تاريخ علم البوليمر
يعتبر علم البوليمرات أحد العلوم الكيميائية الحديثة حيث أن تركيب الجزيئات العملاقة والتي سميت بالبوليمرات Polymers لم يعرف بالتحديد إلا بعد عام 1920 ميلادية.
لقد استخدم الإنسان القديم البوليمرات الطبيعيةNatural polymers قبل مئات القرون، فقد صنع ملابسه من القطن والصوف والحرير وجلود الحيوانات.
واستخدم البوليمرات في طعامه كالزيتون النباتية Oils والشحوم الحيوانية Fats واستعمل الراتنجات الطبيعية Natural Resins كأصماغ ولواصق منذ آلاف السنين كالصمغ العربى Arabic Gum والأصماغ الحيوانية والإسفلت الذي استخدم في طلاء القوارب.
لقد صنفت البوليمرات في القرن الثامن عشرضمن الغرويات Colloids لأن الحالة الغروية في ذلك الوقت كانت معروفة بمثابة حالة مستقلة من حالات المادة إضافة إلى حالة السائلة والصلبة، وقد كان سبب هذا الاعتقاد الخاطىء أن معظم المواد الغروية
تمتاز بأوزانها الجزيئية العالية مقارنة بالمواد الأخرى البسيطة، وبقى هذا المفهوم سائدًا حتى عام (1880 ميلادية) عندما اكتشف راؤولت Raoult وفانت هوف Vant Hoff طرقًا لتعيين الوزن الجزيئى فقد عين بهذه الطرق الوزن الجزيئى للمطاط الطبيعى والنشأ ونترات السليلوز ووجد بأنها تتراوح بين (10000-40000).
تعتبرهذه الخطوة أولى الدوافع التي أدت إلى الاعتقاد بفكرة وجود الجزيئات الكبيرة Macromolecules. ولم يتقبل العلماء في ذلك العصر إمكانية وجود مثل هذه الأوزان الجزيئية الكبيرة واعتبروا أنها أوزان غير صحيحة وفسروا أن السبب في ذلك هو أن قانون راؤولت لا ينطبق على حالات المحاليل الغروية .
وبالتالى يمكن القول بأن من الأسباب التي دعت كيميائى ذلك العصر إلى رفض فكرة الجزيئات ذات الأوزان الكبيرة :
أ) لم يمكن بالإمكان وضع حد فاصل بين الجزيئات الكبيرة والمواد الغروية لذلك اعتقد البعض أن المواد البوليمرية التي سميت بالجزيئات الكبيرة هى مواد غروية لا ينطبق على محاليلها قانون راؤولت.
ب) فسر كبر وزنها الجزيئى على أساس تجمع فيزيائى للجزيئات الصغيرة، أى أن هذه المواد المعقدة تتركب من تجمع عدد كبير من جزيئات بسيطة في صورة مركبات متجمعة Associated Complex ترتبط فيها الجزيئات البسيطة بروابط الجذب الثانوية Secondary Forces. واقترح أن حجم هذه المركبات المتجمعة يصل إلى حجم الجسيمات الغروية (Colloidal Particles).
فقد فسر مثلا الوزن الجزيئى للمطاط الطبيعى، الذي عرف صيغته الوضعية منذ عام (1826 ميلادية) (C5H8)، بأنه ناتج من تجمعات جزيئاتالأيزوبرين(Isoprene)
التي أمكن عزلها من تقطير المطاط الطبيعى، إما بهيئة تراكيب مستقيمة (وحدات مفتوحة) أو على هيئة تراكيب لتكوين المادة الغروية ذات التركيب الآتى:
وبعد أن نجح بعض الكيميائيين في تحضير بعض البوليمرات مثل بولى ستيرينPolystyrene) 1839 ميلادية) وبولى (جلايكون الإيثيلين) ( 1860 ميلادية) ومطاط الأيزوبرينIsoprene Rubber) 1879 ميلادية) وبفضل جهود العالم ستوندنجر(Herman Staudinger) نالت فرضية الجزيئات الكبيرة (الجزيئات العملاقة)Macromolecules تأييد الكثير من العلماء.
