هيهات منّا الذلّة


هيهات منّا الذلّة

شعار الحسين يوم عاشوراء، وشعار جميع الأحرار الذين لا يرضخون للظلم، ولا يستسلمون لسلطة الجبابرة. وهذه الجملة صرّح بها الإمام الحسين في إحدى خطبه يوم عاشوراء وجاء في مطلعها: "تباً لكم أيها الجماعة وترحاً. . .". وهو حين رأى إصرارهم على إرغامه على الاستسلام والبيعة في ذلك اليوم، أعلن رفضه قائلاً: "ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، وهيهات له ذلك منّي، هيهات منا الذلة، أَبى الله ذلك لنا ولرسوله والمؤمنون، وحجور طهرت، وجدود طابت، وأُنوف حميّة، ونفوس أبيّة أن يؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام"(نفس المهموم:131، مقتل الخوارزمي 7:2، بحار الأنوار 83:45 مع اختلاف يسير في الألفاظ).



وهذا النوع من النظرة إلى الحياة يعلّم الإنسان درساً ويجعله على مفترق طريقي الحياة ذليلاً أو الشهادة، واختيار عزة الشهادة، واعتبار الحياة الذليلة موتاً.



في حرب صفين لما رأى علي عليه السلام استيلاء جيش معاوية على الماء وأن أصحابه قد نضب ما لديهم من ماء وهم على وشك الاستسلام الذليل، خطب فيهم وحرّضهم على إرواء سيوفهم من دم العدو حتى يتاح لهن الارتواء بالماء قائلاً: " فالموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين"(نهج البلاغة لصبحي الصالح، الخطبة 51).



وهذا افهم متبلور في النهج الحماسي الحسيني والعلوي، وهو جوهر الحياة الكريمة.

ردّ الحسين على بعض أفراد جيش الكوفة الذين طلبوا الانصياع لحكم يزيد لكي ينعم بالسلامة قائلاً: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا إقرار العبيد"(مقتل الحسين للمقرّم:280، تاريخ الطبري 323:4)، فهو يرى في مثل هذا الاستسلام ذلة العبودية وهو يأنف ذلك.



أنشد أبو نصر بن نباتة في رأي الإمام الحسين هذا:



والحسين الذي رأى الموت في العز

حـياة والعـيش في الـذلّ قتـلاً



(شرح نهج البلاغة لأبن أبي حديد 254:3)