اللهم صل وسلم على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
نأتي إلى الأحاديث و الروايات والتي قد يفهمها البعض أن الروح تصعد إلى السماء أثناء النوم :
قال أمير المؤمنين (ع) : لاينام المسلم وهو جنب ، ولا ينام إلا على طهور .. فان لم يجد الماء فليتيمم الصعيد ، فان روح المؤمن تُرفع الى الله تبارك وتعالى فيقبلها ويبارك عليها، فان كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته ، وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه من ملائكته فيردونها في جسدها . {البحار ج73: ص182}
و أشار رسول الله (ص) لذلك بقوله :(يا علي ، ما من عبد ينام إلا عرج روحه إلى رب العالمين ، فما رأى عند رب العالمين فهو حق ، ثم إذا أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى جسده ، فصارت الروح بين السماء والأرض ، فما رأته فهو أضغاث أحلام).
كما أن علياً (ع) ربما أشار إلى ذلك بقوله :(فما رأتْ وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة ، وما رأت إذا أُرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فكذبت فيها).
يقول أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) : (قلت لأبي عبد الله الصادق (ع) : المؤمن يرى الرؤيا فتكون كما رآها ، وربما رأى الرؤيا فلا تكون شيئاً ؟! فقال : إن المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء ، فكلما رآه روح المؤمن في ملكوت السماء في موضع التقدير والتدبير فهو الحق ، وكلما رآه في الأرض فهو أضغاث أحلام .فقلت له : وتصعد روح المؤمن إلى السماء؟ قال : نعم . قلت : حتى لا يبقى شيء في بدنه ؟ فقال : لا ، لو خرجت كلها حتى لا يبقى منها شيء إذاً لمات . قلت . فكيف تخرج ؟ فقال : أما ترى الشمس في السماء في موضعها وضوؤها وشعاعها في الأرض ؟ فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتها ممدودة .
من الواضح في هذا الحديث الشريف أن المقصود بحركة الروح لا أن الروح صعدت بنفسها و كيانها , و إلا لتعارض ذلك مع الحديث الشريف الأول المذكور أعلاه للإمام الباقر عليه السلام . بل قال : أما ترى الشمس في السماء في موضعها وضوؤها وشعاعها في الأرض ؟ فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتها ممدودة .
فالشمس لم تغير مكانها و لم تأتي إلى الأرض كذلك الروح مازالت في الجسد حال النوم لكن لها اتصالاً مع عالم الغيب , واسطة هذا الاتصال عبرعنه بالحركة الممدودة و عبر عنه الإمام الباقر (ع) بالنفس التي تعرج إلى السماء , كما أنك قد تتحدث مع أشخاص بعيدين كل البعد عنك بواسطة شبكة الانترنت , أنت لا تزال مكانك لكنك تراهم و تسمعهم و يرونك ويسمعوك , أو كأنك ترى شريط فيديو لأحداث مضت أو سوف تحدث ,و قد تكون أنت فيها ( على وجه التقريب لا أكثر )
نستنتج أن النفس هي كجزء من الروح لا يمكن أن ينفصلان تماماً , و في حال النوم تعرج النفس و يصير بينهما سبب كشعاع الشمس ( الحركة الممدودة ) .
و عندما تذكر الأحاديث أن الروح تصعد إلى السماء أثناء النوم المعنى هو أن صار لها اتصالاً مع عالم ملكوت السماوات مما له تأويل , أو قد يرى فيما بين السماء و الأرض فهو مما يخيله الشيطان و لا تأويل له .
منقول