يعد الطعن لمصلحة القانون من أكثر الطعون غير الاعتيادية وضوحا في كونه ينصب على القرارات والأحكام الباتة وهذا الطعن وان كان يمس عدة مبادىء قانونية من اهمها حجية الامر المقضي فيه ومبدأ الحق المكتسب واستقرار الاحكام والمراكز القانونية للخصوم
الا انه تم القبول بالمساس بهذه المبادىء بقدر او باخر بالنظر لجسامة المصالح وخطورتها التي يرمي الى تحقيقها الطعن لمصلحة القانون خاصة وان المصالح التي يهدف الطعن لمصلحة القانون حمايتها هي مصالح جديرة بالاهمية تتعلق بحصول خرق للقانون من شانه الاضرار بمصلحة الدولة أو اموالها أو مخالفة النظام العام او الاضرار بالقاصر ومن قبيل هذه ـ المصالح القضايا المتعلقة بالحل والحرمة في قوانين الاحوال الشخصية وهي مصالح رجح المشرع حمايتها ورفع الضرر عنها وقد اخذ التشريع العراقي بهذا الطريق من طرق الطعن أول مرة في قانون الادعاء العام رقم(159) لسنة1979 المعدل حيث نص في المادة الثانية والثلاثين الفقرة السادسة على تولي المدعي العام امام محكمة التمييز الطعن في الحكم لمصلحة القانون اذا كان فيه خرق ولم يتم الطعن فيه رغم فوات المدة القانونية وقد تعرض هذا النص للانتقاد لانه قصر أثار الطعن على تصحيح الخطأ القانوني دون المساس بحقوق الخصوم وغير المكتسبة بموجب الحكم المطعون فيه بالرغم من الاعتراف بكون هذه الاحكام مبنية على باطل فضلا عن غموض مفهوم خرق القانون وعدم التفرقة بين الدعاوى الجزائية والمدنية ونتيجة لذلك فقد تم تعديل النص بموجب القانون رقم(51) لسنة 1987حيث تم بموجب هذا التعديل الغاء الفقرة السادسة من المادة الثانية والثلاثين واضافة الفقرة ثانيا الى المادة الثلاثين التي نصت على انه اذا تبين لرئيس الادعاء العام حصول خرق للقانون في اي حكم او قرار صادر من اي محكمة عدا المحاكم الجزائية من شأنه الاضرار بمصلحة الدولة أو اموالها أو مخالفة النظام العام يتولى عندها الطعن في الحكم او القرار لمصلحة القانون رغم فوات المدة القانونية اذا لم يكن احد من ذوي العلاقة قد طعن فيه كما حدد القانون المدة القانونية التي يجوز خلالها الطعن وهي ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية والطعن لمصلحة القانون يكون امام محكمة التمييز وينظر من هيئة خماسية برئاسة رئيس المحكمة أو احد نوابه فاذا تأيد ان في الحكم أو في القرار المطعون فيه خرقا للقانون تقرر نقضه واعادة الدعوى الى محكمتها لاصدار حكم أو قرار جديد ترسله تلقائيا الى محكمة التمييز وينظر من الهيئة الخماسية ويكون واجب الاتباع ولايقبل الطعن بطريق التصحيح ثم صدر قانون رقم 7لسنة2000 وهو في قانون التعديل الثالث لقانون الادعاء العام الذي نص على الغاء الفقرة ثانيا من المادة الثلاثين وتم اعادة صياغة هذه الفقرة حيث تم اضافة القرار الصادر من مدير رعاية القاصرين المختص أو المنذر العدل الى القرارات والاحكام التي يجوز الطعن فيها لمصلحة القانون اذا كان من شأن القرار المطعون فيه ضرر لمصلحة الدولة و القاصر ومن خلال ماتقدم يمكن القول بتلخيص شروط الطعن لمصلحة القانون طبقا للفقرة الثانية من المادة الثلاثين من قانون ادعاء العام بالاتي:ـ 1ـ ان يقدم الطعن الى محكمة التمييز من رئيس الادعاء العام او من يقوم مقامه قانونا عند غيابه وهو اقدم نوابه. 2ـ ان يكون الحكم أو القرار المطعون فيه قد اكتسب الدرجة القطعية لمضي المدة القانونية دون الطعن فيه، اما اذا كان قد طعن فيه من قبل احد ذوي العلاقة فلا يجوز الطعن فيه لمصلحة القانون بعد ذلك.وقد استقر قضاء محكمة التمييز على قبول الطعن لمصلحة القانون في الاحكام والقرارات التي سبق لها ان ردت الطعن التمييزي فيها شكلا لمضي المدة القانونية لان هذه الاحكام والقرارات لم تدقق من النواحي الموضوعية. 3ـ ان يتضمن الحكم أو القرار المطعون فيه لمصلحة القانون خرقا للقانون من شأنه الاضرار بمصلحة الدولة أو اموالها أو مخالفة النظام العام كالقضايا المتعلقة بالحل والحرية في قوانين الاحوال الشخصية أو الاضرار بالقاصرين ومصالحهم ومفهوم القاصر يحدد طبقا لما نص عليه قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 . 4ـ ان لايكون الحكم أو القرار المطعون فيه صادرا من محكمة جزائية وقد اخذ قانون الادعاء العام بمعيار المحكمة التي اصدرت الحكم لجواز شموله بالطعن لمصلحة القانون من عدمه وليس بمعيار الدعوى كونها مدنية أو جزائية ولذلك ردت محكمة التمييز طعنا لمصلحة القانون على حكم مدني صادر عن محكمة جزائية تبعا للدعوى الجزائية. اما اجراءات الطعن لمصلحة القانون فتلخص في تقديم طلب الى اليد رئيس الادعاء العام من قبل احد ذوي العلاقة ويتم احالة الطلب الى هيئة الطعن لمصلحة القانون في رئاسة الادعاء العام المشكلة برئاسة رئيس الادعاء وعضوية اثنين من المدعين العامين ثم تطلب هذه الهيئة اضبارة الدعوى او المعاملة التي صدر فيها القرار او الحكم لتدقيقها والتحقق من مدى توفر شروط الطعن فيها تمهيداً لأصدار قرارها برد طلب الطعن او قبوله وتقديم لائحة موقعة من رئيس الادعاء العام الى محكمة التمييز مشتملة على اسباب الطعن مرفقاً بها اضبارة الدعوى للبت في الطعن واذا ما اصدرت محكمة التمييز قرارها بنقض الحكم فان قرارها يكون واجب الاتباع من قبل المحكمة او الجهة التي اصدرته وعليها اصدار القرار بالاتباع وارساله الى محكمة التمييز تلقائياً هذه المرة
القاضي صلاح مخلف عبيد