لفظة استكان.
كل العرب يستعملون كلمة قدح أو كأس للزجاجة التي يصّب فيها الشاي إلا العراقيين فهم يستعلمون كلمة استكان ولا يعلم معظمهم من أين أتت؟
قبل مئات السنين كان الكأس الزجاجي الصغير يصنع في روسيا، في منطقة تسمى استراخان. وكان يتواجد في المدينة نفسها معمل للسكر يطلق عليه العراقيون "القند" وعندما جاء الشاي في بداية القرن العشرين إلى العراق، استورد العراقيون السكر من استراخان لاستعماله مع الشاي، ووجدوا تلك الأقداح الزجاجية الجميلة فجلبوها هي وأطباقاً صغيرة جميلة جداً توضع فيها الاستكان مع السكر، ثم جلبوا معها من نفس المكان "السماور" فاتخذه الأغنياء وسيلة لإعداد الشاي، أما الطبقة الوسطى، فكانت تستعمل إنائين لإعداد الشاي، واحداً لغلي الماء أبقوا لفظها الإنكليزي كما هو "الكتلي"، والثاني لتحضير الشاي ويجب أن يكون من الفخار الصيني، ويطلقون عليه "قوري الشاي" وهي لفظة صينية محرفة عن اسم إمبراطور صيني كانت تلك القوارير تستورد في زمانه، بينما يطلق العرب جميعهم لفظتين عربيتين على ذلك الإناء إحداهما: إبريق الشاي. والثانية براد الشاي.
وهكذا نرى أن العراقيين ينظرون إلى الجاي نظرة أشبه بالتقديس، وتغيير الاسم نوع من التزييف، ولما كان المقدس لا يقبل التزييف فلذا أبقوا على الأسماء الأجنبية كما هي عليه احتراماً وتقديساً لهذا الشراب اللذيذ. (ومن نافلة القول ذكر أنهم يلفظون كلمة جاي كالصينين بالجيم لا بالشين كبقية العرب) لذلك بقي كل ما يتعلق بالجاي على اسمه العجمي: الجاي "صينية" بدل الشاي. السماور "روسية" الكتلي إنكليزية بدل براد. القوري صينية بدل إبريق. القند فارسية بدل سكّر. الخاشوقة. فارسية أو تركية بدل ملعقة الشاي الصغيرة. لكنهم احتفظوا بلفظة عربية واحدة من أدوات الجاي مداهنة كي لا يغضبوا لغتهم الأم "اللغة العربية" وهي لفظة الصحن الذي يوضع فيه الاستكان، فأبقوها عربية: صحن.