ولقد اقترح ستودنجر:
- أن هذه الجزيئات العملاقة تتكون تحت ظروف خاصة من ترابط العديد من الجزيئات الصغيرة بروابط تساهميةCovalent.
- وكان ستودنجر أول من اقترح صيغة بنائية للمطاط الطبيعى على شكل سلسلة طويلة متشابكة من وحدات المركب البسيط الأيزوبرين.
وفى البداية قوبل اقتراح ستودنجر لفكرة الجزيئات العملاقة باعتراضات شديدة ولكن بعد التقدم الذي تم في تطوير استخدام أشعة إكس في الكشف عن تركيب جزيئات تلك المواد المعقدة وكذلك في ابتكار طرق جديدة لتعيين الأوزان الجزيئية تأكد صحة اقتراح ستودنجر ومنح هذا العالم جائزة نوبل في الكيمياء عام (1953 ميلادية) تقديرًا له عن الكشف عن هذه الجزيئات العملاقة والتي عرفت فيما بعد بالبوليمرات.
ومنذ زمن ستودنجر انتشرت وتطورت الأبحاث الخاصة لدراسة البوليمرات من المصادر الطبيعية وكذلك تصنيع البوليمرات الصناعية من كل نوع وحجم.
وقد ساهم في دعم وإثبات فرضية الجزيئات الكبيرة كلا من العالم الأمريكى كاروثرز Carothers عام (1929 ميلادية) الذي يعتبر رائدًا في مجال تصنيع البوليمرات الصناعية حيث قام في عام (1929 ميلادية) بتحضير النايلون الشهير والمعروف باسم نايلون 66 (nylon 66). وهو بوليمر:
البولى أميد (البولى هكسا ميثيلين أديب أميد) poly hexamethylene
adipamide
متكون من :
حامض الأديبيك (adipic acid):
HOOC –(CH2))4-COOH)
وهكسا ميثيلين داى أمين (hexamethylenediamine):
(H2N –(CH2)6-NH2)
وكذلك ممن دعم فرضية الجزيئات الكبيرة العالم فلورى (Flory) عام (1937 ميلادية) وغيرهم.
وأدى التطوير في أبحاث البوليمرات إلى تطوير التكنولوجيا في استخدامها في التطبيقات الصناعية،
وانتشرت منذ الحرب العالمية الثانية الصناعات العديدة التي تعتمد على استخدام البوليمرات مثل صناعات البلاستيك والألياف الصناعية والمطاط والبويات واللواصق والخشب الصناعى وغيرها.
من الصعوبات التي واجهتها فرضية الجزيئات الكبيرة هو كيفية تفسير تكون المجاميع الفعالة في نهاية السلاسل وطبيعتها، لأن تعيين نسب ونوع هذه المجاميع الفعالة صعب لقلة تركيزها من ناحية، ولعدم وجود طرق كيميائية أو فيزيائية دقيقة وقتئذ لتعيين وتشخيص هذه المجاميع الفعالة.
وقد اقترح ستودنجر عام (1925 ميلادية) بأنه لا يستوجب وجود مجاميع فعالة في نهاية السلاسل لغرض إشباع تكافؤات الذرة الأخيرة من السلسلة البوليمرية واعتبر هذه المجاميع - حتى في حالة وجودها - غير فعالة بسبب كبر حجم الجزيئات المرتبطة بها، وقد اعتقد أيضًا بفكرة وجود التراكيب الحلقية (Cyclic structure) الكبيرة حلا لمشكلة المجاميع النهائية. وبقيت هذه الفكرة مقبولة لفترة من الزمن حتى عام ( 1937 ميلادية) عندما وضع فلورى(Flory) ميكانيكية التفاعلات المتسلسلة (Chain reaction).
نبذة تاريخية عن استخدام البوليمرات في الصناعة
يرجع الاستخدام لهذه المواد إلى تاريخ قديم بدأ في عام (1838 ميلادية) عندما استخدمت قطع من المطاط الطبيعى في تصنيع قطع الممحاة. وقد تم هذا حتى قبل أن يكتشف العالم جود يير(Good year) عملية فلكنة المطاط (Vulcanization) عام (1839 ميلادية).
