النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

طائفية حزب الله … بين الحقيقة والزعم

الزوار من محركات البحث: 9 المشاهدات : 363 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق جديد
    تاريخ التسجيل: November-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 22 المواضيع: 5
    التقييم: 3
    آخر نشاط: 21/June/2023

    طائفية حزب الله … بين الحقيقة والزعم


    محمد فارس جرادات


    رغم الشعبية التي حظي بها حزب الله بعد الانتصارات التي طالما حققها في مقاومته للاحتلال الاسرائيلي، إلا أنه ظل يعكر مكانة هذا الحزب عاملان رئيسيان:

    أولهما عند جمهور أهل السنة باعتباره حزباً ينحدر قادته وعناصره من طائفة واحدة بعينها، هي الطائفة الشيعية الجعفرية، وثانيهما عند التيار القومي-اليساري باعتبار هذا الحزب يحمل مشروعاً فكرياً إسلامياً (أصولياً) مرتبط بإيران.

    والشيعة في لبنان هم طائفة رئيسة من بين طوائف لبنان المتنوعة والقوية، وهم غالبية سكان جنوب لبنان المقابل لشمال فلسطين، وكان موسى الصدر الذي قتل في سجون القذافي أطلق الشيعة من وضعهم كطائفة ظلت مغيبة ومسحوقة طوال العهود السابقة، عندما أسس حركة المحرومين والتي باتت تعرف بحركة أمل، ليبدأ حزب الله مشواره بعيداً عن حركة أمل بعد ارتهانها للمشروع السياسي السوري أيام حافظ الأسد، وهو مشروع كان في حينه يراوح بين جملة معطيات تعاطت أحيانا مع المشروع الأمريكي.

    تحمّل الشيعة في جنوب لبنان عبء الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارهم سكان غالبية الجنوب، وترك خروج قوات منطمة التحرير فراغاً كبيراً، ممّا جعل عالماً شيعياً هو الشيخ راغب حرب يتحرك ليطلق شرارة المقاومة بتشجيع وتنسيق مع ايران، لتتعاظم هذه المقاومة حتى تم تتويجها بانسحاب اسرائيل عام 2000م ثم بهزيمتها في حرب عام 2006م.

    وجاءت الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في المرحلة الثانية مما سمي بالربيع العربي، كتعبير عن حالة الرفض الشعبي للحكم المستبد، وللمطالبة بالعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية، لتضع حزب الله أمام تحديات جديدة، خاصة أن نظام بشار الأسد حقق تحالفاً وثيقاً مع مشروع حزب الله، عندما يسّر له خطوط السلاح الإيراني، ووفّر ملاذاً لقيادة حركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين، ووقف إلى جانب المقاومة سياسياً على جميع المستويات.

    وقف حزب الله مع حليفه السوري علانية، وكانت شعارات الثورة السورية صريحة ضد حزب الله وقد حملت طابعاً مذهبياً في الغالب، تطورت لاحقاً لخطف العديد من الشيعة اللبنانيين خلال زيارتهم لمقام السيدة زينب في دمشق، وكثير منهم ما زالوا مخطوفين حتى هذا التاريخ. واتهمت الثورة السورية حزب الله بدعم النظام عسكريا منذ البداية، لكن حزب الله نفى ذلك مرارا حتى قرر رسمياً في أيار 2013م المشاركة العسكرية لحماية مقام السيدة زينب في دمشق وهو مقام مقدس خاصة عند الشيعة، ولحماية خاصرته المهددة من منطقة القصير السورية-اللبنانية المختلطة، والتي سيطرت عليها الثورة منذ زمن بعيد، وكانت أصلا جزءً من سوريا رغم وجود بعض القرى اللبنانية فيها.

