كم نحن بحاجه لمثل (بائع الموز)
عدت للتو من زياره ماليزيا او كما يسمونها( جنه اسيا) وقد هالني ماشاهدته من تقدم كبير وعمل مستمر ليلا و نهارا ورغم انها لم تكن زيارتي الاولى لهذا البلد الجميل الا ان ماجلب انتباهي ان عجله التنميه والعمل من اجل تقدم البلد تسير على قدم وساق بفضل التخطيط السليم والصدق في النوايا الوطنيه لحكام هذا البلد الذي لم يكن لغايه ثمانينيات القرن الماضي سوى بلد بسيط يعيش سكانه على الزراعه البدائيه وصيد الاسماك ولايملكون من وسائل التنميه ولا الثروات الطبيعيه مايرفع من مدخولهم هذا بالاضافه الى مشاكل الملكيه العامه للاراضي واختلاف الاديان والعقائد الذي سبب لهم تناحر عقائدي واجتماعي.
برز الى الساحه شاب صغير طموح اسمه ( مهاتير محمد) كان حلمه الكبير هو شراء دراجه هوائيه يلف بها على احياء مدينته ليبيع الموز ! بدلا من بيعه على قارعه الطريق من الصباح حتى المساء ليعود الى بيته لاكمال مشواره الدراسي وتحضير دروسه لليوم التالي حتى تحقق حلمه ودخل الى كليه الطب في سنغافوره البلد المجاور لمدينته كولالمبور ثم تخرج منها طبيبا جراحا كان يخصص اكثر من نصف يومه لمعالجه ابناء بلده ومدينته بشكل مجاني او رمزي فاحبه الناس وانتخبوه لمجلس الشعب (البرلمان) وسرعان ما عين لمنصب وزير ثم رئيسا للوزراء في عام 1981 فبدا العمل باخلاص كبير من اجل اعاده بناء ماليزيا على اسس علميه حضاريه فرسم خطط تنمويه كبرى للنهوض بالواقع العلمي والثقافي والبحث العلمي فانشاء اكبر جامعه في العالم وارسى اسس التعليم والبحث العلمي الصحيح.. وكذلك في قطاع الصناعه والتعدين والسياحه والنظام المالي وفرض سياسته بشكل علني وشفاف وخطط لشعبه ان يرتقي بهم وببلده على مدى العشره سنوات القادمه ومن ثم خطط على مدى عشرين سنه اخرى ؟
وكان له ماراد فماليزيا اليوم تعد من اجمل بلدان العالم واكثرها نموا فقد ارتفع دخل الفرد الماليزي الى 16000 دولار سنويا بعد ان كان الفقر من اكبر سمات الشعب الماليزي واصبحت كولالمبور من اجمل المدن العالميه من حيث العمران والمدنيه حيث يوجد فيها اعلى برجين توامين في العالم لغايه فتره قريبه بالاضافه الى بناء المدن النموذجيه الجميله المخططه بشكل رائع لتوزيعها على السكان بثمن رمزي او على شكل اقساط
لقد استحق هذا الرجل بائع الموز الجراح الطبيب محبه شعبه واحترام كل دول العالم حين قرر بعد ان تم اعاده انتخابه لمنصب رئيس الوزراء لمده 22 عاما ان يتخلى بارادته عن منصبه رغم الحاح الشعب عليه ويسلم الحكم لمن بعده بعد ان رسم السياسه الاقتصاديه والماليه للبلد بنجاح منقطع النظير .
وانت تدخل الى ماليزيا فانك تستمع الى اغاني جميله كلها تصدح بحب ماليزيا واين ماتحل وتذهب فانك تشاهد شعارات ( مالزيا امنا جميعا ) وكذلك ( ماليزيا بيتي الثاني ) والجميع يعمل من اجل ازدهار بلده لانهم يعلمون جيدا ان ازدهار البلد يعني ازدهارهم .
سرعان ماعاد بي التفكير الى بلدي ووطني الذي عانى ماعانى من سياسه حكامه وغباءهم وابتعاد الناس عن الوطنيه التي تعيد للعراق مجده وزهوه ...رغم كل الامكانيات التي نمتلكها !!
فكم نحن بحاجه لمثل هذا بائع الموز الذي احب وطنه واخلص من اجله فاستحق محبه الناس جميعا ولم يقدم مصلحته الشخصيه او اقربائه او حزبه ولم يحاول املاء جيوبه وجيوب اقربائه بالمال الحرام ؟؟
كم نحن بحاجه لنهضه تنمويه شامله تضع الانسان العراقي نصب عينيها اولا ؟ وتحافظ على المال العام وتنهض باعباء البناء والعمران كما فعل بائع الموز حين ارسى خطط البناء بشكل شفاف لجميع سكان بلده دون تفرقه رغم اختلافهم وجعل مصلحه بلده فوق كل الاعتبارات ؟
كم نحن بحاجه الى ان نرفع شعارات من اجل العراق الجديد.. عراق التنميه... عراق المحبه... عراق الكرامه...عراق البناء ... عراق الانسان المتعلم... عراق المتفتح بثقافته وعنفوانه الى جميع دول العالم وشعوبه
امنيات جميله وعبر لعلنا ناخذ جزءا منها من بائع الموز
هذه ماليزيا بعدستي