و بعد اكتشاف عملية الفلكنة بعشرة أعوام بدأت تظهر وتنتشر صناعات عديدة تعتمد على استخدام المطاط المفلكن. وكذلك اكتشف تكوين الأبونيت أو المطاط القاسى (Ebonite) عام (1851 ميلادية).
2) نترات السليلوز
في عام (1838 ميلادية) اكتشفت طريقة لمعالجة السليلوز بحمض النيتريك وإنتاج مركب نترات السليلوز (Cellulose). وفى عام (1870 ميلادية) أمكن إنتاج هذا المركب بطريقة صناعية وبعدها اكتشفت طريقة خلط نترات السليلوز بمركب الكامفور(Camphor )لإعطاء المادة التي عرفت تحت اسم الباغة (Celluloid) وبعد ذلك اكتشف أن بوليمر نترات السليلوز
يمكن استخدامه في العديد من الصناعات الأخرى مثل صناعة المتفجرات (قطن البارود) والحرير الصناعى، وصناعة زجاج الأمان وفى تصنيع بويات السيارات (الدوكو).
3) أسيتات السليلوز
في عام (1856 ميلادية) اكتشفت طريقة إنتاج السليلوز نتيجة تفاعل السليلوز مع خليط من حمض الخليك المركز وأنهيدريد حمض الخليك Acetic an hydride.ولكن هذا البوليمر لم يستخدم صناعيًا حتى حتى عام (1900 ميلايدية). بعد أن اكتشفت التكنولوجيا الخاصة بتحويله إلى ألياف صناعية.
4) السليلوز المرسب
في عام (1859 ميلادية) اكتشفت طريقة لإذابة السليلوز في مذيبات خاصة تتكون من أملاح النحاس النشادرية وقد أمكن ترسيب السليلوز المذاب وحصل بذلك على نوع من الحرير الصناعى والذي عرف في ذلك الوقت بحرير الكوبر أمونيوم (Cuprammonium) كما تطورت العملية التكنولوجية عام (1891 ميلادية) لإنتاج الفسكوز(Viscose).
5)الفينول فورمالدهيد
يعتبر هذا البوليمر من أقدم البوليمرات التي تم تصنيعها من مصادر غير طبيعية، وقد اكتشف طريقة تصنيعه الأمريكى باك لاند Backland حيث وجد أن تفاعل مركب الفينول مع مركب الفورمالدهيد يعطى مركبًا معقدًا سمى بالبكاليت Backlite بعد اسم مكتشفه وقد استغل بوليمر البكاليت صناعيًا عام (1907 ميلادية) في إنتاج أجهزة التليفون السوداء القديمة.
6) البولى ستيرين
في عام (1600 ميلادية) اكتشفت طريقة لتحويل مركب الستيرين Styrene إلى مركب معقد.وقد بدأ في استغلال هذا البوليمر صناعيًا في ألمانيا عام (1930 ميلادية) وفى الولايات المتحدة عام (1937 ميلادية).
بنية البوليمرات
إن البنية الهندسية (Texture) للسلاسل البوليمرية تعتمد على نوع الأواصر التي تربط الذرات في السلسلة البوليمرية ولعل وجود الأيزوميرات الفراغية (Stereo Isomers) أى وجود تراكيب السيس Ciss والترانس(Trans)، في السلاسل البوليمرية هو أبسط مثال على ذلك،
وقد تأخذ السلاسل البولمرية وضعيات هندسية Conformations مختلفة بسبب الدوران حول الآصرة المنفردة وخاصة عندما يكون البوليمرعلى هيئة محلول أو منصهر. إن إمكانية حدوث الحركة الموضعية لبعض أجزاء السلاسل البوليمرية وظهور الوضعيات الهندسية المختلفة للسلاسل البوليمرية تحدد طبيعة خواص البولير الفيزيائية والميكانيكية كمرونة المطاط وصلادة بعض البوليمرات الأخرى، وما تقسية المطاط (Vulcanization) لغرض زيادة صلادته وتقليل مرونته إلا مثالا لقييد حرية حركة السلاسل البوليمرية.
