مناقشة الحديث النبوي ( علماء أمتي أفضل من أنبياء بني أسرائيل )

قال تعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ}البقرة213
وقال تعالى {وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }البقرة101
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( علماء أمتي أفضل من أنبياء بني أسرائيل )) وقيل (( كأنبياء بني أسرائيل ))
وهنا يرد أشكال فكيف يكون العالم أفضل من النبي أو الرسول بحسب الحديث الشريف
ويمكن بيان الحديث الشريف على مستويين :
المستوى الأول : فيما اذا كان الحديث أن العلماء أفضل من الأنبياء دون الرسل
بعث الله الانبياء والرسل مبشرين ومنذرين لئلا يقول أحد لولا ارسلت الينا رسولا . ونجد أن مقام الرسول أعلى من مقام النبوة بمراتب لأن النبي قد يكون نبيا عن طريق الرؤيا أي أنه ينبأ بحالة معينة , أما الرسول فلأنه مرسل الى قوم يبلغهم برسالة الله ومن هنا يمكن القول أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول أي أن العلاقة بينهما عموم وخصوص من وجه كما يعبر عنها في المنطق .
فقد كانت مجتمعات بني أسرائيل عبارة عن قرى مختلفة فكان لا بد من موجه لهذه المجتمعات فيظهر النبي في القرية بغض النظر عن عدد أفراد تلك القرية , حيث كانت أعداد القرى لا تتجاوز العشرات ولذا فعندما نسمع أن عدد الأنبياء مائة وأربع وعشرون الف نبي بأعتبار عدد السكان في القرى المختلفة , فكانت صفة النبوة لكل من يدعوا الى الله والتمسك بتعاليم الاديان السماوية فكل رجل مصلح كان يطلق عليه نبي لأنه كان يمثل دوره الاصلاحي فيلقي الله في قلبه النبؤة الحق التي تلائم عادات القرية التي يتواجد فيها والتي يمكن من خلالها ممارسة دوره الاصلاحي وهداية المجتمع .
ومن هنا نجد أن الحديث الشريف ( علما أمتي أفضل أو كأنبياء بني أسرائيل ) لأختلاف المهمة التي أرسل من خلالها علماءنا الأفاضل على طول تأريخ الحوزات العلمية وعلى سبيل المثال لو تطلعنا جيدا في حركة السيد الخميني والسيد الشهيد محمد باقر الصدر والسيد الشهيد محمد صادق الصدر قدس الله أرواحهم , فنجد أن حركتهم الأصلاحية أمتد ت الى العديد من شعوب العالم فضلا عن مناطق تواجدهم فعلى سبيل المثال نجد أن حركة السيد الخميني قدس سره أنطلقت بتأسيس الجمهورية الأسلامية في أيران ذلك المجتمع الذي كان واقعا تحت القيادة والثقافة الغربية التي حاول تمريرها نظام الحكم العميل للغرب الكافر وبالمقارنة مع حركات الانبياء السابقين من بني اسرائيل نجد ان الفارق واضحا من خلال الحركة الاصلاحية وتحقيقها للنتائج المرجوة منها , وكذلك فحركة السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف وحركته الاصلاحية في المجتمع العراقي الواقع تحت سياط الجلادين البعثيين أضافة الى تعدد طوائف ومذاهب هذا البلد العريق فنجد أن السيد الشهيد عمد الى تفنيد الأطروحات الغربية من الشيوعية والرأسمالية والأمبريالية وتأسيسه لنهضة أسلامية لم يشهد لها مثيل في العراق حينها فكان داعيا الى الله ومن تبعه بأخلاص وعمل الى أيصال الفكر الديني والتعريف به الى أقصى مناطق العراق بل وأمتدت حركته الأصلاحية الى خارج العراق أيضا , وأما السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الشريف فكانت حركته الشريفة من أعلان تصديه للمرجعية الدينية وأقامة صلاة الجمعة المباركة ونزوله الى أدنى طبقات المجتمع لها الأثر الواضح في نهضة وأستمرارية الدين الأسلامي ليس هذا فقط بل كان الممهد الأكبر لأعداد القواعد الشعبية لجيش الامام المهدي عليه السلام , وتماشيا مع القول بالترابط في سلسلة التأريخ نجد أن التمهيد الذي سعى اليه الأنبياء والمرسلين بلغ ذروته الحقيقية في نهضة المولى المقدس قدس سره , وعليه فالأختلاف واضحا بين حركة أنبياء بني اسرائيل والعلماء العاملين من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فالنبي الذي يهدي أفراد معدودين ليس كالمرجع الذي يهدي الملايين .
المستوى الثاني : فيما أذا قيل ان الحديث يشمل الانبياء والرسل اولي العزم , فنقول أن الحديث ذكر (( أنبياء )) ولم يقل الرسل .
وأن قيل أن الحديث تام السند والدلالة بأعتبار شموله الأنبياء والرسل , فيكون الجواب أن المقصود من علماء أمتي هم الأئمة أهل بيت النبوة سلام الله عليهم أجمعين فيسقط الأستدلال .