هنا

[علي جاسم الكعبي]

اعلم يا اخي بان الحيوانات انواع كثيره ولكل نوع منها خاصية دون غيره .
والانسان يشاركها كلها في خواصها , ولكن لها خاصيتين تعمانها كلها , وهما طلبها المنافع وفرارها من المضار . منها ما يطلب المنافع بالقهر والغلبه كالسباع , ومنها ما يطلب المنافع بالبصبصه كالكلب . ومنها ما يطلب المنافع بالحيله كالعنكبوت ,
كل ذلك يوجد في الانسان , وذلك ان الملوك والسلاطين يطلبون المنافع بالغلبه , والمكدون بالسؤال والتواضع , والصناع والتجار بالحيله والرفق ,
وكلها تهرب من المضار والعدو , ولكن بعضها يدفع العدو عن نفسه بالقتال والقهر والغلبه كالسباع , وبعضها بالفرار كالارانب والظباء , وبعضها بالسلاح كالقنفذ , وبعضها بالتحصن في الارض كالفار والحيات .
وهذه كلها توجد في الانسان . وذلك انه يدفع عن نفسه العدو بالقهر والغلبه . فان خاف لبس السلاح . وان لم يطقه نفر منه . فان لم يقدر على الفرار تحصن بالحصون . وربما يدفع الانسان عدوه بالحيله .
اما مشاركة الانسان للكائنات في خواصها فاعلم يا اخي ان لكل نوع من انواع الحيوانات خاصية هي مطبوعه عليها . وكلها توجد في الانسان . وذلك ان يكون شجاعآ كالاسد . وجبانآ كالارنب . وسخيآ كالديك . وبخيلآ كاكلب . وعفيفآ كالسمك . وفخورآ كالغراب , ووحشيآ كالنمر . وانسيآ كالحمام . ومحتالآ كالثعلب . ومسالمآ كالغنم , وسريعآ كالغزال وغيرها من الخاصيات .
وبالجمله ما من حيوان , ولا معادن , ولا نبات , ولا فلك , ولا كوكب , ولا برج- , ولا موجود من الموجودات له خاصيه الا وهي توجد في الانسان .. وهذه الاشياء لا توجد في شيء من انواع الموجودات التي في هذا العالم الا في الانسان ..لذلك سموه عالم صغير .
قال الامام علي - عليه السلام - ( اتحسب نفسك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر ) .
اذا عرفت ذلك وتيقنت . فاعلم انك قد تتعرض الى بعض المواقف المقصود منها اما الاهانه او التنقيص او الاساءه او التهميش . ولكن باسلوب ينم عن خبث ودهاء وحيله . لا تستغرب فان هذا العمل ينم عن النفس الحيوانيه والطباع البهيميه لذلك الشخص . فالسكوت والتجاوز عنه ينم عن نفسك الانسانيه وطبيعتك البشريه . وشتان بين الاثنين . لذلك ينصحنا ائمتنا بعدم التسرع بالرد عن ما اساء الينا وهناك روايات كثيره عما تعرضوا له عليهم السلام - من تلك المواقف .الحيله والدهاء من الصفات الحيوانيه كما انها الصفه التي اتصف بها معاويه مع الامام علي - عليه السلام - حيث قال الامام - عليه السلام ( والله اني ادهى منه لاكن اخاف على ديني ) ..
السكوت على الاساءه ليس جبن بل هي من باب ان تتركه يلهث . لكنك ان رددت او لم ترد فانه يلهث .. والعاقبه للمتقين