إن الحركة الموضعية (Local motion) للسلاسل البوليمرية تعتمد اعتمادًا كليًا على درجة الحرارة. فلو تصورنا مثلا منصهر لبوليمر معين، في المنصهر تكون السلاسل البوليمرية حرة الحركة، ولهذا السبب يكون المنصهر بهيئة سائل لزج قابل للحركة والتنقل (Mobile).
ويستفاد من هذه الخاصية في تصنيع البوليمرات وذلك بتحويلها إلى منصهر بتأثير التسخين المنتظم وثم ضغط المنصهر إلى قوالب معينة. فعند تبريد منصهر البوليمر يأخذ البوليمر شكل القالب وتدعى هذه الطريقة من التصنيع بالقولبة (Molding). وعند خفض حرارة المنصهر تتقيد حرية الحركة الانتقالية للسلاسل البوليمريةوتصبح مقتصرة على الحركة الموضعية للسلاسل كحركة بعض المجاميع المعوضة وحركة نهايات السلاسل البوليمرية.
ويرافق هذه التحولات تغيرات كبيرة في صفات البوليمر الفيزيائية والميكانيكية فيتحول البوليمر من منصهر لزج إلى منصهر صلب قوى وتدعى درجة الحرارة الذي يحدث عندها هذا التغير بدرجة الانتقال الزجاجى Glass Transition Temperature وعندما تنخفض درجة الحرارة دون درجة الانتقال الزجاجى Tg فتتقيد الحركة الموضعية لأجزاء السلاسل البوليمرية والمجاميع المعوضة فيتحول البوليمر إلى مادة صلدة هشة. أما عندما يكون البوليمر فوق درجة النتقاله الزجاجى فيمتاز بالمرونة.
أنواع البوليمرات و أساس تصنيفها
أولا:التصنيف المعتمد على مصادر البوليمرات
تصنف البوليمرات من حيث مصادرها إلى ثلاثة أصناف رئيسية:
أ)البوليمرات الطبيعية المصدر
و تنقسم هذه البوليمرات إلى:
1)بوليمرات من مصدر عضوى
تعتبر هذه البوليمرات منتجات طبيعية نباتية أو حيوانية و من الأمثلة على ذلك :
السليولوز, النشأ, الصمغ العربى, القطن, المطاط الطبيعى, الحرير, البروتينات, الأحماض النيكيولية, الصوف, الشعر, الجلد و غيرها. و تكون هذه البوليمرات غالية الثمن و ذلك لصعوبة الحصول عليها لذلك فان استخداماتها محدودة نسبيبا.
2)بوليمرات من مصادر غير عضوية
مثل: الأسبستوس- الجرافيت- الزجاج.
ب)البوليمرات المحضرة صناعيا (البوليمرات الصناعية)
و هذه تشمل البوليمرات التي يجرى تحضيرها من مركبات كيميائية بسيطة و تمثل هذه الأغلبية العظمى من البوليمرات المهمة صناعيا. و هذه تشتمل على البلاستيكات المختلفة, المطاط الصناعى, الألياف الصناعية و غيرها.
و ينقسم هذا النوع إلى:
1)بوليمرات عضوية
مثل البولى أستر- البولى أميد- البولى ايثيلين- البولى أكريليك- البولى كربونات- البولى بروبيلين وغيرها.
2)بوليمرات غير عضوية
ج)البوليمرات الطبيعية المحورة
بوليمرات معاد تصنيعها من بوليمرات طبيعية
و تشتمل هذه على بعض البوليمرات الطبيعية التي تجرى عليه بعض التحويرات اما بتغيير تركيبها الكيميائى كادخال مجاميع جديدة في البوليمر , أو تغيير تركيب بعض المجاميع الفعالة الموجودة فيه أو بتطعيم بوليمر طبيعى على بوليمر صناعى و العكس.
