في عالمٍ لا يقيم وزنًا لبواطن الأمور تتسع دوائر المسكوت عنها في حياة الانسان لا سيما المرأة في مجتمع يكرس الفصل والتمييز بشكل يخل بالعلاقات ، هذا "المسكوت عنه" يتحول مع مرور الوقت الى بؤرة مغيبة قصرا في "وعي الانسان ولا وعيه ايضا " يحاول من خلالها وضع "ملفات "من حياته يعتبرها "خطرة " او "محرمة "، هذه البؤرة تستنزف اشراقة النفس وتحولها الى شخصية مأزومة فيما ترسم لذاتها صورة اسطورية او مثالية فاضلة .
فكثيراٍ ما نتحدث بعقولنا بعيداً عن قلوبنا واعماقها، وكثيرةٌ هي التمنيات السعيدة التي نطمح اليها والافكار التي نتكلم عنها دون ان ان يكون هذا الواقع عالم حقيقي لنا .
اذن معظم البشر وبدرجات متفاوتة "يخفون" في لا وعيهم مالا يرغبون به من واقع عاشوه او يعيشونه ،كما انهم يتحدثون عن عالم متخيل افتراضي غير موجود يرغبون في العيش فيه .
بين هاتين المعضلتين تتلخص معظم الصراعات التي يحياها الفرد في علاقته مع المجتمع؛ فنجد مثلاً بعض السيدات تتهم الزوج بالبخل المستمر فيما هي تحاول ان تخفي رغبتها الحقيقية في الانفصال عنه؛ او نجد رجلاً ينكد حياة المحيطين به كي يتنصل من واجباته الحقيقية والمادية تجاههم؛
او نجد شابة تخفي حقيقة علاقتها بمحبوبها خشية المجتمع فيما تبالغ باظهار حشمتها المتعمدة امام اقرانها .....او يقوم شاب باهدار كافة راتبه في سهرة واحدة كي يُقنع اصدقاءه بثرائه فيما هو لا يجد ثمن ليتر بنزين يملأ به خزان سيارته الفارغ .
معظم مشكلات البشر انهم يعيشون في عالمٍ غير عالمهم ..ويصرون بعناد على ايهام انفسهم والآخرين بالصورة التي يرسمونها فتكثر الأقنعة وتتفاقم الأوجه ويكثر الكذب مما يحول العلاقات البشرية الى علاقات منفعية آنية محورها التفاخر والتكاذب والصور المزيفة .
فكيف السبيل كي يتوحد الآدمي مع ذاته اليانعة وباطنه الراقي بحرية كائن لا يأسره سرّ و لا تحتكره صورة مثالية مفترضة ؟