الفروق بين الكلمات والجُمل المتشابهة
هذه بعض اللمسات البيانية من كتاب الأسئلة
والأجوبة المفيدة في لطائف بعض الآيات القرآنية
للدكتور / فاضل صالح
السامرائي / أستاذ النحو في جامعة الشارقة .
يقول الحق سبحانه في سورة الأنفال: {وَمَا
كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنت َفِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون)
والسؤال هنا لماذا ذكر
الله سبحانه (ليعذبهم) مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-
بينما ذكر
(معذبهم) مع الاستغفار؟ وفي هذا يقول الدكتور فاضل السامرئي: " فقد جاء في صدر الآية بالفعل: (ليعذبهم) وجاء بعده بالاسم (معذبهم) وذلك
أنه جعل الاستغفار مانعًا ثابتًا من العذاب بخلاف بقاء الرسول بينهم فإنه-أي
العذاب- موقوت ببقائه بينهم. فذكر الحالة الثابتة بالصيغة الاسمية والحالة
الموقوتة بالصيغة الفعلية وهو نظير قوله تعالى: **وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا
وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ }القصص59 فالظلم من الأسباب الثابتة في إهلاك
الأمم فجاء بالصيغة الاسمية للدلالة على الثبات. ثم انظر كيف جاءنا بالظلم بالصيغة
الاسمية أيضًا دون الفعلية فقال: (وأهلها ظالمون) ولم يقل: (يظلمون) وذلك معناه أن الظلم كان وصفًا ثابتًا لهم
مستقرًا فيهم غير طارئ عليهم فاستحقوا الهلاك بهذا الوصف السيء.
فانظر كيف ذكر أنه يرفع
العذاب عنهم باستغفارهم، ولو لم يكن وصفًا ثابتًا فيهم، فإنه جاء بالاستغفار
بالصيغة الفعلية (يستغفرون) وجاء بالظلم بالصيغة الاسمية (ظالمون). فانظر إلى رحمة الله سبحانه وتعالى
بخلقه."[2]
*ما الفرق بين
قوله تعالى (والله بما تعملون خبير) و (خبير بما تعملون)؟
إذا كان
السياق في غير العمل ويتكلم عن الإنسان في غير عمل كالقلب أو السياق في أمور قلبية
أو في صفات الله عز وجل يقدم صفة الخبير على العمل، هذا خط عام .
إذا كان السياق في عمل
الإنسان يقدم العمل (والله بما تعملون خبير) يقدم
العمل على الخبرة وإذا كان السياق في أمور قلبية أو عن الله سبحانه وتعالى يقول (خبير
بما تعملون.
نضرب أمثلة حتى تتضح الصورة :
(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ
بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمّ َلَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ
وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ
الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير) (8) التغابن. ذكر العمل فقدمه لأنه ذكر ما يتعلق بالإنسان
وعمله فقدم العمل.
في حين قال تعالى
(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْد َأَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ
قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ (53) النور) النفاق أمر قلبي وليست عملاً فقدم الخبرة )
هذه القاعدة العامة إذا
كان الكلام عن عمل الإنسان يقدم العمل على الخبرة وإذا كان الكلام ليس عن العمل
وإنما في أمر قلبي أو الكلام على الله سبحانه وتعالى يقدم الخبرة.