و من الأمثلة على البوليمرات الطبيعية المحورة: خلات السليلوز, نترات السليلوز, سليلوز مرسب (فسكوز), سلوفان, صوف صناعى, القطن المطعم بألياف الأكريليك و غيرها.
و يمكن توضيح أهمية هذه البوليمرات بأخذ خلات السليلوز كمثال. ان السليلوز بوليمر طبيعى صعب الذوبان في معظم المذيبات العضوية ولا ينصهر, لذلك فان تصنيعه صعب جدا بشكله الطبيعى و ذلك بسبب الأواصر الهيدروجينية القوية الموجودة فيه و التي تقلل من ذوبانه و انصهاره.
و لكن عند تحويل عدد من مجاميع الهيدروكسيل في كل وحدة تركيبية من السليلوز إلى استر الخلات (بحدود ثلاثة مجاميع أو أقل) فان خلات السليلوز الناتجة تذوب في معظم المذيبات العضوية و بالنتيجة يمكن تحويل محلول البوليمر إلى ألياف صناعية أو رقوق بلاستيكية و غيرها من الاستخدامات الأخرى.
ثانيا: التصنيف المعتمد على الطبيعة الكيميائية للبوليمر
تصنف البوليمرات على أساس كونها بوليمرات عضوية أو غير عضوية إلى ثلاثة أصناف رئيسية:
أ)البوليمرات العضوية
تحضر هذه البوليمرات من مركبات عضوية (وحدات تركيبية عضوية متكررة) أو أنها ناتجة من مصدر عضوى. و هذه أكثر البوليمرات أهمية في الصناعة في الوقت الحاضر.
ب) البوليمرات غير العضوية (لا عضوية بحتة)
و هذه البوليمرات تتكون عادة من مركبات غير عضوية. و تتكون سلاسلها الجزيئية البوليمرية عادة من السيليكون فقط أو النيتروجين أو الفوسفور و النيتروجين معا أو البورون و النيتروجين.
و تمتاز مثل هذه البوليمرات بمقاومتها العالية للحرارة و لفعل المواد الكيميائية. هنالك عدد كبير من هذه البوليمرات المحضرة من مركبات الكبريت و الفوسفور و السليكون و البورون.
الا أن الاستخدامات الصناعية لهذه البوليمرات محدودة في الوقت الحاضر عدا بوليمرات السيليكون التي تستخدم في صناعة الألياف الزجاجية و البولى سيليكات (أسبستوس) و بولى أكسيد السيليكون (الزجاج) و غيرها.
ج)البوليمرات العضوية – غير العضوية
يشتمل هذا الصنف على البوليمرات التي تتكون من وحدات تركيبية تحتوى على بعض العناصر المعدنية اضافة إلى وجود بعض المجاميع العضوية. تمتاز هذه البوليمرات بمقاومتها الجيدة للحرارة.
و من الأمثلة على هذا الصنف بوليمرات السيليكون.
و يمكن أن يصنف هذا النوع إلى بوليمرات متضمنة ارتباطات معدنية حيث يدخل أيون معدنى ضمن السلسلة البوليمرية العضوية بحيث تكون الرابطة بين العنصر المعدنى و الجزء العضوى من الجزيئة هى رابطة تناسقية. و يمكن تحضير هذا النوع من البوليمرات من بلمرة مونومرات تحتوى على الأيون المعدنى, و من الأمثلة على ذلك المونومرات الحاوية على الفيروسين.
ثالثا: التصنيف التكنولوجى للبوليمرات
تصنيف البوليمرات وفقا لخواص البوليمر الناتج بالنسبة لتأثره بعملية التسخين
تصنف البوليمرات بالاعتماد على خواصها التكنولوجية و استخدامتها العملية إلى الأصناف التالية :
أ) البلاستيكات المطاوعة للحرارة
و هى مواد بوليمرية صلبة القوام عند درجات الحرارة العادية و لكنها تلين بالحرارة و تتحول إلى ما يشبه العجينةبحيث يمكن تغيير هيئتها باليد, و اذا زيدت درجة الحرارة أكثر فان المادة اللينة تنصهر و تسيل (تسمى ببوليمرات الثرموبلاستيك) و هى تكون معظم البوليمرات التي تستخدم في صناعات البلاستيك و الألياف الصناعية.
