للسيدة فاطمة اسماء عديدة تسمت بها صلوات الله عليها واولاها:
*فَــاطـمَـة (عليــ السلام ــها)
· في العاشر من البحار عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليــ السلام ــه) قال : لما ولدت فاطمة أوحى الله عز وجل إلى ملك فأنطق به لسان محمد (صـ الله ـلـ عليه وآله ــى) فسماها فاطمة ثم قال : إني فطمتك بالعلم , وفطمتك عن الطمث ثم قال أبو جعفر (عليــ السلام ــه) : والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث بالميثاق .
· عن الإمامين الرضا والجواد (عليــ السلام ــهما) : سمعنا المأمون يحدث عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده قال ابن عباس لمعاوية : أتدري لم َ سُميت فاطمة ؟ قال : لا , قال : لأنها فطمت هي وشيعنها من النار سمعت رسول الله (ص وآله) يقوله .
*الـزَّهـرَاء
في العاشر من البحار عن أمالي الصدوق (عليه الرحمة) عن أبن عباس قال رسول الله ( ص وآله) :
وأما ابنتي فاطمة فأنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين , وهي بضعة مني وهي نور عيني , وهي ثمرة فؤادي وهي روحي التي بين جنبي , وهي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها (جل جلاله) زهر نورها لملائكة السموات كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض .
*الصِّـدِّيـقـَة
الصـِدّيـق أبلغ من الصدوق , وقيل الصّديق من كثر منه الصدق , وقيل من لم يكذب قط , وقيل من صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله , كذا في تاج العروس .
وقيل هو المصدق بكل ما أمر الله به وبأنبيائه ويؤيده قوله تعالى
"والـّذينَ آمَنوا باللهِ وَرُسُلِه أُولئكَ هم الصـّدِّيقُـون" [الحديد/19]
هذه التعاريف في معنى الصديق ولكن المستفاد من هذه الآيات أن مرتبة الصديقين في عداد مراتب الأنبياء والشهداء لهم حساب خاص ودرجة مخصوصة بهم كما في قوله تعالى :
"ومَنْ يَطِع اللهَ والرَسُولَ فـَأولئك مَع الـَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَليهِمْ مِنَ النَبيينَ والصّدّيقِين والشُّهَداء والصَّالِحِين وحَسُنَ أَولئكَ رَفِيقاً" [النساء/69]
"وَما المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِـّدِّيقَةٌ" [المائدة/75]
وفي تفسير قوله تعالى "وأمه صديقه" قيل : سميت صديقة لأنها تصدّق بآيات ربها ومنزلة ولدها وتصدقه بما أخبرها به .
وبعد هذا كله سوف يسهل عليك أن تعرف أن السيدة فاطمة الزهراء قد بلغت مرتبة الصديقين , وسماها رسول الله(ص وآله) بالصديقة . كما في (الرياض النضرة ج2 ص202 ) عن النبي محمد (ص وآله) قال لعلي () : أُتيت ثلاثاً لم يؤتهن أحد ولا أنا :
أوتيتَ صهراً مثلي ولم أوت أنا مثلي .
أُوتيت زوجة صديقة مثل أبنتي ولم أوت مثلها زوجة .
وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت مثلهما .
ولـكـنكم مني وأنا منكـم .
*المـُبارَكـة والزّكِـيّـة
البركة والزكاة : النماء والسعادة والزيادة .
لقد بارك الله في السيدة فاطمة أنواعاً من البركات وجعل ذرية رسول الله () من نسلها وجعل الخير الكثير في ذريتها فأنها ماتت وتركت ولدين و أبنتين فقط وهم : الإمام الحسن والإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة أم كلثوم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) , ومع أنهم قُتلوا وشُردوا فقد جعل الله تبارك وتعالى البركة في نسل فاطمة الزهراء () وقد جعل الله منها الخير الكثير .
وفي تفسير قوله تعالى "إنا أعطيناك الكوثر" أقوال للمفسرين , وإن كان المشهور أن الكوثر هو الحوض المعروف في القيامة أو النهر الموجود في الجنة ولكن الكوثر على وزن فوعل وهو الشيء الكثير والخير الكثير .
