أحمد محمد – الجبايش
تغطي الاهوار مساحة شاسعة من محافظات ميسان وذي قار والبصرة جنوب العراق وتقدر مساحتها 9650 كيلو متر مربع، وتتميز بتنوع طبيعي واحيائي كبير وموطن لكثير من الحيوانات والطيور المهاجرة.
واقيمت بها وعلى اطرافها العديد من المدن السومرية التي تعتبر من اقدم حضارات العالم والتي اكتشفت الكتابة والعجلة وبنيت فيها اول مدرسة في العالم، وقد زارها العديد من المستكشفين ورحالة الغربيين في القرن العشرين والفوا عنها العديد من الكتب مثل كتاب "حلقات المياه الرائعة" لكيفن ماكسويل، و"العودة إلى الأهوار" لكيفن يونج، و"عرب الأهوار" لويلفرد ثيسيجر، اضافة الى العالم الآثار والمستكشف النرويجي ثور هايردال صاحب كتاب "حملة دجلة.. في البحث عن البداية".
وتتميز المنطقة بسلوب بناء المضايف المصنوعة من القصب التي يعود اصله للحضارة السومرية القديمة والذي يعتبر من احد المرتكزات الثقافة الاهوارية، حيث وجدت في مدينة اور التاريخية على رقم طينية واختام اسطوانية ترجع تاريخها الى اكثر من 3000 سنة تحمل نقوش مماثلة لهذه المضايف.
وكانت الاهوار تسمى فنسيا العراق او بندقية الشرق حيث كانت تنتشر القرى العائمة على المياه تعلوها المناظر الساحرة لمضايف ذات الطراز المعماري الفريد المصنوعة من القصب بلونه الذهبي الساحر وصور انعكاسه على الماء الصافي، واعتماد سكان المحليين الذين يسمون بـ"المعدان" على زوارق في تنقلهم وترحالهم.
الا انها تقلصت بصورة كبير بعد عمليات التجفيف المتعمدة الواسعة منذ عام 1991 والتي استمرت لسنوات، حيث اقام النظام السابق العديد من السدود على روافد المغذية لها بالمياه من نهري دجلة والفرات وانشاء شبكة من الطرق المعبدة فيها لتسهيل السيطرة عليها، مما حولها الى صحراء جرداء وانهيار النظام الاقتصادي مما ادى الى هجرة اغلب سكانها الى داخل وخارج العراق، وقد اعتبرت الامم المتحدة تجفيفها من اكبر الكوارث البيئية في قرن العشرين، حيث تعرض العديد من الحيوانات لخطر الانقراض مثل "كليب الماء ذو الفراء الناعم العراقي" الذي دخل في القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بانقراض.
وبعد عام 2003 قام السكان المحلييون بتدمير السدود الحاجزة للمياه التي غمرت بعض اجزاء الاهوار ولكن كمية المياه غير كافية بسبب اقامة دول الجوار لسدود على نهري دجلة والفرات وروافدهما وقلة اطلاق حصص العراق منها على رغم من المعاهدات دولية التي تنظم ذلك مثل معاهدة رامسار للاراضي الرطبة.
وضل منسوب مياه الاهوار متذبذب الى ان اقترحت منظمة طبيعة العراق على وزارة الموارد المائية اقامة سد ترابي على نهر الفرات لتحويل مياهه الى الاهوار، وقد قامت وزارة ببناء هذا السد في عام 2010، الذي ادى الى ارتفاع منسوب مياه الفرات من (0.58 الى 1.32) متر فوق مستوى سطح البحر، وبذلك امكن انسيابها الى الاهوار بسهولة.
وعاد سكان الى الاهوار للعمل في صيد الاسماك وتربية حيوانات الجاموس حيث يذكر جاسم الاسدي الناشط البيئي ومدير مكتب منظمة طبيعة العراق في الجبايش ان هناك اكثر من 8000 راس جاموس في طريق طوله 27 كيلو متر فقط.
يعاني السكان من زيادة في ملوحة المياه التي ادت الى امراض كلوية وجلدية للحيوانات الجاموس مثل امراض "ابو لسين" و "ابو حنجير"، وصل تاثيرها الى الثروة السمكية حيث يشتكي الصياد هاشم محمد الفرطوسي من قلة اعداد اسماك البني والكطان والشبوط وسمك الكارب الذي يسمى محليا بالسمتي، واختفاء انواع من النباتات والتي تعيش في مياه الحلوة.
وسيشهد العراق ولادة اكبر محمية طبيعية فيه وذلك في الاهوار الوسطى، والتي تعتبر من الاماكن جذب للسياح لما تتمتع به من جمال الطبيعة وروعة الفن المعماري لسكانها وثقافتهم الفريدة، ولكن المنطقة تعاني من نقص في البنية التحتية السياحية مثل الفنادق ودور الاستراحة.
منقول