و عند التبريد تمر المادة بجميع المراحل السابقة حيث تتصلب تدريجيا حتى تعود ثانيا لتأخذ الحالة الصلبة و لهذا السبب تسمى هذه البوليمرات أحيانا بالبلاستيكات المطاوعة للحرارة. وهنالك العديد من البوليمرات التجارية التي تقع ضمن هذا الصنف نذكر منها: البولى ايثيلين, البولى ستيرين, البولى كربونات, البولى (كلوريد الفينيل), البولى بروبيلين و غيرها.
يتضمن هذا الصنف البوليمرات التي تتغير صفاتها بتأثير درجة الحرارة, فبتأثير الحرارة تتحول إلى منصهرات.
فعندما تقترب درجة الحرارة من درجة انتقالها الزجاجية تصبح مرنة ثم تزداد مرونتها نتحوله إلى منصهرات لزجة. و عند خفض درجة حرارة المنصهر تسترجع جالتها الصلبة القوية.
و تستغل هذه الخاصية فىتصنيع هذا الصنف المهم من البوليمرات, و يعتبر هذا الصنف من أكثر البوليمرات أهمية صناعيا. و من الأمثلة على بوليمرات هذا الصنف: بولى ايثيلين, بولى بروبيلين, بولى ستيرين, بولى (كلوريد الفينيل) و غيرها.
ب)البوليمرات المتصلبة حراريا (غير المطاوعة للحرارة)
و يشمل هذا الصنف البوليمرات التي لا تنصهر بالتسخين و لكن يساعد التسخين على ثباتها في شكلها النهائى (تتصلب بفعل الحرارة و الضغط أثناء تحويل معاجينها إلى الشكل المطلوب في قوالب خاصة) و تسمى ببوليمرات الثيرموست.
تعانى هذه البوليمرات تغيرات كيميائية عند تسخينها فتتشابك فيها السلاسل البوليمرية و تصبح هذه البوليمرات بعد معاملتها الحرارية غير ذائبة و غير قابلة للانصهار رديئة التوصيل للحرارة و الكهرباء.
تستخدم هذه البوليمرات كمواد عازلة للحرارة و الكهرباء و تدخل في العديد من الصناعات الكهربية و المنزلية. و هى تشكل البوليمرات التي تدخل في الاستخدامات الصناعية الخاصة
و من الأمثلة على هذه البوليمرات: راتنجات الفينول فورمالدهيد, راتنجات اليوريا فورمالدهيد و الايبوكسى, و بعض البولى أسترات المتشابكة و غيرها.
صفات البوليمرات المتصلبة حراريا (غير المطاوعة للحرارة)
و تكون هذه البوليمرات:
•معقدة التركيب و متشابكة الجزيئات.
•تمتاز بأنها صلبة القوام و عديمة الذوبان في المذيبات الشائعة.
•ذات مقاومة عالية تجاه الحرارة (غير قابلة للانصهار بفعل الحرارة).
•غير موصلة للحرارة و الكهرباء (رديئة التوصيل), و لذلك تستعمل عادة في صناعة المعدات و الأجزاء العازلة للحرارة و الكهرباء.
تحويل البلاستيكات المطاوعة للحرارة إلى بوليمرات غير مطاوعة للحرارة
و يمكن تحويل البلاستيكات المطاوعة للحرارة إلى البوليمرات غير المطاوعة بطرق كيميائية و فيزيائية.
من الطرق الكيميائية
اضافة بعض المركبات التي تعرف بمركبات شابكة إلى البلاستيكات ثم تسخينها معا فتحدث تفاعلات التشابك بين سلاسل البوليمر مكونة بوليمر متشابك.
من الطرق الفيزيائية
تعريض البلاستيك إلى أشعة ذات طاقة عالية تؤدى إلى حدوث تفاعلات التشابك بين سلاسل البوليمر.
