" نـعم الله "يوماً طلب داود إلى الله - وهو يناجيه - أن يريه قرينه في الجنة، فأخبره (تبارك وتعالى) أن (اذهب غداً وأخرج من باب المدينة فأول من تلتقيه هناك هو قرينك في الجنة).
وفي اليوم ا
لتالي خرج داود وابنه سليمان من باب المدينة فشاهدا شيخاً يحمل على ظهره حزمة من الحطب كي يبيعها. وكان الشيخ يدعى (مَتّى) وحينما وصل الباب صاح بأعلى صوته:
(من يريد أن يشتري حطباً؟).
فجاء شخص واشترى منه الحطب وانصرف.
وهنا جاء داود وسلّم على الرجل ثم قال:
(أيمكنك أن تأوينا كضيوف هذا اليوم ؟).
فقال الشيخ:
(على الرحب والسعة.. الضيف حبيب الله).
ثم اشترى الشيخ بثمن الحطب كمية من الحنطة، وحينما وصلوا البيت طحن الحنطة وخبز ثلاثة أقراص من الخبز ووضعها بين يدي ضيفيه.
وعندما بدأوا يأكلون الطعام، ما فتىء الشيخ يقول {بسم الله} مع كل لقمة يضعها في فمه وبعد أن يزدردها يتمتم {الحمد لله}. وحين أتموا أكل طعامهم المتواضع رفع يده نحو السماء وقال:
(الـهي، ان الحطب الذي بعتُهُ هو شجرة أنبتَّها أنت، ثم يبستها وأعطيتني القوة الكافية لقلع الحطب منها، وأنت الذي بعثت لي من يشتري الحطب مني، والحنطة التي اشتريتُها؛ أنت الذي خلقت بذرتها وأنبتَّها، وأعطيتني الوسائل التي بها طحنت وخبزت، فما الذي صنعته أنا في قبال كل ذلك ؟).
كان الرجل يقول هذه الكلمات وهو يبكي ودموعه تجري من عينيه، وهنا التفت داود إلى ابنه سليمان (؏) ونظره نظرة معبّرة، وكأنه كان يقول له: اذن فلهذا السبب يحشر هذا الشخص مع الأنـبياء.
___________________________
الدار الأخرى ص446