والأنسب في المقام وبمقتضى الحال _كما في تفسير الرازي_ أن يكون المقصود من الكوثر هي الصديقة فاطمة الزهراء , فقد ذكر الطبرسي في مجمع البيان في تفسير سورة الكوثر , قال : قيل الكوثر هو الخير الكثير وقيل هو كثرة النسل والذرية , وقد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة حتى لا يحصى عددهم , وأتصل إلى يوم القيامة مددهم .
وتصديقاً لهذا الكلام ترى في العالم (اليوم) ذرية فاطمة الزهراء الذين هم ذرية رسول الله (ص وآله) منتشرين في بقاع العالم .
*الـراضِـيـَة المرْضِـيّة
الرضا بما قدر الله تعالى لعبده يعتبر من أعلى درجات الإيمان بالله عز وجل , وقد رضيت السيدة فاطمة الزهراء بما قدر لها من مرارة الحياة .
منذ نعومة أظفارها إلى أن فارقت الحياة في عنفوان شبابها وهي في جميع تلك المراحل راضية بما كتب الله لها من خوف واضطهاد وحرمان وفقر وأحزان وهموم وغموم ومآسي وآلام , ويجدر بها أن يشملها قوله تعالى "يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية" , لأنها راضية بثواب الله , راضية عن الله بما أعد لها , راضية بقضاء الله في الدنيا حتى رضى الله عنها .
وإن درجة المرضيين عند الله تعالى درجة عالية ومنزلة سامية فهناك القليل من عباد الله الذين رضي عنهم فكانوا مرضيين عنده بسبب اعتدالهم وأستقامتهم , ومن جملة الذين فازوا بتلك الدرجة الرفيعة والدرجة الراقية هي سيدتنا فاطمة الزهراء () فأن الله تبارك وتعالى قد رضي عنها , فكانت مرضية عند الله عز وجل , مرضية أعمالها التي عملتها مرضية رضي الله عنها ربها بما عملت من طاعة .
*المُـحَـدّثـَة
قبل كل شيء ينبغي أن نعلم : هل تتحدث الملائكة مع غير النبي؟ وهل يراهم غير النبي؟ أو يسمع أصواتهم؟
للإجابة على هذه الأسئلة نراجع القرآن الكريم للتحقيق عن الجواب الصحيح :
· قال تعالى "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله أصطفاكِ وطهَّركِ وأصطفاكِ على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربكِ واسجدي وأركعي مع الراكعين " [آل عمران/43] .
إن صريح هذه الآية أن الملائكة خاطبت مريم بما مر عليك من كلمات الثناء والكلمات الإلهية , وباليقين أنها كانت تسمع نداءهم وتفهم خطابهم وإلا فما فائدة هذا الخطاب؟ وقيل الذي خاطبها هو جبريل وحده .
· قال تعالى "وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " [هود/71-73] .
إن هذه الآيات تتعلق بمجيء الملائكة إلى دار إبراهيم الخليل () لتبشره بالولد , وكانت زوجته سارة تخدم وتحمل الطعام إليهم ضناً منها أنهم ضيوف فلقد تكلمت مع الملائكة وخاطبتها الملائكة بما مر علينا من الآيات .
· "وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفتِ عليه فألقيه في اليم" [القصص/7] .
وقد ذكر المفسرون معنى (أوحينا) أي ألهمنا , وقذفنا في قلبها , وعلى قول : إنها نوديت بهذا الخطاب .
يقول بعد هذه المقدمات سوف لا يصعب علينا أن نعرف أن السيدة فاطمة الزهراء كانت محدثة , إذ ليست سيدة نساء العالمين وبنت سيد الأنبياء والمرسلين بأقل شأن من مريم بنت عمران أو سارة زوجة إبراهيم أو أم موسى وليس معنى ذلك إنهن كن من الأنبياء , وهكذا ليس معنى السيدة فاطمة الزهراء كانت نبيه .
وقد روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع عن زيد بن على قال : سمعت أبا عبد الله الصادق () يقول : إنما سميت فاطمة محدثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران , فتقول الملائكة : يا فاطمة إن الله اصطفاكِ وطهركِ واصطفاكِ على نساء العالمين .
ولسيدتنا فاطمة الزهراء أسماء كل أسم يدل على فضيلة وميزة امتازت بها السيدة الزهراء منها : البتول , العذراء , الحانية (من الحنان) بسبب كثرة حنانها على أولادها , وكنيتها أم أبيها وهي من أفضل كناها .