ج)البوليمرات المرنة المطاطية.
د)الألياف.
هـ)اللواصق و المواد الطلائية.
رابعا: التصنيف المعتمد على الشكل البنائى لجزيئات البوليمر
خامسا: التصنيف المعتمد على تجانس البوليمرات
سادسا: تصنيف البوليمرات وفقا لنوع التفاعل الكيميائى المؤدى إلى تكوينه
العوامل المحددة لصفات البوليمر
هناك ثلاثة عوامل مهمة تتوقف عليها صفات البوليمرات وهي:
1-الوزن الجزيئي للبوليمر
إن المركبات العضوية العادية لا تصلح أن تكون مادة بنائية للأجسام النباتية أو الحيوانية لأنها لا تتحمل الضغط وهي عديمة التماسك أو قليلة ! وغالباً ما تكون هشة القوام Brittle ,
أما الأجسام المصنوعة من المواد البوليمرية فتمتاز بالمتانة والمقاومة والدوام. فالجزيئات البوليمرية طويلة السلاسل وكبيرة الحجم وبعضها متفرع (Branched)أو متشابك(Cross linked)الأمرالذي يزيد من صلابتها ومقاومتها كما أن باستطاعة الجزيئات البوليمرية الإمتداد وإملاء الفراغ في إتجاه الإحدثيات الثلاث كما أن المركبات البوليمرية تكون مقاومة للذوبان في المذيبات بسبب أوزانها الجزيئية العالية.
2-طبيعة السلسلة الجزيئية البوليمرية
تركيب الوحدات المتكررة وهندستها ونوعية المجاميع العضوية والأواصر الكيميائية التي تتضمنها الوحدة المتكررة.
كل ذلك يؤثر في الصفات الفيزيائية والكيميائية للمركب بشكل عام، وعلى سبيل المثال نقول أن البوليمرات التي تحتوي على مركبات حلقية في وحداتها المتكررة تكون عادة ذات درجات إنصهار عالية، أو أن البوليمرات التي تحتوي على الرابطة الإيثريةC-O-C ether linkage تمنح المادة قابلية المرونة elasticity وسهولة اللوي (flexibility) دون أن تنقطع ،
مثل خيوط الأقمشة وكذلك مادة المطاط. إن طبيعة الجزيئة البوليمرية هذه ونوعية المجاميع الكيميائية المرتبطة بها تؤثر على مدى قابلية الجزيئات في تكوين التراكيب المتبلورة (Crystalline Structures).
3-القوى الجزيئية
القوى الجزيئية تصنف إلى نوعين:
القوى الضمنية
أي قوى تعمل ضمن الجزيئة نفسهاوتسمى(intermolecular forces).
القوى المؤثرة بين الجزيئات
وهي تؤثر بين الجزيئات المتجمعة للمادة المختلفة، أي أن الجزيئة الواحدة تتأثر بما يحيط بها من جزيئات أخرى وتؤثر هي بدورها عليها، وهي أنواع مختلفة كما يأتي:
أ)تأثير الأقطاب بين الجزيئات(Dipole Effect)
يظهر هذا التأثير في الجزيئات القطبية بصورة خاصة مثل كلوريد الإيثيل (-CH3-CH2δ+C1δ) حيث تكون الجزيئات مستقطبة بسبب تكوين الشحنات الجزئيةالضعيفة(partial charges) والناتجة عن اختلاف ذرة الكلور والكربون في قابلية جذب الإلكترونات.
ولذا فإن الجزيئات المستقطبة تترتب فيما بينها بحيث أن النهايات المختلفة في الشحنة تكون متقاربة والنهايات المتشابههة الشحنة متباعدة.
ونتيجة لتجاذب الأقطاب المختلفة بين جزيئات المركب القطبي تكون درجات انصهارها ودرجات غليانها عاليتين إذا ما قورنت بالمركبات غير العضوية المقاربة لها بالوزن الجزيئي والجدير بالذكر أن بعض محاليل البوليمرات لا تترسب في درجات حرارة الغرفة الإعتيادية بسبب هذه القوى القطبية التي تماسك الجزيئات بعضها بالبعض الأخر.
