علي الأكبر .... هو نجل الإمام الحسين (عليه السلام)، ولد في الحادي عشر من شعبان 35 هـ، أو 41 هـ،، أمه السيّدة ليلى بنت أبي مُرَّة بن عروة بن مسعود الثقفي، له من العمر تسعة عشر عاماً سنة على رواية الشيخ المفيد، أو 25 سنة على رواية غيره، ويترجّح القول الثاني لما روي أنّ عمر الإمام زين العابدين (عليه السلام) يوم الطف كان ثلاثاً وعشرين سنة، وعلي الأكبر أكبر سنّاً منه.
كان من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خُلُقاً، يشبه جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلقا وخلقا ومنطقا كما قال ابوه الإمام الحسين (عليه السلام) حينما برز علي الأكبر يوم الطف: (اللَّهُمَّ أشهد، فقد برز إليهم غُلامٌ أشبهُ النَّاس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك).
وفيه يقول الشاعر :
لم تَرَ عَينٌ نَظَرتْ مِثله *** من محتف يَمشـي ومِن نَاعِلِ
كانَ إذا شبَّت لَهُ نارُه *** وقَّدَها بالشَّرفِ الكَامِلِ
كَيْما يراهَا بائسٌ مرملٌ *** أو فرد حيٍّ ليسَ بالأهلِ
أعني ابن ليلى ذا السدى والنَّدى *** أعني ابن بنت الحسين الفاضل
لا يؤثِرُ الدنيا على دِينِه *** ولا يبيعُ الحَقَّ بِالباطِلِ
ولمّا ارتحل الإمام الحسين (عليه السلام) من قصر بني مقاتل خفق وهو على ظهر فرسه خفقة، ثمّ انتبه (عليه السلام) وهو يقول: (إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعُون، والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمين)، كرَّرها مرَّتين أو ثلاثاً، فقال علي الأكبر (عليه السلام): (ممَّ حمدتَ الله واسترجَعت) ؟، فأجابه (عليه السلام): (يا بُنَي، إنِّي خفقتُ خفقة فعنَّ لي فارس على فرس، وهو يقول: القوم يسيرون، والمنايا تسير إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نُعِيت إلينا)، فقال علي الأكبر (عليه السلام): (يا أبَه، لا أراك الله سوءاً، ألَسنا على الحق )؟ فقال (عليه السلام): (بلى، والذي إليه مَرجِع العباد)، فقال علي الأكبر (عليه السلام): (فإنّنا إذَن لا نُبالي أن نموت مُحقِّين)، فأجابه الإمام الحسين (عليه السلام): (جَزَاك اللهُ مِن وَلدٍ خَير مَا جَزَى وَلَداً عن والِدِه).
وحينما لم يبقَ مع الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء إلاَّ أهل بيته وخاصَّته، تقدّم علي الأكبر (عليه السلام)، وكان على فرس له يدعى الجناح، فاستأذن أبَاه (عليه السلام) في القتال فأذن له، ثُمَّ نظر إليه نظرة آيِسٍ مِنه، وأرخَى عينيه، فَبَكى ثمّ قال: (اللَّهُمَّ كُنْ أنتَ الشهيد عَليهم ، فَقد بَرَز إليهم غُلامٌ أشبهُ النَّاس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك).
فشَدَّ علي الأكبر (عليه السلام) عليهم وهو يقول:
أنَا عَليّ بن الحسين بن علي *** نحن وبيت الله أولَى بِالنَّبي
تالله لا يَحكُمُ فينا ابنُ الدَّعي *** أضرِبُ بالسَّيفِ أحامِي عَن أبي
ضَربَ غُلام هَاشِميٍّ عَلوي
ثمّ يرجع إلى أبيه فيقول: (يا أباه العطش) !! فيقول له الحسين (عليه السلام): (اِصبِرْ حَبيبي، فإنَّك لا تُمسِي حتّى يَسقيك رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) بكأسه)، ففعل ذلك مِراراً، فرآه منقذ العبدي وهو يشدُّ على الناس، فاعترضه وطعنه فصُرِع، واحتواه القوم فقطَّعوهُ بِسِيوفِهِم، فجاء الحسين (عليه السلام) حتّى وقف عليه، وقال: (قَتَلَ اللهُ قوماً قتلوك يا بُنَي، ما أجرأهُم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول)، وانهملت عيناه بالدموع، ثمّ قال (عليه السلام): (عَلى الدُّنيا بَعدَك العفا)، وقال لفتيانه: (احملُوا أخَاكُم)، فحملوه من مصرعه ذلك، ثمّ جاء به حتّى وضعه بين يدي فسطَاطه.