    شَكّل قرار حزب الله الانخراط عسكرياً في الصراع محطة متقدمة في رجحان قوة كفة النظام على الأرض ولو نسبياً حتى هذا التاريخ، ممّا وَفّر ذريعة قويةً ومبررة لخصوم حزب الله باتهامه بالطائفية، وهي هنا لا تعني مجرد انحدار كامل تركيبته من طائفة الشيعة بقدر ما تعني أن جملة أهداف حزب الله الفكرية-العقدية-السياسية تبدأ وتنتهي وتنحصر ضمن المصلحة الشيعية المذهبية المغلقة، دون أي اعتبار لمصالح أطياف الأمة الإسلامية عموما ولبنان خصوصاً.

    جعل قرار حزب الله هذا كثيرا من الدول الإسلامية تهاجمه صراحة وتصفه بحزب الشيطان كتركيا والبحرين، وتوجه عدة دول خليجية لوضعه رسميا في قائمة الإرهاب، وتصعيد لهجة الهجوم عليه من قبل شخصيات مهمة كالقرضاوي وغيره، ومؤسسات إعلامية مهمة كالجزيرة ووكالة معا، وصلت حداً طرحت فيه الجزيرة استطلاعاً للرأي العام، يتمحور حول سؤال مركزي مفاده: هل أصبح حزب الله عدواً للعرب والمسلمين؟.

    وبعدما كان حزب الله يحظى بما يشبه الحصانة الشعبية حتى داخل كثير من الاحزاب السنية كحركة الاخوان المسلمين والحركة الاسلامية في عموم شمال افريقيا وغيرها، صار توجيه الشتائم له ولقائده حتى على منابر المساجد، حتى ان خطيباً محسوباً على حزب التحرير ومن فوق منبر مسجد في فلسطين قامت ببنائه حركة الجهاد الإسلامي المتحالفة مع ايران، شتم نصر الله مرات عديدة دون أن يعترض خطبته معترض.

    وقد أسس كثير من المسلمين تصعيد لهجتهم ضد حزب الله باعتباره كشف أخيراً عن قناع طائفيته بانضمامه للقتال مع الجيش السوري في منطقة القصير، وللوقوف على ذلك علمياً ويعيداً عن العواطف المؤيدة او المعارضة لحزب الله لا بد من سبر غور جملة من المعطيات:



    أولا: تركيبة حزب الله البشرية، ومنظومته الفكرية-السياسية، وارتباطاته الخارجية: لم يكن غريباً أن يكون عماد المقاومة اللبنانية من شباب الشيعة، تبعاً لجملة عوامل، كون الجنوب اللبناني غالبيته شيعة، ثم كون السنة اللبنانيين قد انخرطوا في غالبيتهم سابقا مع المقاومة الفلسطينية وهي سنية بحسب مذهب جميع الفلسطينيين، ولما مارس المحتل صنوف عذابه على سكان الجنوب المحتل وجد هؤلاء الشيعة أنفسهم بين أن يتبعوا جيش سعد حداد المرتبط بالمحتل، والذي قاده لاحقا العميل أنطوان لحد وهو في غالبيته من المسيحيين وبعض الشيعة والسنة والدروز، أو يتصدوا للمحتل، ولأن من طبيعة الشيعة تقليد علمائهم عادة بخلاف غالبية السنة في ذلك الوقت، فإن الشيعة انخرطوا في التصدي خاصة بعد استهداف المحتل للشيخ راغب حرب الذي يحظى باحترام شيعي واسع، والذي طالما وقف محرضاً على المحتلين.

    ورغم تداخل الواقع اللبناني من حيث الطوائف المختلفة، إلا أن كل طائفة حافظت على خصوصيتها الفكرية والجغرافية غالباً، لهذا لم ينخرط السنة وغيرهم مع الشيعة في تركيبتهم المقاومة المنظمة، خاصة أنه كان لهذه المقاومة شعاراتها الخاصة ومنطلقاتها الخاصة من حيث التركيز على رمزية آل البيت والحسين خصوصاً، وهو يعاكس اهتمامات أهل السنة المنصبة على تجاوز هذا الأمر لما له من حساسية تاريخية.

