في التكليف الإسلامي الصحيح خلال عصر الغيبة الكبرى

المستوى الخامس:

الدربة والتربية على الاقدام على التضحية في سبيل الحق... ذلك الذي ينتجه العمل الاسلامي، كما سبق ان اشرنا، عن طريق التمحيص الاختياري والاضطراري للافراد، وانتقال التمحيص عن طريق قانون تلازم الاجيال.

اذا عرفنا ذلك، فيحسن بنا ان نرى ان احكام العزلة والجهاد والامر بالمعروف التي عرفناها، ماذا تؤثر في هذا التخطيط، على تقدير اطاعتها، وعلى فرض عصيانها. وهذا ما نعرض له فيما يلي:

أما الفرد المسلم الذي له من الاخلاص والايمان ما يدفعه الى اطاعة احكام الاسلام وتطبيقها في واقعه العملي، فيندفع حين يريد منه الاسلام الاندفاع الى العمل ويعتزل حين يريد منه الاسلام السلبية والاعتزال.

... فهذا هو الفرد الذي سيفوز، بالقدح الاعلى والكأس الاوفى من النجاح في التمحيص الالهي، ويشارك في ايجاد شرط الظهور في نفسه وغيره.

فإن هو اتصل بالمجتمع، فامر بالمعروف ونهى عن المنكر، وحاول الاصلاح في أمة الاسلام... فانه سيشعر عن كثب بفداحة الظلم الذي تعيشه هذه الامة خاصة والبشرية عامة. وسينقل هذا الشعور الى غيره، ويطلع الآخرون بان افضل حل لذلك هو تطبيق الاطروحة العادلة الكاملة المتمثلة بالاسلام.

وان هو جاهد، عند وجوب الجهاد أو مشروعيته.. فهذه الوظيفة الاسلامية الكبرى، تحتوي - كما عرفنا - على جانبين رئيسيين: جانب تثقيفي وجانب عسكري.

فإذا عرفنا ان الجانب التثقيفي، ليس هو مجرد طلب التلفظ بالشهادتين، من غير المسلمين. بل هو متضمن - على ما ينص عليه الفقهاء - عرض محاسن الاسلام، بمعنى اظهار جوانب العدل فيه واثبات افضليته من النظم الاخرى سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وعقائدياً واجتماعياً واخلا قياً... ونحو ذلك... اذا عرفنا ذلك، استطعنا ان نفهم كيف ان الفرد المخلص لدى الجهاد التثقيفي وان المفكر الاسلامي لدى البحث عن بعض جوانب الاسلام... يندفع في تطبيق التخطيط الالهي من حيث يعلم أو لا يعلم.

فان المفكرين الاسلاميين، يسيرون بانفسهم نحو الكمال... اولاً. ويثقفون غيرهم من ابناء أمتهم الاسلامية... ثانياً. ويطلعون غير المسلمين على الواقع العادل للاسلام... ثالثاً. وينفون الشبهات الملصقة بالاسلام... رابعاً. وكل ذلك مشاركة فعالة فعلية في التخطيط الالهي وفي ايجاد شرط الظهور. فان لهذا الجو الثقافي الاسلامي الاثر الكبير في فهم المسلمين لاطروحتهم العادلةالكاملة، واستعدادهم للدفاع عنها، ونجاحهم في الصمود تجاه التيارات المنحرفة وحصولهم على الاخلاص الممحص في نهاية المطاف.