لقد صح ما قيل في المأثور أن السمك هو غذاء العقل بل ونستطيع أن نقول أيضاً أنه غذاء الدم والأسنان والعظام وله القدرة على الوقاية من أمراض القلب وإن لم تصدق فاسمع ماذا تقول البحوث الطبية الحديثة بشأن زيت السمك وفوائده الكثيرة التي منها: أنه ذو مفعول قوي على خفض نسبة الكوليسترول الذي يتسبب في تصلب الشرايين، وهو يعمل على تقليل نسبة الدهون بالدم وهي تسبب أمراض القلب، ويعمل على خفض ضغط الدم ويساعد على منع الالتهابات الجلدية وعلاجها، ومنع التهاب المفاصل.
ولعلك تسأل من أين للسمك كل ذلك؟!.
وللجواب نقول: إن السمك مصدر ممتاز من مصادر البروتين بحيث يتفوق على اللحم من هذه الناحية مع أن المدة التي يتطلبها هضم السمك في الجهاز الهضمي هي نفس المدة التي يتطلبها هضم اللحم ولذا فإن الشعور بالامتلاء عقب تناول السمك أقل منه عقب تناول اللحم.
ويمثل السمك مكانة مرموقة بين مولدات الحرارة الغذائية وبعض أنواع تفوق أنواع اللحم من هذه الجهة أيضاً.. إذ إن مائة غرام من الطون تحتوي على 207 حريرات بينما مائة غرام من لحم العجل لا تحتوي على أكثر من 172 حريرة.
ويمتلك السمك مقداراً جيداً من المواد الدهنية، وهذا المقدار يختلف باختلاف نوع السمك، ففي بعض الأنواع تشكل نسبة 1% من وزنه، وفي أنواع أخرى تشكل 2% ولكنها في سمك الطون ترتفع إلى 15% وقد تختلف النسبة في النوع الواحد من السمك باختلاف أوقات توالده وكبره.
ولا يخفى ما للفوسفور من أهمية بالغة في حياة الأنسجة إذ يساعد العمود الفقري والأسنان على النمو كما يحقق التوازن الحامضي الأساسي في الدم واللمف والبول، فإذا تناول الإنسان غذاء ذا فضلات حامضية كالخبز الأبيض أو البيض أو الأرز عمد الفوسفور إلى تعديل هذه الحامضية وبمساعدة الكربونات يتم الفوسفور عملية تعديل ومقاومة الأحماض والقلويات، والسمك يحتوي على مقادير عالية من الفوسفور فالمائة غرام منه تحوي 230 – 240 ملغ فوسفور وترتفع هذه الكمية إلى 750 ملغ في سمك الطون وإلى 563 ملغ في سمك المور.
أما الكالسيوم فإن خمسمائة غرام من لحم العجل أو العجائن الغذائية لا تزيد في محتواها منه عما يوجد في مائة غرام فقط من لحم السمك وإذا ما تناول المرء السمك مع حراشفه - كما هو الحال في سمك السردين - فإن نسبة الكالسيوم ترتفع إلى حدٍّ بعيد.
هكذا نرى أن السمك يمثل مقاماً عالياً بين أنواع الغذاء ولكن ما حقيقة ما يشاع عنه من أن فيه أضراراً؟
والواقع أن السمك ليست له أية أضرار على الإطلاق إذا اتخذت بعض الاحتياطات البسيطة، فهناك من يكونون مصابين بالتحسس (الأليرجي) فيصابون بالأكزما والشري من تناول السمك في معركة مع البروتين الموجود لدى الشخص المصاب بالتحسس، وقد وجد الطب الحل المناسب لهذه المشكلة بإقامة التوازن بين قدرة المريض على المقاومة وبين تأثير البروتين فيه. فإذا استبعدنا هؤلاء المصابين بالتحسس فإن السمك يمكن اعتباره غذاءاً ممتازاً لا محذور إطلاقاً في تناوله؛ وخاصة بالنسبة للأطفال والرضع منهم على وجه أخص حيث يعطى الطفل من (15-20) غراماً منه مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع فإن محتوى السمك من الفيتامينات A وD يعد علاجاً ناجعاً لتقوس الساقين وغناه بالكالسيوم يمنح الطفل أسناناً قوية.
أما المصابون باضطراب أو ضعف الذاكرة فإن الفوسفور الموجود في السمك خير مساعد لهم على التخلص من هذه الحالة فضلاً عن أن السمك يعتبر مقوياً حقيقياً للمخ.