وعند تسخين محاليل هذه البوليمرات إلى درجة حرارة أعلى، يلاحظ إنها تترسب بسبب تفكيك قوى التجاذب القطبية المسببة للتماسك وإزالة التظيم الموجود.
ب)الرابطة الهيدروجينية(Hydrogen Bonding)
تتكون الرابطة الهيدروجينية في المركبات التي تحتوي جزيئاتها على مجاميع الهيدروكسيل (OH) أو (NH) أو (HF). وتكون هذه المجاميع قوية الإستقطاب بفضل السالبية الكهربية العالية لذرات الأكسجين والنيتروجين والفلور حيث ستقطب ذرة الهيدروجين جزئياً.
تؤثر الروابط المستقطبة هذه على الجزيئة بكاملها حيث تصبح الأخيرة مستقطبة. ففي فلوريد الهيدروجين يلاحظ وجود تجاذب بين جزيئة وأخرى بفعل الروابط الهيدروجينية. ويبلغ مقدار هذا التجاذب حوالي (5) كيلو سعر للمول الواحد وهي طاقة الرابطة الهيدروجينية وتمثل بشكل منقط لتمييزها عن الرابطة العادية.
ت)الأستقطاب بواسطة الحث(Induced Dipole)
عندما تخلط ماداتان إحداهما قطبية والأخرى غير قطبية فإن الجزيئة القطبية تستطيع استقطاب الجزيئات غير القطبية الواقعة حولها بطريقة الحث. إن هذه الطاهرة هي المسؤولة عن ذوبان اليود في الكلوروفورم على سبيل المثال.
عن الكلوروفورم مادة قطبية إلى حد ما وتقوم باستقطاب جزيئات اليود المحيطة بها وبذلك يذوب اليود في الكلوفورم. إن اليود أحد العناصر ذات الذرات الكبيرة في الحجم، ولذلك فإن ذرته لها قابلية كبيرة على الأستقطاب بالحث بسبب حجمها الكبير، بينما الذرات الصغيرة الحجم صعبة الاستقطاب بالحث (induction).
ث)قوى فان درفالز(Vander Waals Forces )
يمكن تقسيم هذه القوى إلى نوعين هما:
1)قوى فان درفالز للجذب ( Vander Waals Attraction Forces )
وتسمى أحياناً بقوى لندن وأحيانا بقوى الأنتشار. وتنشأ هذه القوى عن تجاذب الجزيئات فيما بينها بسبب تكوين أقطاب كهربية مؤقتة على الجزيئات. تنشأ الأقطاب المشحونة والوقتية هذه عن دوران الإلكترونات المستمر حول النواة والتي تؤدي إلى تكوين قطبين مختلفين في الشحنة بشكل مؤقت لا يلبث أن يزول لتتكون أقطاب جديدة في مواقع أخرى من الجزئية. والأقطاب المتكونة هذه والمؤقتة بدورها تستقطب ما يجاورها من الجزيئات بطريقة الحث.
2)قوى فان درفالز للتنافر ( Vander Waals Repulsion Forces )
إن الذرات والجزيئات باعتبارها جسيمات صغيرة لها كتل، ولذلك فهي تخضع لقانون نيوتن الخاص بالجذب، فتوجد بين الذرات والجزيئات المختلفة قوى للتجاذب، تزداد بزيادة التقارب بينها في المسافات ، إلا أن العالم فان درفالز بين أن الجزيئات والذرات تتقارب في حدود معينة بحيث تصل إلى حد يصبح أي تقارب إضافي يؤدي إلى التنافر، وذلك بسبب تنافر النوى الموجبة للذرات.
إن نصف قطر الدائرة المحيطة بالذرة والتي عندها يبدأ التنافر بين الذرات المتقاربة تدعى بنصف قطر فان درفالز ( Vander Waals's Radius ). عند تقارب الذرات من بعضها بحيث تتعدى أنصاف أقطار فان درفالز يحدث تنافراً يدعى ( بقوى فان درفالز للتنافر ).