حين نذكر اسم الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز ، فأنت حتماً ستتصور أمامك روايته الشهيرة مائة عام من العزلة والتي صدرت في عام 1967 م ، و لكن الحديث الآتي سيكون عن رواية صدرت قبل روايته الشهيرة بعشرة سنين تقريباً ، روايته أو قصته الطويلة كما صنفها البعض ( ليس لدى الكولونيل من يكاتبه ) هي عملٌ سلّط الضوء على كتابات ماركيز و هيأت له مقدمات الشهرة والتي قام باستغلالها تماماً حين أصدر روايته التالية – مائة عام من العزلة – و التي سُبقت برواية مميزة كان بطلها كولونيل فقير و زوجته اليائسة من ملامح الحياة .
في هذه الرواية ، يُجّسد ماركيز شخصيته الرئيسية بالكولونيل الفقير والذي عاش برفقة زوجته المريضة بالربو في كوخٍ صغير ، هذا الكولونيل الذي كرِه شهر أكتوبر ، و صنّفه من ضمن الشهور الرتيبة على قلبه ، هو ذاته الذي عاش الحياة الصعبة المليئة بالألم والجوع برفقة ديكٍ وَرثه من ابنه الميت أوجستن ، و عجوزٌ لا تملك حولاً ولا قوّة لأن تساعده على ظروف الحياة الصعبة التي يمرّان بها رغم ما تبذله من جُهد .
كان هذا الكولونيل محارباً قديماً بالجيش ، وحين شاخ وقام بتركه ، ظلَّ مُلازماً لمكتب البريد ليسأل كلّ يومٍ عن وصول طرد معاشه التقاعدي من عدمه ، ومع تكرار هذا السيناريو لأكثر من خمسة عشر عاماً ، لم ينل الكولونيل معاشه و الذي كان من الواجب صرفه في أوانه لرجلٍ يُعاني المرَّ ولا غيره في حياته الكئيبة .
و كان للديك محور آخر في الرواية ، حيث كان يعول عليه الكولونيل كثيراً بأن ينتصر في بطولة مصارعة الديوك الخاصة بقريته ليتمّكن من بيعه بثمنٍ يكفي لأن يصرف على نفسه و زوجته لثلاث سنين قادمة بدلاً من انتظار معاشه من حكومته ، هذا الديك الذي تغذّى من مُؤن العائلة و احتياجاتها في سبيل بقاءه حياً ، و كلّف هذا الأمر الكولونيل و زوجته ألام الجوع طِوال عدّة ليالي في سبيل بقاء هذا الديك حياً !
لم تكن هنالك أحداث كثيرة في الرواية ، و عدد الشخصيات كان محدوداً في إطار القرية و سُكانها البسطاء ، إذ أستطاع ماركيز أن يأخذ بالقارئ إلى نمط الحياة المتواضعة ، حيث الكنيسة التي تتوسط القرية ، و الصناعات اليدوية التي يُمارسها أهلها ليكسبوا لُقمة عيشهم ، و قناعة أهل القرى الجميلة و التي تُؤهلهم لأن يعيشوا حياة هادئة رغم صُعوبة ملامحها .
و هذا جُزء مُقتبس من الرواية ( ترجمة بسمة مصطفى ) :
أمسك الكولونيل بسكين و راح يقّطع بعضاً من ثمار الفاكهة ليقدمها للديك ، في حين لفحته موجة خفيفة من برد ديسمبر ، فأدرك أن الشتاء قد حلّ . و قبل أن تستيقظ زوجته ، في الساعة التاسعة تقريباً ، كان قد انتهى من ترتيب البيت و تنظيمه ، و مضى يتحدث مع الصبية الذين زحموا البيت .
لتحميل الرواية
http://www.4shared.com/document/wjkZJGOi/____.html