    ولعل مما فَعّل مقاومة حزب الله تجاوزه للتقليد المذهبي الشيعي المتصل بالركون وانتظار الإمام المهدي الغائب في الفكر الشيعي، بحيث ارتبطت منظومته الفكرية-السياسية بخط ولاية الفقيه الذي أسسه ودعا له مؤسس الثورة الإيرانية الخميني، وعماد ولاية الفقيه يقوم على نيابة الفقيه العادل العالم عن الإمام المهدي في التصدي للسياسة لحين ظهوره، وعليه فقد انطلق حزب الله من الفكر الشيعي المتطور والمتصل بالواقع بعيداً عن الركون المذهبي المتوارث منذ قرون. وفي ذات الوقت لم يدع حزب الله لإقامة دولة إسلامية في لبنان رغم إيمانه بفكرة الجمهورية الإسلامية من حيث المبدأ، باعتباره حركة مقاومة هدفها التصدي للاحتلال، إضافة لطبيعة لبنان المتعدد المذاهب والطوائف.



    ثانياً: تاريخ حزب الله مع الآخر السني: لم ينغلق حزب الله على نفسه تبعاً لتركيبته الشيعية بشرياً وفكرياً، فقد حرص على التنفس ضمن الهواء العام، ويمكن تلمس ذلك من خلال جملة معطيات:

    1-موقفه من القضية الفلسطينية، فكرياً وسياسياً وعملياً: لا يخفى على الجميع مدى اهتمام حزب الله بالموضوع الفلسطيني، حتى عند خصومه وإن اعتبروا ذلك من باب المزايدة أو استغلال فلسطين لرفع أسهمه، ولكن نوايا حزب الله على هذا المستوى تظهر على حقيقتها عندما نجده لا يكتفي بمجرد القتال المباشر ضد العدو الإسرائيلي في لبنان على مدار عقود، وإن وفق حالة متغيرة خاصة بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. حيث نجد حزب الله يدعم المقاومة الفلسطينية بشتى أنواع الدعم حتى قال بعض قادة المقاومة أنه ما من رصاصة انطلقت ضد العدو في فلسطين إلا كان للقائد العسكري في حزب الله عماد مغنية دور فيها.

    وقد شمل دعم حزب الله للمقاومة الفلسطينية صنوفاً متعددة، تجاوزت الدعم السياسي والإعلامي على أهميته، لتصل إلى تدريب شباب المقاومة وتنظيمها وتمويلها، وحتى تسليحها داخل فلسطين، ولعل اعتقال مصر لخلية حزب الله الشهيرة قبل الثورة المصرية خير دليل على مستوى دعم حزب الله اللوجستي للمقاومة الفلسطينية، وكان لهذا الدعم الدور الأول في انتصار المقاومة على إسرائيل في حرب 2012م والتي قصفت فيها المقاومة تل أبيب والقدس لأول مرة بصواريخ فجر5 الإيرانية الصنع ممّا دفع إسرائيل لإعلان هدنة مع غزة رغم إعلانها منذ بداية هجومها أنها بصدد الإجهاز على المقاومة .

    ولعل المطلع على عقيدة حزب الله السياسية يرى بكل وضوح أن لفلسطين في تفكيرهم وحركتهم السياسية مكانة راسخة، وهو ما يتضح من طبيعة التعبئة التي يركز عليها حزب الله في جملة منظومته الثقافية والنفسية، وهو ما نجده أيضاً في إيران سواء في خطابات مرشد الثورة الموجهة للشعب الإيراني أو الموجهة لقطاعات الجيش والحرس الثوري، بل في جملة الخط الإعلامي والأداء السياسي الإيراني، وأكثر ما يظهر ذلك في المناسبة السنوية التي تحييها إيران ومعها حزب الله في ما أعلن عنه الخميني بيوم القدس العالمي، حيث نجد مسيرات مليونية لا يشبهها في إيران ولبنان إلا مسيراتهم المتصلة بيوم عاشوراء.

