المدى برس / البصرة
المعقل هو واحد من اقدم موانئ البلاد، انشئ في منطقة شط العرب على الساحل العراقي المطل على الخليج العربي، يحتوي على 15 رصيفا، بمساحة 4000 متر للرصيف الواحد، وبطول 2.5 كيلومتر للواجهة الامامية للارصفة، تم تاسيسه في البداية كميناء عسكري تابع للقوات البريطانية، وتوقف نشاطه خلال فترة الحرب العراقية الايرانية، ورغم ان الحرب انتهت منذ نحو 25 عاما، الا ان الميناء مايزال يواجه الكثير من المشاكل، التي تعيق مخططات وزارة النقل لتشغيله بطاقته القصوى، وتتنوع تلك المشاكل من الغوارق، الى جسر التنومة الذي يعي الملاحة، الى مرتبات العمال "البخسة"، بحسب المتحدثين باسمهم.
لكن السياسة التي ادت الى ايقاف الميناء، بعد الحرب مع ايران، قد تكون هي ذاتها من سيعيد الروح الى الميناء، خاصة وان الجارة التي ادت الحرب معها الى وجود غوارق في المياه المقابل للمعقل، لديها شركات تتفاوض الحكومة العراقية معها حاليا لرفع تلك الغوارق.
مدير الميناء: نستقبل 80 باخرة شهريا والتنومة أهم العقبات
يقول مدير ميناء المعقل جعفر محمد في حديث الى (المدى برس)، إن" ميناء المعقل يعد من أقدم الموانئ العراقية وتم تأسيسه عام 1919 وكان يحتوي على ثلاثة أرصفة انذاك، لكن مع مرور الوقت تم إستحداث أرصفة جديدة وصلت إلى 15 رصيفا"، مبينا أنه " مع اندلاع الحرب العراقية - الايرانية تم إيقاف العمل في ميناء المعقل لغاية عام 2009 أي انه توقف عن العمل بحدود 29 عاما ، وتم بعدها اعادة العمل فيه".
ويضيف محمد أن " الميناء يستقبل حاليا البواخر الصغيرة والمتوسطة ذات الغواطس الصغيرة بسبب تردي الاعماق في القنوات الخارجية لقناة شط العرب"، متوقعا" تحسن العمل في القناة الملاحية بعد الاتفاق مع الجانب الإيراني على امكانية تحسين القناة الملاحية بواسطة حفرها عن طريق الحفارات التابعة لموانئ العراق من خلال عقود خاصة مع شركات الاجنبية".
ويوضح مدير ميناء المعقل أن "الميناء ورغم التوقفات الذي شهده في الفترات الماضية وعدم حصول أي تحديثات فيه الا انه يحتضن شهريا 80 باخرة محملة بكافة البضائع الذي يحتاجها السوق المحلي لمدينة البصرة وباقي المحافظات العراقية فيما تدخل شاحنات الى الميناء بمعدل 350 شاحنة شهريا".
وعن المعرقلات الرئيسية في الميناء يلفت محمد الى أن "من أهم المعرقلات التي تتضارب مع مصلحة الميناء والبواخر التي تحمل البضائع المستوردة من باقي البلدان هو جسر التنومة فهو يعتبر المعرقل الاساسي والرئيسي في تحديد الملاحة في القناة الملاحية ودخول البواخر الى ميناء المعقل لان هذا الجسر يفتح وبالاتفاق مع مديرية الطرق والجسور ثلاث مرات اسبوعيا وكل مرة يفتح فيها الجسر تكون مدته من الساعة الـ2 بعد منتصف الليل ولغاية الساعة الـ4 فجرا وهذا المدة غير كافية لدخول وخروج البواخر من الميناء".
ويبيّن مدير الميناء أن "الباخرة وبعد انزال حمولتها فانها تبقى مجبرة على الانتظار يوما أو اثنين لغاية فتح جسر التنومة مرة اخرى وعلى هذا الاساس إرتأينا تنظيم قوافل السفن التي تدخل الميناء وايضا السفن الخارجة من الميناء وذلك عن طريق دخول من 16 الى 20 باخرة اسبوعيا في آن واحد وخروج العدد نفسه تماشيا مع وضعية الجسر".
ويشير محمد الى أن"المعرقل الثاني الذي يعاني منه الميناء هو القناة الملاحية لقناة شط العرب بسبب تردي الاعماق في مساحة محصورة في (راس البيشة) على الجانبين الايراني والعراقي بطول ثلاث اميال التي تعيق حركة الملاحة ولا تسمح بمرور غواطس عالية"، مشيرا الى أن الشركة العامة للموانئ العراقية و بالاتفاق مع باقي التشكيلات من ضمنها ميناء المعقل اتبعت نظام التشغيل المشترك مع الشركات الرصينة والشركات المعروفة ذات الخبرات البحرية، فيما يحتاج الكادر العامل في الميناء إلى إعادة تأهيل وتنظيم للمعلومات ونحن مستمرين بارسال كوادرنا في دورات الى مركز التدريب المهني لتحديث المعلومات".
