الامام الحسين عليه السلام يوصي اهل بيته بالصبر



اوصى
الامام ـ صلوات الله عليه ـ أهل بيته وعياله غير مرة بالصبر والتقوىٰ وعدم الجزع ، وتحمل المتاعب في سبيل الله تعالىٰ والتوكل عليه ، والقيام بالمسئولية علىٰ أحسن حال.
ومن وصاياه لهم : ولا بدّ أن تروني على الثرىٰ جديلاً ، ولكن أُوصيكم بالصبر والتقوىٰ ، وذلك أخبر به جدكم ولا خُلف لوعده ، وأسلمُكم علىٰ من لو هتك الستر لم يستره أحد (1).
ومن وصاياه أيضاً عليه السلام لأخته
زينب سلام الله عليها وذلك حينما رآها وقد أثّر عليها ألمُ المُصاب وحرارةُ الفراق ، أوصاها قائلاً :
يا أختاه تعزي بعزاء الله وارضي بقضاء الله (2).
يا أخية لا يذهبنَّ حلمَك الشيطان ...


يا أُخية اتقّي اللهَ وتعزّي بعزاءِ الله ، واعلمي أن أهل الأرض يَموتون وأن أهل السماء لا يبقون ، وأن كلَ شيء هالكٌ إلا وجْهَ اللهِ الذي خلقَ الأرض بقُدرتهِ ، ويبعث الخلقَ فيعودون وهو فردٌ وحدَه ، أبي خيرٌ مني وأمي خيرٌ مني وأخي خيرٌ مني ولي وَلهُم ولكل مُسلمٍ برسولِ الله أسوةٌ.

قال : فعزّاها بهذا وَنحوهِ ، وقال لها : يا أخيّةُ إني أقسمُ عليك فأبرِّي قسمي ، لا تشُقي عليَّ جَيباً ولا تخمشي عليَّ وَجهاً وَلا تدعي عليَّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت (3).
وفي رواية ثم قال عليه السلام : يا اُختاه يا أمَّ كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب إذا أنا قُتلت فلا تَشققنَّ عليَّ جيباً ، ولا تخمشن عليَّ وجهاً ، ولا تقلن هجراً (4).
وقد أخذ عليه السلام في وصاياه يۆكد عليهنَّ بالصبر على الاحداث الأليمة ، والتجلد في المواقف الرهيبة والكوارث الأليمة ، وأن يتمالكن أنفسَهُنّ حين يَرينهُ صريعاً مُجدلاً.
وخصوصاً أخته زينب عليها السلام والتي حَمّلها مسۆليةَ حفظ الحرم والأطفال ، وقد أكّدَ عليها كثيراً بالصبر والتجلد لكي تقوم بالمسۆلية ، ولتۆدي وظيفتها علىٰ أحسن حال في حفظ ورعاية العيال والأطفال ، الذين ليس لهم مُحامٍ ومدافع سواها ، ولكي تُشاطرَهُ في مهمته ، ولئلا يَغلب عليها الأسىٰ في إبلاغ حجته ، وإتمام دعوته ، خصوصاً في المواقف الحرجة الأليمة في الكوفة والشام.
وَكلُّ هذا التأكيد عليها في وصاياه لها ( إعلامٌ لها بتحمُّل المسۆولية وأن تكون أمام الكوارث المقبلة كالجبل الأشم ، والصخرة الصماء ، تتكسر عليها كل عوامل الذلة والانكسار ، ولا تستولي عليها دوافع الضعف ، وعوامل الانهيار ، وأن تتأسّىٰ بجدها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وتتعزىٰ بعزاء الله.
إنه عبءٌ ثقيل في تحمُّل مسۆولية الكفاح المتواصل لربط الثورة بأهدافها المتوقعة وعواملها المنتظرة ، وقد تجسّدت لها الحوادث بعد أن أطلعها الحسين علىٰ كثير من مهماتِها ، وَفتحَ أمامَها نوافذَ مهمة مَهّدَ لها طُرقَ التسلية عمّا تلاقيه فيها من بلاءٍ وما تصطدم بها من نكبات.
ولقد كانت علىٰ موعد مع هذا الحدث العظيم ، حدثتها اُمها فاطمة الزهراء عليها السلام وسمعت من أبيها علي عليه السلام ، ما يدل علىٰ وقوع ذلك ، وكما لمّح لها أخوها الحسن عليه السلام بآثار الفاجعة ، وصرّح لها الحسين عليه السلام بدنو ما كانت تخشاه ، وحلول ما كانت تتوقعه.
ولقد تحملت مسۆولية إتمام الرسالة التي قام بها الحسين فأوضحت للعالم عواملَ الثورة ، فنبّهت الغافل ، وفضحت تلك الدعايات المُضلِلة ، لقد مَثّلت زينب عليها السلام دورَ البطولة في ميدان الجهاد ، وثبتت أمام المحن والمكاره ، ثبوتَ الجبلِ أمامَ العواصف ، واحتسبت ما أصابها من بلاءٍ في جنب الله ، طلباً لمرضاته وجهاداً في سبيله ، وإعلاءً لكلمته ، لقد أدّت واجبها في ساعة المحنة ، فهي تسلي الثاكل وتُصبر الطفل ، وتُهدّئُ روعَ العائلة.
وانظر إلى موقفها كيف وقفت أمام مجتمع الكوفة فحملتهم مسۆولِيةَ هذه الجريمة الكبرىٰ ، ووسمتهُم بالذُلِ وألبستهم العار ، وكيف قابلت يزيد الماجن المستتر الطائش ، فأوضحت للملأ الحادَه وكفرَه ، وسلبتهُ مواهب التفكير ، فوقف أمام قوة الإيمان موقف ذلةٍ وانكسار ، فكان النصرُ حليفَها ولا زال إلى الأبد ) (5).

وتشاطرت هي والحسينُ بدعوةٍ حتمَ القضاءُ عليهما أن يُندبا
هذا بمشتبك النصولِ وهذه في حيث مُعترك المكاره في السبا (6)

_____________
نسألكم الدعاء