    وكان حزب الله حرص منذ انطلاقته على توطيد علاقاته بالشعب الفلسطيني، فقد وقف حزب الله ضد ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني في مخيمات لبنان من تضييق معيشي من قبل السلطة اللبنانية، وفي بداية مسيرة حزب الله وعندما اصطدمت حركة أمل الشيعية، وكانت أكبر من حزب الله بما لا يقارن في الثمانينيات والتسعينيات، مع المقاومة الفلسطينية في مخيمات لبنان، ووصل الأمر حدّ خنق أمل للمخيمات الفلسطينية عام 1990م، وقف حزب الله ضد أمل وهي الحركة الشيعية، وخاض ضدها صراعا مسلحا، اجبر حركة أمل على التراجع، ولكن المقاومة الفلسطينية التي كان يقودها في ذلك الوقت ياسر عرفات لم ترد الجميل لحزب الله بل وقفت مع حركة أمل عندما تطور الصراع وتغير المسار السياسي وصار رأس حزب الله مطلوبا أمريكياً.

    2- تشكيله لسرايا المقاومة اللبنانية: ولكي تنخرط كل أطياف الشعب اللبناني في المقاومة عمل حزب الله على تشكيل سرايا المقاومة اللبنانية، وقد انخرط فيها بالفعل جمع من السنة والمسيحيين والدروز، ولكن هذه الفكرة ظلت محدودة، ربما لأنها جاءت متأخرة بعض الشيء.

    3- انفتاحه السياسي على الطيف اللبناني السني بل السلفي والمسيحي: حرص حزب الله على توطيد العلاقة مع أهل السنة في لبنان، ولعل قوة علاقته بأبرز شخصية لبنانية سنية وهو المفكر الإسلامي الإخواني الشهير فتحي يكن، يؤكد ذلك، حتى وصل بالشيخ فتحي يكن أن ترك الإخوان المسلمين (الجماعة الإسلامية في لبنان) وأسس جبهة العمل الإسلامي، خاصة بعد اغتيال الحريري وخروج القوات السورية من لبنان، وانطلاق ثورة الأرز المعادية لحزب الله والتي وقف على رأسها آل الحريري المتنفذون سنياً.

    وجاء موقف الشيخ المرحوم فتحي يكن مضاداً للجماعة الإسلامية التي وقفت مع آل الحريري، حتى أن أبرز صلاة جمعة جامعة أقيمت في تاريخ لبنان كله في شوارع بيروت أمّها فتحي يكن حيث صلّى خلفه الشيعة كما كثير من السنة. وكان سبق فتحي يكن في توطيد هذه العلاقة مع حزب الله شخصية لبنانية سنية أخرى هي الشيخ المرحوم سعيد شعبان مؤسس حركة التوحيد الإسلامي، وكان قبيل هذا القرن أقوى شخصية لبنانية في طرابلس.

    وقبيل أعوام قليلة فاجأ حزب الله الجميع عندما وقع اتفاقية تعاون مع خمسة عشر جمعية سلفية في لبنان، ممّا أثار ضجة ضد هذه الجمعيات من قبل آل الحريري وأتباعهم من التيار السلفي ممّا دفع هذه الجمعيات لتجميد هذه الاتفاقية.

    ولا يخفى على مطلع عمق العلاقة التي وطدها حزب الله مع تيار ميشيل عون المسيحي، وهو التيار المسيحي الأقوى في الساحة اللبنانية، ضمن برنامج سياسي داخلي- خارجي عماده حفظ المقاومة والعدالة الاجتماعية، في وقت انغمست فيه كثير من القوى المسيحية اللبنانية مع المشروع الأمريكي، خاصة تيار الكتائب بقيادة جعجع.

