صنّف تقرير حديث لمنظمات أميركية وأوروبية مناطق في روسيا وإندونيسيا والأرجنتين ونيجيريا وزامبيا وأوكرانيا وبنغلادش من بين أكثر عشرة أماكن تلوثا على هذا الكوكب.



ويبدو أنّ كلها أماكن سامة للغاية حيث أنّ الأعمار قصيرة وتتفشى الأمراض بين الملايين من البشر الذين يعيشون ويعملون فيها، وذلك غالبا لتوفير المنتجات المستخدمة في البلدان الغنية.
ووفقاً لـ "معهد بلاك سميث" الأميركي، الذي أصدر التقرير الجديد بالاشتراك مع "منظمة الصليب الأخضر" السويسرية، فإنّ هذه الأماكن هي: أغبوبولشي في غانا، تشرنوبيل في أوكرانيا، نهر سيتاتروم في إندونيسيا، نوريلسك في روسيا، دزيرشينسك في روسيا أيضا، هزاريباغ في بنغلادش، كابوي في زامبيا، كاليمانتان في أندونيسيا، نهر ماتانزا في الأرجنتين، ودلتا نهر النيجر في نيجيريا.

وأكد مدير الأبحاث في "معهد بلاك سميث" جاك مارافانوس أنّ الناس "سيصابون بصدمة لو عرفوا مثلاً الظروف التي يتم فيها إنتاج مجوهراتهم الجميلة أحيانا".

فعلى سبيل المثال، يستخدم السكان المحليون في كاليمانتان في اندونيسيا مادة الزئبق في عملية استخراج الذهب، علما بأن الزئبق هو مادة سامة ومخلة بالنظام العصبي بدرجة عالية.

وأفاد مدير المشاريع في "معهد بلاك سميث" بريت اريكسون بأن الأهالي "يفعلون ذلك داخل منازلهم... دون أن يدركوا الخطر"، مضيفاً أن ممثلين عن المعهد ذهبوا إلى تلك المنازل لقياس مستويات الزئبق، فتبين أنها أعلى 350 مرة من المعدلات الآمنة.

وقال إنّ "هذا يؤثر تأثيرا مباشرا على صحة ما بين 10 و15 مليون شخص... فضلا عن كونه مصدرا ضخما للتلوث في جميع أنحاء العالم".
وشرح الخبير أنه حالما تطلق هذه المادة في البيئة، فيمكن لها أن تنتهي في الأسماك وغيرها من الأطعمة التي يتناولها البشر في أي مكان في هذا الكوكب. ولفت إلى وجود أساليب لا يتم فيها استخدام الزئبق ومنخفضة التكلفة لتعدين الذهب لكنها غير معروفة على نطاق واسع.

ويعتبر تقرير "التهديدات العشرة الأكثر سمية" الأحدث في سلسلة من التقارير السنوية التي توثق قضايا التلوث العالمي.

هذا وقد أجرى "معهد بلاك سميث" أكثر من ثلاثة آلاف تقييم أولي للمخاطر في 49 بلدا منذ صدور آخر قائمة للمواقع الملوثة عن المنظمتين في العام 2007. وتبين أنه قد تمت معالجة بعض المواقع المدرجة في العام 2007 تماما، مثل موقع إعادة تدوير البطاريات في هاينا في جمهورية الدومينيكان.

ووفقاً للتقرير، تشكل مجموعات الصناعات الصغيرة السيئة التنظيم المنتشرة في العديد من البلدان احد الأسباب المؤدية إلى ظهور النقاط الساخنة السامة في العالم.

ووثّق التقرير، مثلاً، وجود أكثر من ألفي صناعة على طول نهر سيتاروم في اندونيسيا، موضحاً في الوقت ذاته أن "عملية التنظيف بدأت بفضل قرض بمبلغ 500 مليون دولار من البنك الدولي، لكن الأمر سيستغرق عشر سنوات أو أكثر لإكمالها".

وبالقرب من العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، وثّق التقرير وجود ما يقدر بنحو خمسين ألف صناعة صغيرة تفرغ مزيجا من المواد الكيميائية السامة والمعادن في الهواء والتربة والمياه. ويتعرض إثر ذلك ما لا يقل عن عشرين ألف شخص يعيشون على طول نهر "ماتانزا رياتشولو" لمستويات خطيرة من السموم.

من جانبه، صرح عضو "منظمة الصليب الأخضر" السويسرية ستيفان روبنسون أن بعض النقاط الساخنة السامة كبيرة جدا وملوثة بشدة بحيث سيكلف تنظيفها المليارات من الدولارات ويستغرق عقودا. وأضاف أن "هناك أماكن ستظل على قائمتنا لسنوات عديدة".

وفي روسيا، مثلاً، وثّق التقرير وجود اثنين من هذه الأماكن الخطرة بيئياً. وقد اعترفت السلطات الروسية أخيرا بهذه القضية، وخصصت ثلاثة مليارات دولار لتنظيف مواقع موروثة من العهد السوفياتي، وفقاً للتقرير.

وواحدة من هذه الأماكن هي دزيرنسك، وهي المدينة التي تم فيها تصنيع أسلحة كيميائية مثل غاز السارين وغاز الخردل وغيرها منذ نحو 50 عاما.
واعتبر التقرير أنّ الوضع مماثل في منطقة نوريلسك في سيبيريا، حيث أدى أكبر معمل لعملية انصهار مادة النيكل في العالم إلى تأثيرات سلبية جداً على المنظومة الحيوية داخل دائرة يبـــلغ نصــف قطرها 30 كيلومترا.

وعلق روبنسون على ذلك قائلا "لقد كان هناك الكثير من الحديث عن تحسين ضوابط التلوث في نوريلسك... لكنهم لم يفعلوا الكثير".