استشهد علي الأكبر (عليه السلام) في العاشر من المحرّم 61 هـ بواقعة الطف في كربلاء، ودفن مع الشهداء ممّا يلي رجلي أبيه الحسين (عليه السلام).

^1مقامه (عليه السلام) في كربلاء المقدسة^/1
حظي العراق بإهتمام كبير من قبل محبي أهل البيت (عليهم السلام)، حيث يشد إليه الرحال من كل حدب وصوب لزيارة مراقد اهل البيت (عليهم السلام) المنتشرة في أغلب محافظاته ومدنه، ولعل من ابرزها مدن النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المشرفة وسامراء التي يحج الملايين إليها سنوياً.
ولعل مدينة كربلاء المقدسة التي تضم معالم عظيمة كمرقد الإمام الحسين واخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام)، بالإضافة الى عشرات المقامات والمزارات التي تعود لذرية أهل البيت (عليهم السلام).
ومن تلك المقامات التي لم تشهد في الواقع إهتماما إلا من قبل أصحاب المحلة التي يوجد فيها هو مقام وقوع علي الأكبر عليه السلام عن ظهر جواده في معركة الطف، الذي يقع في نهاية زقاق (الجية) في محلة باب الطاق.
^1كيفية الوصول الى المقام^/1
تدخل في طريق ضيق لا يتجاوز عرضة المتر تسير مسافة عشرين متراً ترى أمامك بناء (ركن) له منارتان وشباك، وترى الحائط الملطخ بالحناء وتشاهد الكثير من القطع الخضراء المعلقة في الشباك التي يضعها الزائرين للتبرك.
^1تاريخ المقام^/1
وعن تأريخ المقام وتوسيعه وما مر عليه من ويلات كمحاولات الهدم والإغلاق حدثتنا حفيدة الحاج محمد كاظم الأسدي قائلة: أنا احكي لكم عن هذا المكان الشريف مكان وقوع علي الأكبر (عليه السلام) في مطلع الثلاثينات كانت القطعة التي وجد عليها المقام عبارة عن خربة مهدمه ذات مساحة كبيرة تصل إلى 800 متر اشتراها جدي أبو والدتي الحاج محمد كاظم الأسدي المعروف (أبو بسامير) وبناها، وأعطى مساحة حوالي 20 متر للمقام أي كما ترونها الآن غرفة مربعة الشكل لها باب جانبي والجهة الأمامية متكونة من الشباك الكبير وفوقه المنارتان، فكان الحاج هو أول من وسع المقام الذي كان سابقاً عبارة عن شباك من الخشب ذو قياسات صغيرة جداً، وعمر المقام لأجل دخول الزوار إليه، فبقي المقام في حياة الحاج كاظم موجود والى حد الآن ونحن أحفاده بقينا على طريقه في خدمة أهل البيت (عليهم السلام) وزوار علي الأكبر (عليه السلام).
^1ضريح علي الأكبر (عليه السلام)^/1
يقع عند رجلي ابيه الإمام الحسين (عليه السَّلام) مباشرة ويضمهما معاً الضريح المسدس الشكل حيث يزداد طولاً عند مرقد علي الأكبر، ويزار بزيارة مخصوصة تنبئ عن عظمته ودوره البطولي في الجهاد الإسلامي المقدس ضد الظلم.