    ولعل سيطرة حزب الله العسكرية على بيروت 2007م لعدة أيام قبل تسليمها للجيش اللبناني، ساهم في كثير من النفور السني اللبناني منه، لكن المدقق في ذلك الاحداث يجد ان تلك السيطرة قد تمت ضمن ظروف استثنائية واضحة، أهمها قرار الحكومة اللبنانية بقيادة سعد الحريري إخضاع منظومة اتصالات حزب الله للسيطرة الحكومية وهو ما رفضه حزب الله بعنف، لخصوصية هذه المنظومة أمنياً، خاصة أن إسرائيل جهدت خلال حرب 2006م على اختراقها، بل وأعلنت إسرائيل مراراً أنه كان لتماسك منظومة اتصالات حزب الله طوال حرب 2006م مع كافة عناصره في عمق الجبهة دور رئيسي في استمرار القصف الصاروخي عليها حتى اللحظة الأخيرة مما عزز موقف حزب الله السياسي-العسكري. كما أن هذه السيطرة على بيروت تمت بطريقة مدهشة عسكرياً، بحيث لم يستطع الإعلام مشاهدة أو تشخيص مقاتلي الحزب إلا ما ندر، وقد تمكنوا من بسط سيطرتهم دون إراقة الدماء أسوة بسيطرة حماس على غزة قبلها بعام وهي السيطرة التي خلّفت أعداداً هائلة من القتلى. كما أن حزب الله قام بعد سيطرته بتسليم العاصمة للجيش اللبناني ولم يتفرد بإدارتها رغم قدرته الإدارية على ذلك.

    4- تصديه لقضايا إسلامية عامة طابعها سني: فاجأ نصر الله العالم مؤخراً عندما أعلن أن حزب الله شارك في القتال في البوسنة دفاعاً عن شعبها ضد الإبادة الصربية، وكانت إيران من أبرز الدول التي ساعدت البوسنة في تأسيس جيشها الوطني، ولا تتوفر معطيات إعلامية كثيرة بهذا الخصوص، لكن جملة من التقارير الغربية قدمت بعض التفاصيل حول طبيعة هذه المشاركة لعل من أهمها ما جاء في تقرير صادر عن دائرة الهجرة الكندية، والتي ذكرت مشاركة حزب الله القتالية كجزء من قوات الحرس الثوري الإيراني. وحافظ مؤسس دولة البوسنة علي عزب بيجوفيتش على علاقات وثيقة مع إيران تبعاً لذلك، وليس صحيح قطعاً ما تتناقله بعض المواقع السلفية أن بيجوفتش رفض عرضاً إيرانياً اشترط السماح بنشر التشيع!!! خاصة أن هذه المواقع تستند في توثيق هذا العرض لكتاب بيجوفتش (الإسلام بين الشرق والغرب) والكتاب عند التبين لا يذكر إيران سوى مرة واحدة بصيغة المدح لجيشها الوطني وقيام جنوده بتعليم الأميين في المساجد.

    كما انخرط حزب الله في جملة قضايا إسلامية عامة، ليس أولها ولا آخرها موضوع سلمان رشدي المرتد الهندي الذي نشر قصة خرافية مسّ فيها عرض الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر السيدة عائشة بسوء، مما جعل الخميني يصدر فتوى بإهدار دمه خاصة بعد مقتل عدد من المسلمين الهنود على يد الشرطة وهم يتظاهرون ضد هذا الكاتب الأخرق، وقد انضم حزب الله لهذه الفتوى وسيّر مسيرات في لبنان. وكان مؤخراً أطلق مسيرات مليونية خرج فيها نصر الله بنفسه على غير عادته بعد تعرض كثير من المؤسسات الغربية لشخص الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وعندما تطاول مأجور شيعي يعيش في لندن ضد السيدة عائشة وقف حسن نصر الله شخصياً وهاجم هذا الشيعي وصدرت جملة مواقف حاسمة ضد المس بعرض الرسول صلى الله عليه وسلم، بل تطور خطاب نصر الله لتحريم المس بصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ترضى كما سلفه المرحوم محمد حسين فضل الله على أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما، رغم الموقف المعروف والثابت لكل الشيعة في عدم اعترافهم بشرعية خلافة أحد غير علي بن أبي طالب، وهو الموقف الذي نجده أسس لحالة من الغلو التاريخي ضد كثير من الصحابة الكرام.



