قال الامام الحسين - عليه السلام -
لم اعلم اصحاب خير من اصحابي .....
اعلم يا اخي ان النفس بعد مفارقة جسدها تصعد الى ملكوت السماء , وتدخل في زمرة الملائكه وتحيا بروح القدس , وتسبح في فضاء الافلاك في فسحة السموات , فرحه مسروره منعمه ملتذه مكرمه , وذلك قول الله عز وجل : { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } .يعني به روح المؤمن .
وقال عز من قائل : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتآ بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله } ..
وقد علم ان تلك الاجساد قد بليت في التراب وتمزقت , وان هذه الكرامه انما لتلك النفوس التي سمحت بتلف اجسادها في نصرة الدين وصلاح امر المسلمين .
ان رسول الله - صل الله عليه واله لما هاجر من مكه الى المدينه كتب الى المؤمنين كتابآ فيه أمرهم فيه بالهجره اليه . فمنهم من بادر بالهجره ومنهم من توقف يؤدي في ذلك الاسباب المانعه له اما شفقه على تضييع اولاد له صغار , او والد كبير , او اخ له , او صديق , او زوجه او مسكن مالوف , او مال مجموع يخاف تضييعه , او تجاره يخشى كسادها . فانزل الله تعالى هذه الايه على نبيه - صل الله عليه واله - { قل ان كان آباؤكم واباؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجاره تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين } ..
وفي يوم أحد لما اشتد الامر وانهزم الصحابه وبقى _ صل الله عليه واله - في نفر يسير معه .
ان نبي الله ابراهيم خليل الرحمن كان يرى ان النفس بعد مفارقة جسدها تصعه الى ملكوت السماء عن مليك مقتدر في جنات النعيم حيث قال : { الذي خلقني فهم يهدين والذي هم يطعمني ويسقين واذا مرضت فهم يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين , رب هب لي حكمآ والحقني بالصالحين } .
كذلك قول يوسف الصديق : { رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الاحاديث فاطر السموات والارض انت ولي في الدنيا والاخره توفني مسلمآ والحقني بالصالحين } .
اترى انهما ارادا اللحوق بالصالحين بجسيهما او نفسيمها ؟؟
وهل ألحق جسداهما الا بتراب الارض التي منها خلقا .. وانما ارادا نفسيهما الزكيتين الشريفتين .لا جسديهما ..
هكذا كان يرى اهل بيت النبوه - عليهم السلام - الامام الحسين - عليه السلام - واهل بيته واصحاب الحسين - عليه السلام - تسليمهم اجسادهم الى القتل يوم عاشوراء في كربلاء
ولم يرضوا ان يتولوا على حكم يزيد وزياد . وصبروا على العطش , والطعن والضرب , حتى فارقت نفوسهم اجسادهم , ورفعت الى ملكوت السماء , ولقوا آباءهم الطاهرين محمدآ وعليآ والمهاجرين والانصار الذين اتبعوهم في ساعة العسره - سلام الله عليهم اجمعين -
ولو لم يكن القوم مستيقنين ببقاء نفوسهم بعد مفارقة اجساهم لما تعجلوا اهلاك اجسادهم , وتسليمها للقتل والضرب والطعن , وفراق لذيذ عيش الدنيا , وانهم قد علموا وتيقنوا ما دعوا اليه من الحياة في الاخره والنعيم والخلود فيها والفوز والنجاة من غرور الدنيا وبلائها , فبادر القوم وتحققوا وتسارعوا في الخيرات , وكانوا يدعون ربهم رغبآ ورهبآ , وكانوا من خشيته مشفقين ..
بينكم وبين الله هل نحن على يقين بنعيم الاخره وهل اقوالنا اعمالنا وافكارنا تدل على يقيننا بالاخره ؟؟
والحمد لله رب العالمين