجات الألوان .. وذلك لأن المتطرف بحكم تطرفه يحكم على ذاته بالقرار ويكشف عن طبعه ..
أما ذلك الإنسان التائه في ساحة الألوان فلا يمكن الحكم على طبعه إلا بعد معاشرة طويلة تقتضي المراقبة ثم الحكم . فهناك في الناس من يحب أن يكون في درجة اللون الرمادي حيث مكمن التلاعب بكل أطراف النوايا .. الحسنة والسيئة .. فهو مراوغ يجيد المراوغة وينتهز الفرصة السانحة ولا يبالي في النهاية بالمحصلة المفقودة ..
وهناك من يحب أن يكون في درجة اللون الأزرق حيث يعشق الخلفيات الرومانسية مع القليل من الأضواء ..
وهناك من يحب أن يكون بدرجة اللون البني حيث الميول الفطري لنواحي الهدوء والسكينة والوقار والاستقرار ..
وهناك من يحب أن يكون في درجة اللون الأصفر حيث يبحث عن الأضواء والشهرة والإشهار ولفت الأنظار ..
ودرجات الألوان الأخرى كثيرة تلصق صفة من الصفات على أصحابها .. وهناك علماء النفس الذين يتخصصون في تحديد الطبائع بمقدار درجات الألوان التي يتعاملون بها . ومفهوم الألوان فلسفياَ مفهوم سلوكي بحت ولا يتعلق بالحقائق الفيزيائية والقياسات العلمية للألوان .. كما لا يتعلق بمفاهيم أهل الفن والرسم الذين لديهم مفاهيم جمالية ومعنوية وخلفيات تشكيلية للألوان .