    ثالثاً: دوافع حزب الله لتحالفه مع النظام السوري: لا بد من الإشارة غالى أمرين بهذا الخصوص:

    - بافتراض أن النظام السوري ينتسب للمذهب النصيري، وأن أتباع هذا المذهب يؤلهون محمد بن نصير، فلا يوجد رابط مذهبي بين الشيعة والنصيرية، وقد صدرت فتاوى عديدة من علماء شيعة إيران والعراق في تكفير النصيرية أو ما يسمى بالعلوية.

    - لو استعرضنا جميع قتلى عناصر حزب الله منذ تأسيسه لوجدنا أن غالبيتهم سقطوا في الصراع مع سوريا أيام حكم حافظ الأسد، وخاصة مع حركة أمل الشيعية التي كانت تسيطر على الساحة الشيعية اللبنانية وبنفس الوقت تتبع سوريا بشكل مباشر وواضح.

    ولكن منذ ان استطاع حزب الله تثبيت نفسه كقوة مقاومة في لبنان على حساب أمل، أخذت كفة السياسة السورية تتغير لصالح خيار المقاومة خاصة في ظل المساعدات الإيرانية للمقاومة وأيضا مساعداتها المجانية لسوريا كدولة، وما أن جاء بشار بعد أبيه حتى كانت سوريا قد حسمت أمرها لصالح خيار المقاومة بشكل تام لتصبح سوريا ميداناً واسعاً تمرر عبره إيران ما تريده من سياسات خاصة في علاقاتها المتينة مع المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، لا سيما فيما تعلق بالتدريب والتمويل والتسليح، ولعل اغتيال القائد في حزب الله عماد مغنية وإن كشف عن ثغرة ما، فإنه كشف عن طبيعة وحيوية حركة شخصية كمغنية وهو المطلوب عالمياً على عمليات ضد أمريكا وفرنسا.

    ولأن هذه العلاقة كانت من المتانة وطول العمر ما نعلم، فإن المعارضة السورية بكافة أطيافها كانت طوال العقود السابقة تكن عداءً دائماً لإيران وحزب الله، وكان لهذا العداء تداعياته على القوى اللبنانية المنسجمة مع تلك المعارضة، وعلى سبيل المثال حركة الإخوان المسلمين في سوريا كانت تؤثر على فرع الإخوان في لبنان (الجماعة الإسلامية) خاصة بعد اغتيال الحريري، حيث رأينا الجماعة السلامية تفترق مع مؤسسها الشيخ فتحي يكن، وتنضم بصوت مسموع لتيار الحريري.

    لهذا كان طبيعيا أن ترتفع شعارات الثورة السورية منذ بداياتها في درعا في مهاجمة إيران وحزب الله وحرق أعلامهما، يعني أن حدث الثورة ووقوف حزب الله مع النظام، لم يكن بداية العداء بين المعارضة السورية وحزب الله، إنما جاء ذلك انسجاماً مع طبيعة الواقع اللبناني وتداعيات الموقف السوري تجاهه.

    اعتبر حزب الله بداية ما يجري في سوريا مدعاة للإصلاح السياسي في وضع النظام واعترفوا بوجود أخطاء، لكن نجاح الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، جعل المعارضة توغل في جذريتها بالدعوة لسقوط الأسد، فيما لم يحرك هذا الربيع النظام السوري لإحداث تغيير حقيقي نحو حرية الشعب السوري في اختيار قيادته، ليجد حزب الله نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: أنت تقف مع ثورة واضحة في طبيعة ارتباطات قياداتها الداخلية والخارجية، خاصة أن السعودية وقطر وكل دول الخليج دخلت على خط دعم الثورة وهي التي حاربت هذه الثورات في مصر وتونس، بل إن السعودية آوت أول زعيم يسقط وهو زين العابدين، أو أن يقف حزب الله مع النظام وهو نظام علماني مستبد. فاختار حزب الله النظام انسجاماً مع أولوياته، فهو تيار مقاومة بالمقام الأول وليس حركة إسلامية تريد دولة إسلامية، ولا هو حركة اجتماعية تريد تغيير اجتماعي، رغم أن هذين الجانبين جزء من تكوينه ونسيجه، لكنهما يحتلان مكاناً ثانوياً إلى جانب أولوية مقاومة إسرائيل.