عمال الميناء يقاتلون من اجل 1500 دينار لكل طن
من جهته يقول يونس حسن (25 سنة)، أحد العاملين في ميناء المعقل في حديث الى (المدى برس)" أعمل في هذا الميناء منذ أربعة سنوات ولا املك غير هذا العمل المتعب ورغم تعبه لكني مجبر على العمل هنا من اجل عائلتي" ، مبينا "أحمّل من الباخرة الى سيارات النقل مع ستة عمال آخرين بحدود 252 طن من مادة الاسمنت بشكل شبه يومي وبمعدل 1500 دينار للطن الواحد وبطبيعة الحال فان تكلفة انزال طن من مادة الاسمنت بكلفة 1500 دينار هي قليلة جدا مقابل المجهود والتعب الذي يتعرض له جميع العاملين لكن ليس باليد حيلة"
ويصف حسن ما يتسلمه يوميا من اجور مقابل جهوده بانها بـ"عين الظلم"، مبينا "أنا من مواليد 88 وملأ الشيب رأسي بسبب التفكير بكيفية الحصول على قوت أطفالي ورغم قلة الاجور التي نتقاضاها الا اننا محسودون وهناك من يتمنى اخذ مكاننا بسبب عدم وجود عمل والسبب عدم توفير الحكومة فرص عمل للذين لا يمتلكون شهادات".
من جهته يقول زميله في العمل ويدعى عزيز محمد جبارة (48 عاما) في حديث الى (المدى برس)، لدي عائلة مكونة من 13 نفر ورغم بلوغي هذا العمر وعدم تحملي العمل واطنان الاسمنت التي اعمل على تحميلها بشكل يومي لكني أفضل الموت تحت أكياس الاسمنت على التسول في الشوارع ".
ويبين جبارة "دائما ما نتعرض الى وعكات صحية كبيرة بسبب استنشاقنا لمادة الاسمنت لعدم توفير كمامات خاصة بهذا الشأن، بالإضافة الى تخوفنا الدائم من الحوادث التي يمكن أن تقع في أي لحظة لكن عدم وجود البديل يجبرنا على الاستمرار بهذا العمل ورغم هذا كله فان التجار دائما ما يهددوننا التاجر بالاستغناء عنا واستبدالنا بعمال اخرين".
ويؤكد جبارة أن "التسعيرة التي تبلغ 1500 حددها التجار وقد كانت في بداية الامر تبلغ 1250 دينار وبعد أن خرجنا بتظاهرة واضربنا عن العمل تم زيادتها الى 1500 دينار فقط".
حوادث غرق وبتر ارجل و"رولة" الميناء وشباكها لا يرحمان
بدوره يقول حسين عزيز موظف في ميناء المعقل في حديث الى (المدى برس)، إن "الميناء شهد مؤخرا بعض الحوادث منها غرق ملاح هندي تم العثور على جثته في ما بعد قرب رصيف الميناء".
ويضيف عزيز "كما تعرض أربعة من الحمالين الذين يعملون لأحد المتعهدين الى بتر ساق اثنين منهم ووفاة اثنين اخرين بعد سقوط (رولة الرافعة) عليهم"، مبينا أن "الشِباك التي تم تحميل مادة الاسمنت عليها لإنزالها باتجاه السيارات الناقلة اغلبها تالفة وتم زيادة الحمولة عليها أيضا لهذا السبب تمزقت وأنحرفت مما ادى الى قطع سلك الرافعة وسقوط (الرولة) عليهم بسبب المتعهد الطماع الذي يحاول ملء جيوبه دون الاكتراث للعمال".
يذكر ان وزارة النقل العراقية افتتحت يوم الاحد 27-10-2013، الرصيف رقم 14 في ميناء المعقل بمحافظة البصرة بعد اعادة تأهيله من قبل شركة امريكية، واكدت أن العراق يسعى لتطوير موانئه لتكون قادرة على استقبال 50 مليون طن سنويا من مختلف المواد خلال عام 2020، فيما اشارت الى أن الترسبات الموجودة في شط العرب لاتعيق تطوير ميناء المعقل.
يذكر أن البصرة، 590 كم جنوب بغداد، تعد مركز صناعة النفط في العراق ، وتنتج نحو مليونين و750 ألف برميل يومياً، كما تمتلك نسبة 59% من إجمالي احتياطات العراق النفطية.