معدل الامطار للمنطقة الوسطى والجنوبية 140-150 ملم/سنة (1970-2000)، بينما بلغ الاسبوع الماضي (58) ملم في بغداد، حسب هيئة الانواء..
ويمثل الرقم اربعة اضعاف المعدل وهو (15) ملم كمتوسط لبغداد لشهر تشرين الثاني.. ويتوقع المزيد في قادم الايام. علماً ان معدلات كانون الاول هي، في العادة، ضعف الشهر الحالي.
سقط في بغداد خلال الايام الماضية حوالي (52) مليون م3 وهي تعادل مياه الشرب لسكان العاصمة لمدة سنة.. ومعدلات الامطار في بقية اجزاء العراق لا تختلف عن بغداد.. وكمثال امتلأت سدود "الوند" و"قزانية" و"مندلي" و"بحيرة حمرين" في ديالى. كميات تسمح باسقاء ملايين الدونمات الزراعية، لو استثمرت.
وكأي نعمة لا تستغل، تتحول الى نقمة وموت وغرق وانهيار المساكن وتعطل الحركة واضرار كثيرة. ومشكلة انغلاق المجاري، على اهميتها، جزئية. فنحن لا نمتلك اصلاً مجاري بالشكل المطلوب.. فالبائسة منها هي للمياه القذرة.. والمخصصة لمياه الامطار، قديمة، وقليلة، وفي مناطق محدودة.. ولا تشمل التوسعات السكنية خصوصاً العشوائية. وهو ما صرحت به الامانة (11/11/2013) قائلة.. وتفوق كمية الامطار "القدرات التصميمية والاستيعابية لخطوط وشبكات المجاري".. كذلك لا نمتلك في المدن والارياف خزانات لحفظ المياه.. فدول كثيرة شجعت واوجبت بناء خزانات حتى في اقبية العمارات. فالامطار ان لم تتحول لسيول او "حالوب" فهي نعمة ننتظرها لتثبيت التربة.. والاستخدامات الزراعية والصناعية والمنزلية.. ورفع مستوى المياه الجوفية والخزانات الموجودة وزيادة توليد الطاقة.. وتحسين نوعية المياه وارتفاع مناسيب الانهار الواجب خزنها، والا ستذهب هدراً في البحر او سبباً لملوحة الارض.
لا دولة بمنأى عن الظروف البيئية الطارئة.. لكن الدول تبني منظومات وتستعد مبكراً، رغم ذلك يستقيل المسؤولون عند فشلهم لاحتواء الازمة، ليسمحوا للمراجعة والاصلاحات الجذرية للمنظومة. فمعدلات الامطار الحالية ليست كارثية ليصعب تصريفها واستثمارها.. فهي مجرد معدلات فوق المتوسط، وطبيعية، بل اقل بكثير من معظم الدول. فالامطار -كالامن والخدمات والبطالة وغيرها- دليل اضافي لاهمية مراجعة مجمل نظمنا الموروثة والحالية، والا سنبقى ندعي الانجازات الورقية، او اتهام المسؤولين والاداريين والعاملين الذين يبذلون جهوداً مضنية، دون قدرة تقديم الحلول.
فعقود التخريب والاهمال والانشغال بالحروب.. اضيفت اليها، بعد التغيير، سلسلة من السياسات والخطط الفاشلة.. التي وضعت اولوياتها في مواقع الخطأ والجهل.. والتي تجعل نِعم الله واقرب اصدقائنا –كالمطر- اعداءً لنا.