    إذن انسجم حزب الله مع برنامجه السياسي الأصيل، ولم يدع تداعيات الربيع العربي تحرفه عن مساره الذي اختاره منذ بداية تكونه وانطلاقه، لهذا لم يكن موقف حزب الله مفاجئاً لمن يعرفه، لكن حجم المأساة السورية المتصاعدة، وطبيعة النظام السوري الشمولية، جعلت كثيرين يستصعبون موقفه ولم يمكنهم استيعابه إلا بعد طول وقت وبعد اتضاح حجم التحالف العالمي ضد النظام السوري وحرصهم على إسقاطه، من خلال فتح حدود تركيا والأردن لدخول عشرات الآلاف من الناس المختلفي الطبائع والتوجهات للقتال في سوريا وهم مجهزون بشتى التدريبات وأنواع التسليح، حتى صار لكل مخابرات دولة من دول العالم كتيبة (جهادية) تقاتل باسمها حسب وصف مثقف سوري معارض، وقد أضاف: صارت ثورتنا مطية للعالم.

    لكن عدم تدخل الغرب بشكل مباشر كما تدخل في ليبيا عبر قصف جوي مباشر لقوات النظام، جعل الثورة السورية تواصل اتهام الغرب بخذلانها عسكريا رغم اعترافها بدعم الغرب لها مادياً وتسليحياً وسياسياً وإعلامياً، ولكن لا يخفى على أحد أن تلكؤ الغرب في توفير غطاء جوي للمعارضة السورية حتى الآن كان هدفه مواصلة تدمير سوريا كدولة، ثم هو عجز الغرب عن هكذا خيار مفصلي في ظل وجود سوريا على حدود فلسطين المحتلة وحتمية انغماس إسرائيل في الصراع المباشر في ظل هكذا تدخل، خاصة مع تهديدات إيران وحزب الله الجدية بإشعال المنطقة، وفي ظل موقف روسي –صيني صارم استفاد من تجربة ليبيا.

    وكانت الثورة السورية تتهم حزب الله بالقتال مع النظام منذ بدايات الثورة حتى قبل عسكرتها، ولكن حزب الله كان ينفي ذلك نفياً مطلقاً، حتى قرر أخيراً الدخول في الصراع عبر قوة مختارة تحت مبرر الدفاع عن سكان القرى اللبنانية الداخلة ضمن الحدود السورية في ريف القصير، والتي قيل أن المعارضة المسلحة قامت بتهجيرها من قراها، كما برر حزب الله تدخله في القتال لحماية مقام السيدة زينب المقدس عند الشيعة، وجعل نصر الله كل ذلك ضمن إطار مواجهة التيار التكفيري الذي يزحف نحو لبنان، خاصة أن منطقة القصير تمثل خاصرة في ظهر المقاومة، ضمن خط تسليحه الرئيس.

    والحقيقة أن تدخل حزب الله العسكري حمل أكثر مما أعلن عنه، فقد شكّل تدخله المباشر تحولاً واضحاً في مسار الصراع السوري المسلح، حيث ملأ فراغاً عانى منه النظام المدجج بالطيران والمدفعية الثقيلة والدبابات، ولكن النظام افتقد لقوات حرب العصابات والمغاوير، وهو ما أتقنه حزب الله بشكل لافت عندما استطاع القضاء على المعارضة المسلحة في كل منطقة القصير بحنكة عسكرية لفتت نظر العالم كله، وفتحت عين الإسرائيلي تحديداً، حيث وقع ما يشبه الانهيار في منطقة القصير وهي المنطقة التي أعدت لتبقى مركزاً ثابتاً في توفير الدعم اللوجستي لكامل قطاعات المعارضة على امتداد سوريا بطولها وعرضها، خاصة أن القصير تمثل عقدة مواصلات سوريا، وكانت مجهزة باستحكامات تتجاوز طابع ثورة شعبية، لتعبر عن حالة عسكرية قتالية شرسة، عبر خنادق ومعسكرات وعالم أرضي متكامل.

    وقد بلغت الحملة الإعلامية ضد حزب الله ذروتها بعد هذا التطور، خاصة على خلفية اتهامه بالطائفية، وأنه كشف وجهه الحقيقي بنصرته لحليفه السوري، وان ذلك متصل بالبعد الطائفي متناسين أنه لا تجمع حزب الله بالنظام السوري طائفة، هما طائفتان صحيح أنهما ليستا سنيتين ، ولكنهما طائفتان متباعدات في الجذور والنتيجة عقائديا وفقهياً، بل من حيث التكوين المذهبي، خاصة أن الطائفة النصيرية طائفة غنوصية هي أقرب للحالة الدرزية، نجد فيها كهنوت طبقة خاصة، وباقي الطائفة ينتسبون انتسابا ليس إلا، بينما الطائفة الشيعية فيها علماء ومراجع فهي كالطائفة السنية من هذه الزاوية، مطلوب من كل أفرادها القيام بالواجبات والشعائر والعلم والغوص في مقتضيات المذهب والدين.

    وقد استندت كثير من الأصوات في اتهام حزب الله بالطائفية على خلفية ما قالوا أن نصر الله أطلق شعارات طائفية في تهييج عناصره للقتال في سوريا، مثل شعار: (يا لثارات الحسين) (ولن تسبى زينب مرتين) وقد أوهموا القارئ أن هذه الشعارات صدرت من نصر الله في خطبه المتعلقة بالصراع السوري وخاصة موضوع القصير، ولكن الحقيقة التي لا لبس فيها أن هكذا شعارات لم تصدر علناً من السيد نصر الله، وإن قيل أنه أطلق هكذا شعارات عبر اللاسلكي في مخاطبته لعناصره في جبهة القصير، فهذا ممّا يحتاج لإثبات قطعي يُنتهض به، وإلا فهو لا يعدو التكهن.

    نخلص من كل ما سبق: أن حزب الله وبالرغم من كونه متصل الجذور بطائفة بعينها، وهو حقاً منفعل مع طائفته فكرياً ونفسياً، ولكنه منضبط ومنسجم مع خياراته السياسية التي أعلن عنها منذ أول يوم لانطلاقه كحركة مقاومة، همها الأول الصراع مع العدو الإسرائيلي، ولعل أوضح دليل على ذلك وهو ما نختم به بحثنا أنه حافظ على علاقاته السياسية مع حركة حماس رغم التباين الشديد بينهما في الموضوع السوري المتصل بالصراع مع العدو الإسرائيلي، لكن خصوصية حماس كحركة فلسطينية ترفع شعار المقاومة جعل حزب الله يتغاضى عن موقف حماس المنحاز، خاصة أنها نقلت مكاتبها من دمشق إلى قطر، وقطر لها خصوصية لا تخفى على أحد هذه الأيام.


  2. #2
    من اهل الدار
    ادارية سابقة
    تاريخ التسجيل: November-2012
    الدولة: بغــــــــــــــداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 48,535 المواضيع: 8,156
    صوتيات: 85 سوالف عراقية: 13
    التقييم: 23426
    مزاجي: صامته.. و لم اعد ابالي
    المهنة: مصورة شعاعية
    أكلتي المفضلة: شوربة عدس .. وعشقي لليمون
    آخر نشاط: منذ يوم مضى
    مقالات المدونة: 206
    شكرا الك

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال